الأرجــوحــة

سردار محمد رشيد
الإهداء : إلى ..  KOMA MÎDYA  …
((   الشخصيات   ))

 

المسـتوى الأول
1- دلشاد :
العمر 27 سنة .
2- ولات :
العمر 27 سنة .
المسـتوى الثاني
1- دلشاد الصغير :
13 سنة .
2- كاوى :
10 سنوات .
3- شيرو :
11 سنة .
4- شيار :
10 سنوات .
5- ليلى :
10 سنوات .
6- سيران :
9 سنوات .
7- جيان :
9 سنوات .

المشهد الأول

( قرية صغيرة تتراءى من بعيد ، المكان أرض واسعة ، دلشاد جالس على صخرة يتأمل القرية ) .
ولات : (بتململ متجهاً نحو دلشاد ) .. الشمس شارفت على المغيب ..!!.. إلى متى سنبقى في هذه الصحاري …؟؟؟!!!
دلشاد : ( سارحاً بفكره لا ينتبه ) …..
ولات : ( مستسلماً وقد جلس بقربه) معها كل الحق يا أخي في أن تقول عنك بأنك أعند شخصٍ في الدنيا … والله إنك لا تمت الإستراتيجية بآية صلة … ولا تدرك مصلحتك … أنك …
دلشاد : ( مقاطعاً وبثقة ) .. أنا حرٌ يا أخي .. الشهادة شهادتي أنا … قلت سأبني عيادتي هنا …. وكفى .
ولات : وكفى … كلام جميل ..!!.. ألست صديقك المقرب .. حدثني .. ما السبب .. ؟؟ لماذا تريد دفن تعبك أو بالأحرى ، دفن تعبنا طوال كل تلك السنين .. في هذه القرى …؟؟؟!!!
دلشاد : ألم أقل لك للمرة الألف بأنني …
ولات : (مقاطعاً باستياء ) .. لا تبدأ من جديد بسرد نظريات التضحية تلك..!! لأنني بالفعل مللت منها… في البداية… مشروع التبرع والمعالجة المجانية … نفذناه هنا …!! ولم أناقشك في ذلك .. ثم مشروع الرحلة.. خالفت رأي الأغلبية وجئت بنا.. أيضاً إلى هنا .. إلى هذه الأراضي القاحلة…. (متباكياً ) وغيرنا، يا حسرة .. ذهبوا إلى الساحل .. أو أرضٍ يرى فيها لوناً أخضر .. ومشروع …
دلشاد : (منتبهاً)لم أكن أعلم بأنني كنت مزعجاً إلى ذلك الحد..؟!!! ( متلاعبا بعواطفه ) .. حتى أنت يا ولات .. صديقي المقرب …!! الذي طالما اعتبرتك بمثابة أخٍ لي.. تقول عني مثل هذا الكلام ..؟؟!
ولات : ( وقد انطوت عليه الحيلة ) .. لا يا صديقي .. لو أقصد ذلك .. ( مواسياً ) .. ولكن .. وبما أنني صديقك المقرب … أليس الحق في أن أعلم .. وأنا شريكك في العيادة …؟؟.. لماذا سأعمل في قرية لا يتجاوز عدد بيوتها ( 40 ) بيت ..؟؟!!!!
دلشاد : يحق لك بالطبع …. ( منتبهاً )كم الساعة الآن ..؟؟
ولات : .. إنها الخامسة والنصف … لماذا تسأل ..؟؟! ( بفرح ).. هل سنعود إلى المدينة …؟؟؟
دلشاد : (مقلداً ) .. هل سنعود إلى المدينة … ( متأملاً ) تعال واجلس بقربي … ألا تريد أن تعرف السبب … سأحكي لك القصة بأكملها…
ولات : ( وهو يجلس ) .. الحمد لك يا ربي .. سينطق أخيراً بتلك الجوهرة …كلي آذان صاغية .. هيا تكلم ..   
دلشاد : (متذكراً بتأثر )..كنت آنذاك في الصف السادس الابتدائي ..وكنا نعيش في تلك القرية(مشيراً إليها)..المهم:…كنا سبعة أطفال.
( الظلام يعم تدريجياً مع ارتفاع صدى صوت أطفالٍ يغنون )

