الشباب و مستوى الطموح

بقلم: منذر

يقول جان جاك روسو:
اعطوني عشرة أطفال فأعطيكم الطبيب و المهندس و المعلم و الراعي و الحرفي …. الخ
و الإشارة التي يود روسو التنويه إليها هي أن الطفل يولد صفحة بيضاء نظيفة من كل شيىء و تلعب عوامل كثيرة في إملاء هذه الصفحة بالأحاسيس و المشاعر و الأحلام و الأمنيات و العامل الأكثر أهمية من بين هذه العوامل هو التربية التي يتلقاها الطفل في الأسرة ذلك الوسط الذي يحتك به الطفل منذ ولادته فالتربية التي توجه إلى الطفل في السنين الأولى من عمره تلعب الدور الأكبر في تكوين معالم شخصية الطفل و جعله يكون نظرته الخاصة به نحو شخصيته و نحو الآخرين من أبناء جنسه و حتى نظرته إلى بقية الكائنات و نحو المجتمع الذي يعيش فيه فالأسرة التي تزيد من تدليل طفلها و تقدم له كل ما يطلبه مباشرة دون أي توجيه إلى الضروري و الثانوي من الأشياء تكون السبب في ظهور شخصية إتكالية غير قادرة على الاعتماد على نفسها في أبسط الأمور بل تبقى تتأمل دائماً المساعدة من الأهل و كلنا يلاحظ الكثير من هذا الصنف البشري في العمل و في الشارع …الخ
و مثل هذه الشخصية غالباً تكون أميل إلى الفشل في حياتها العلمية و العملية لأنها في حقيقة الأمر لا تستطيع أن تحدد لنفسها مستوى للطموح الذي بمقدورها أن تحققه فهي في تصورها تستطيع أن تفعل كل شيىء من خلال الآخرين دون العلم بأن هناك أمور كثيرة يعجز الآخرين عن تقديم المساعدة لها لذلك ترى مثل هذه الشخصية تنصدم و تتعثر في أول اختبار فردي لها , أما الأسرة التي توجه طفلها منذ نعومة أظفاره توجيهاً سليماً بأن تبين له معالم الحياة الحقيقية و بأنها ليست سهلة بل يجب أن يعمل الفرد بجد حتى يجد لنفسه مكاناً بين الآخرين في هذا العالم الذي بات فيه الكثير الكثير من التعقيد و الإنسان يجب أن يحاول جاهداً تكوين شخصيته
التي تتلائم مع المجتمع تلك الشخصية المتوازنة القوية القادرة على تحمل أعباء الحياة إن مثل هذه الأسرة تساعد كثيراً طفلها بأن يحدد لنفسه مستوى من الطموح
يستطيع من خلال ما لديه من قدرات قد تعرف إليها أن يحققه دون أن يبذل أي جهد إضافي و يكون مثل هذا الطفل غالباً ناجحاً سواء في حياته العلمية أو العملية حيث تكون نظرته إلى شخصيته نظرة رضى و طمأنينة .
من خلال ما تقدم نتبين بأن الأسرة لها الدور الأكثر أهمية في نجاح أو فشل الطفل الذي بعد حين سيصبح شاباً فكما قال الإمام الشافعي :
نعيب زماننا و العيب فينا و ما لزماننا عيب سوانا لأننا نحن من نوجه الطفل نحو سلوكه الذي يسلكه في حياته فنرى السارق و المتشرد و الفاشل و اللامبالي فتتحول الحياة إلى صراع بين القيم و المبادىء و بين الشذوذ الموجود لدى بعض الناس .
فيجب علينا جميعاً أن نوجه أطفالنا إلى ما هو خير لهم و لنا و للمجتمع أجمع و أن لا نكون السبب في فشل أطفالنا حتى يسود الخير و يعمم كل مكان .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…