توريات محارب قديم

  ياسين حسين

للأسف أني لم أره بقفطانه الاخير،،، حين تلقيت نبأ وفاته.
وفاة آخر محارب مجنون.
حيث بعد النبأ اعددت له من الذاكرة بعض من قصصه حين كان يمر من طرف الجامع الكبير، ناظرا الى قبتها ويعطس ثلاث مرات.

كان يمر من جانب الكنيسة المهجورة، ناظرا الى ناقوسها، ويهز برأسه كأنما يدخل في حوارية معها.
في الصباحات يتوقف عند الباص الوحيد في البلدة الذي يقل آنسات مدارس القرى، كان يحبهم جميعا….
وفي قلبه يشتم السائق.
كان لدينا عاشق واحد،،، وكل فتيات المدينة عشيقاته….
كنا في أيام الدراسة نتجول عند الحدود المطرزة بالاسلاك الشائكة والتي رتقها قطاع الطرق “الجنود”… فنرى محاربنا في الزوايا الخضراء كبوم ينعق على مصير أمة خلقها من أحلامه….
بعد الهدنة واعلانه عن وقف الشتائم “من طرفه فقط” …
أصبح يتجول في القرى كـ(عطار) يبيع أدوات الزينة ولوحات مدورة من الجبس، عليها أسماء آلهة لايدري كنهها غيره…
كل قطعة بخمس ليرات، فباع خمسة قطع واشترى لاحدى حبيباته ربطة شعر، فسرقها منه أطفال الحي….!
واستأنف محاربنا القتال،،، وفي آخر صباح رأيته فيه، كان صوت فيروز ينبعث من مدرسة مجاورة تغني عن تشرين على ما أظن،،، فكان محاربنا يشتم تشرين وأيلول وكانون…
الا حزيران،،، لانه كان موعودا بالزواج في ذلك الشهر…
فغنى له صديقي الفنان (مرق الصيف بمواعيدو….والهوى لملم عناقيدو) ….
ولا من يفي بوعده ،،، مع ذلك المدعى عليه بالجنون…
الذي لم يفلح في شيء….
 سوى أنه كان المعارض الوحيد لجميعنا….
حيث ذهب وعلى شفتيه آخر شتيمة لنا (………..)…!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…