المشهد الثاني

( المكان ساحة قرية ، خمسة أطفال يرقصون على شكل حلقة وهم يغنون )
كاوى : ( ينسل من الحلقة هارباً ومصطنعاً الخوف ) .. أفعى كبيرة .. هناك أفعى ..
( الكل يتشتتون هاربين ،كاوى يقوم بحركات استهزائية ) .. إني أمازحكم فقط يا جبناء …!!
ليلى : ( غاضبة ) .. مرة أخرى .. ( تشير إلى البقية كي يهجموا عليه ثم يطوقونه )
الكل : .. قل .. التوبة .. وإلا ..
كاوى : ( بخوف وهو يقبل إبهامه دليلا ًعلى توبته ) .. التوبة .. لن أعيدها مرة أخرى .. التوبة ..
سيران : ( وهي تجلس ) .. قد تعبت … دعونا نجلس قليلا ً….
جيان : ( لكاوى بانزعاج ) .. أنت دائماً هكذا … تعبث دوماً بفرحنا ….!!!
شيرو : ( منتبهاً ) … تذكرت .. ألم نتفق أن يحضر الكل إلى تلك الحفلة ليلة البارحة …؟؟؟!
ليلى : دلشاد وشيار وسيران .. لم يحضروا …… أما نحن الأربعة فكنّا هناك ..!!
سيران : ( بتململ ) إنها المرة العاشرة التى أخبركم فيها ..!!! كانت لدي مذاكرة …!!!
شيرو : .. وماذا عن دلشاد وشيار ..؟
ليلى : ..حسناً فعلوا .. لقد شعرت بالملل البارحة …كم كانوا يتكلمون كثيراً ….!
لا زال رأسي يؤلمني من أصواتهم العالية …
كاوى : ( ببراءة ) .. صحيح .. أرأيتم ذلك السمين الذي كان يجلس في المنتصف ، إنه يشبه الأشخاص الذين نراهم في تلفاز المختار أحياناً …!!!
جيان : سمعت أخي الكبير يقول .. بأنه رئيس حزب …!!
البقية : رئيس حزب ……..!!!!؟
سيران : .. ما معنى رئيس حزب ..؟؟؟!
ليلى : .. أي أنه أعلى قيمة من المختار .. يا ذكية ….
كاوى : .. ألم تقولي لي البارحة بأن صاحب السيارة هو رئيس حزب .. وقد جاء أكثر من مرة إلى بيتكم …!!؟
ليلى : … هذا صحيح .. الرجل السمين وصاحب السيارة كانا معاً ثم تخاصما فافترقوا ثم أصبح السمين أيضا ًرئيس حزب …!!
جيان : .. أي أنه أصبح هناك رئيسان للحزب ..؟
ليلى : أي أنه أصبح هناك حزبان يا ذكية …!!
سيران : قد فهمت الآن … لهذا السبب يقول أبي: بأن لا نشتري شيئاً من دكان أبا خناف ، لأنه صديق السمين وأبي صديق صاحب السيارة …!!
شيرو : إنني لا أفهم شيئاً … يتخاصمون ويقيمون الحفلات في نفس الوقت .. كم هو معقدٌ أمر الكبار …!!
كاوى : رأسي بدأ يؤلمني من كلامكم الذي لا أفهمه.. مالنا بهم..؟ المهم .. شيار ودلشاد .. فقد تأخروا …!!
جيان : دلشاد يعمل نيابة عن أبيه المريض في دكان عمه البخيل… وكلنا نعلم ذلك …
كاوى : وشيار ….؟؟
ليلى : قد أشترى له خاله صاحب السيارة دراجة هوائية .
البقية : دراجة هوائية …!!!!!!!
ليلى : ..نعم دراجة هوائية .. ولا أظن بأن سيأتي بعد اليوم إلى هنا لأنه منهمكٌ بدراجته ..!!
سيران : ( بتردد ) .. إنه صديقنا … وسيأتي بالتأكيد .
شيرو : ( منسحباً من بينهم والحزن يملأ صوته ) .. ألم نتواعد قبل سنتين، أن نكون معاً.. يداً واحدة..نساعد بعضنا .. نلعب سوية… ونكبر معاً …!!؟ ( على وجوه الكل نظرة يائسة ) .
كاوى : ( هارباً ) .. عقرب .. عقرب أسود … ( البقية لا يتحركون … ) …حسناً … ما رأيكم لو نلعب لعبة الخاتم ريثما يحضران ..؟؟ (محاولاً التخفيف عنهم ) .
جيان : ( وهي تلمح دلشاد ) … دلشاد … دلشاد … ( الكل يستقبلونه بفرحٍ عارم ) .
دلشاد : .. كيف حالكم … سامحوني .. فلقد تأخرت في الدكان … ( منتبهاً ) أين شيار ……..؟؟!!
ليلى : إنه مع دراجته التي أخبرتك عنها .
دلشاد : .. سيأتي .. ما بكم … لا تحزنوا .. هل بدأتم بدوني ..؟
سيران : كلا … كنّا ننتظركم .
شيرو : .. فلنبدأ إذا … ( يجلسون على شكل نسق واحد ، شيرو يقوم من مكانه ) .. أنا أولا ً… أصدقائي الأعزاء .. سأقلد لكم اليوم عمي درويش حين يعاتب أبنه الكبير زوراب ( يؤدي حركات مبالغ فيها ) .. أيها الحمار .. أيها الأحمق .. ماذا أقول لك ها .. ماذا أقول ..؟؟! قسماً عظماً …لو رأيت مرة أخرى سيجارة في يدك…سأضعها في مكان تعرفه جيدا ً… ( يضحك الكل ، ثم تقوم سيران ) .
سيران : … أصدقائي .. أنا وليلى وجيان ، سنغني لكم أغنية حفظناها جيداً ( جيان وليلى وسيران تقفان معاً ثم يبدأن بالغناء )  أمي يا نبع الحنان … أمي يا كل الأمان .. أمي .. أمي ……….  

( يصفق لهم البقية ، ثم يأتي دور كاوى ) .
كاوى : ( يقف قليلاً ثم يهرب ) …كلب ..كلب … ( يفزع الكل ، ضاحكاً ومستعرضاً حركات تدل على النصر ) …. قد انتهيت …. دورك يا دلشاد ….
دلشاد : … معلومة اليوم … هي : اسم قريتنا الحقيقي؟؟… فاسم قريتنا الحقيقي .. هو ( كاني )… وليس النبع …!!! ( مستدركاً ) … حسناً … ما رأيكم لو نتفحص مالنا …؟
البقية : … هيا … ( ينبشون حفرة في أقصى زاوية اليمين من القسم الأمامي للمسرح ) .
شيرو : ( يقف فجأة ويرفع يداه للأعلى ) ………..
كاوى : (منبهاً الآخرين )… أنظروا إلى ذلك المجنون … ماذا تفعل شيرو ..؟؟!!
شيرو : … إنني أدعو إلى الله … كي يزيد مالنا .. إن دعوات الأطفال مستجابة.. وأخوتي البنات يرغمنني دوما ًكي أدعو لهم …                                                                         
كاوى : .. تعال وساعدنا.. تعال .. ولا تقف كتمثال…. لو كان دعائنا مقبولا ً, لكنّا خرجنا إلى الطبيعة في نوروز السنة الماضية …  
دلشاد : ( يعد قطع نقدية، البقية يصغون إلى صوت دلشاد وصوت القطع النقدية باهتمام ) إنها 941 ليرة…
شيرو : اليوم ليرتان مني ….
جيان : ومني ليرة واحدة ….
ليلى : ومني ثلاثة … 

كاوى : ( ممازحاً ) .. خسارة … خذوا … اثنتان مني … ولكنها ليست من قلبي …!! 

دلشاد : ….إذن من أين .. ؟؟؟ ( يضحك الكل ) .
سيران : ( بخجل ) أنا آسفة …قد اشتريت ورقة مذاكرة … ولم يبقى مع شيء ….
دلشاد : … لا بأس يا سيران … ومني خمسة … صار المجموع 954 ليرة ……….!!
كاوى : ( مفكراً ومبتعداً عن المجموعة ) .. ألف .. ألفان … ثلاثة ….
جيان : بماذا تفكر يا ذكي …؟؟!
كاوى : … أنا الآن في الصف الرابع …. وحين أصبح في الصف السادس ، نستطيع أن نشتري دراجة…نستطيع أليس كذلك …؟؟ ( يوجه السؤال لهم والبقية يهزون رؤوسهم بالنفي ) …
لا نستطيع .. كنت أمزح … ( بخجل ) .
دلشاد : يا كاوى … إن هذا المال لجميعنا … جمعناه كلنا كي نشتري الأرجوحة .. وقد حرمنا أنفسنا من أشياء كثيرة في دكان المدرسة ودكاكين القرية … فقط كي نشتريها …
سيران : .. دلشاد محق .. أليس كذلك … ؟ ( للبقية ) .
البقية : بالطبع .
شيرو : .. وماذا عن شيار … يا دلشاد ..؟
ليلى : .. أظن بأنه لن يلعب معنا مجدداً ….
جيان : .. ما رأيكم لو نذهب إلى بيته ..؟؟
كاوى : ( بسرور ) .. لنذهب .. ربما يعيرني دراجته قليلاً …
دلشاد : … حسناً .. لكن دعونا نعيد المال إلى مكانه …
( يردمون الحفرة ثم يخرجون )   

المشهد الثالث
دلشاد : ( وهو يقوم من مكانه )… دعنا نذهب… قد حل الظلام.

ولات : ( ممسكاً بيده محاولاً إجلاسه ) .. إلى أين …!!؟.. أكمل .. دعك من الظلام … أكمل القصة …
دلشاد : ( بلهجة تحذير مازحة ) ..هناك الكثير من الكلاب في القرية …. وأخشى ..                 
ولات : ( منتفضاً من مكانه وملتفتاً حول نفسه) …كلاب..!!!.. لنذهب … ألا تعلم بأنني أكره الكلاب …. لنذهب ….. هيا بسرعة …
دلشاد : هيا إذاً … يا لك من رجل ..!!
ولات : … والكلاب …. أأأقصد …. القصة ..؟
دلشاد : ( ضاحكاً ) سأكملها لك على الطريق …
( يخرجــان )

المشهد الرابع

( منظر عام للقرية )
كاوى : سأذهب لأناديه  … انتظروا هنا … سنأتي حالاً …

( البقية يلتفون حول دلشاد )   
سيران : ماذا ستقول له … ؟
ليلى : هل سيعود إلينا مرة أخرى …؟
شيرو : أظنه سيأخذ كاوى من بيننا أيضاً …
جيان : لا تقل ذلك … صحيح أن كاوى يريد أن تكون له دراجة ولكنه لن يتخلى عنّا من أجلها ..
دلشاد : يا أصدقاء … شيار صديقنا منذ البداية … وقد كان معنا دوماً… ولم يتغيب عنّا مرة واحدة .. حتى عندما جاء خاله لأول مرة إلى القرية ، أعطانا شيار 50 ليرة .. ألا تذكرون ..!!؟   
سيران : لقد جاءوا … ( يدخل شيار ومعه كاوى واضعاً ذراعه فوق كتف شيار )
دلشاد : مبروك شيار بشأن الدراجة …
شيار : شكراً …
شيرو : لماذا لم تأتي اليوم إلى شجرة الكينا … ؟
شيار : كنت أصلح دراجتي …
كاوى : (بطفولة زائدة )كان يغسلها الآن يا أصدقاء… إن مقودها مستقيم … حتى أنها تستطيع تسلق تل القبور … إنها جبلية كما يقول شيار …
جيان : (ترمق كاوى بعينيها كي يأتي إلى جانبها)… جبلية.. ها…
سيران : هذا يعني بأنك لن تأتي بعد اليوم …
ليلى : بل سيأتي … لكنه مشغول بدراجته هذه الفترة …
دلشاد : حسناً … سننتظرك قرب شجرة الكينا غداً .
كاوى : لا تنسى أن تحضر الدراجة معك …
الكل : إلى اللقاء … ( يهمون بالخروج )
شيار : ( بتردد ) … انتظروا … أ أ أ … لن آتي غداً …
شيرو : ألم أقل لكم …!
دلشاد : ( لشيرو ) دعنا نسمعه.. ( لشيار) .. ولماذا ياصديقي..؟!
شيار : سأذهب وأخوتي مع خالي إلى المدينة …
ليلى : ( بتفاؤل ) بعد غد .. إذا …
شيار : لا … لا… سأبقى هناك في بيت خالي … أمي تناديني سأذهب … ( يخرج مسرعاً )
دلشاد : … والأرجوحة يا شيار…؟؟! ( الكل يتجمد في مكانه ) ما بكم يا أصدقاء … كنا سبعة أصبحنا ستة … أضحك يا كاوى .. شيرو ألا تقول دوماً بأنه لا فرق بيننا وبين الرجال إلا بالطول فقط … وأنتم يا بنات ما بكم … ألا تقولون دوماً .. أنتم الثلاثة .. بأنكم ستشترون الأرجوحة حتى لو بقيتم وحدكم …
كاوى : … ضاعت الأرجوحة …
شيرو : .. حين يكون عددنا أقل .. يكون الأمر أكثر صعوبة …
دلشاد : .. معاً … سنفعلها.. سنشتري الأرجوحة… اضحكوا …
ليلى : .. كم أكره خاله صاحب السيارة … إنه السبب …!!
سيران : .. والرجل السمين أيضاً .. إنهما لا يحملون إلا البلاء لقريتنا ..!!!
جيان : ..حسناً .. يا أصدقاء .. أظن بأننا قد تأخرنا عن بيوتنا… فلنذهب وغدا ًنلتقي عند شجرة الكينا.. أنا ذاهبة… ( للبنات ) .. ألن تأتوا معي ..؟
ليلى ، سيران : … بلا .. نستأذن … ( يخرجون ) .
كاوى : ( بأسى ) … ضاعت الأرجوحة …
دلشاد : ( بعصبية ) .. قلت لك بأنها لن تضيع .. ( يخرج ) .
شيرو : … هيا يا كاوى … لنذهب … هون عليك ..
كاوى : ( بأسى ) …. سأشتاق إلى شيار ……
شيرو : … لا بأس … هيا بنا … ( يخرجان ) .
المشهد الخامس

(سيران وليلى وكاوى وشيرو جالسون في ساحة القرية والحزن بادي عليهم ) .
                
جيان : ( وهي تدخل ) … مرحباً يا أصدقاء … ( لا أحد يرد ) … ما بكم ..!!؟… فهمت .. إنها لعبة جديدة من ألعاب كاوى … لا تردون … حسناً …. عقرب .. عقرب …. أووف .. ما بكم … سيران ، ليلى حتى أنتما …!!!؟
شيرو : ( بأسى ) …. دلشاد .. إنه ..
جيان : .. ما به دلشاد …!!؟ 
كاوى : (باكياً ) .. لقد … مات أبوه …
جيان : ماذا… ؟؟؟! (مصعوقة وهي تجلس إلى جانبهم ) …متى حدث ذلك …؟
سيران : اليوم صباحاً .. حين كنّا في المدرسة .
ليلى :…وأنا الأخرى…كنت أظن بأنه عاد من دوننا إلى القرية…
كاوى : المسكين … عاد إلى البيت في الحصة الثانية ..
جيان : .. وماذا فعلتم ..؟
شيرو : وماذا نستطيع نحن الصغار أن نفعل .. لقد دفنوه و انتهى الأمر..
جيان : .. أقصد …. ماذا عن دلشاد ….؟
ليلى : .. كنّا ننتظرك لنذهب إليه معاً …
سيران : ..فلنذهب إذا…
( يخــرجون )

  المشهد السادس

( غرفة في بيت ويبدو من الأثاث الغير مرتب أنه قد انتُقِل إليه حديثاً ) .                             
ولات : ( بتأثر ) .. أنا آسف يا دلشاد .. لأنني ذكرتك بماض

أليم ….

دلشاد : ( ويحبس دموعه بصعوبة ).. لا عليك … لكنني .. أردت أن أكون ككل الأطفال …. كمعظمهم .. أن يكون لي أب يقبلني حين أنجح في شيء ما … وحين أتخرج … حتى في حفلة خطوبتي .. أردته أن يكون حاضراً ……..
ولات : ( مواسياً ) هذا هو حال الدنيا يا صديقي .. تسرق منّا الكثير ، ولكنها تعطينا شيء في المقابل .. فتلك ليلى مثلاً … كلنا نحسدك على حبها لك … ثم أنك طبيب أطفال و…. 
دلشاد : …حسناً…لندع هموم الماضي جانباً..ألا تشعر بالجوع..؟ سأحضر العشاء .. ( يهم بالخروج )
ولات : إلى أين… تعال .. وبقية القصة ..!!؟؟؟
دلشاد : ( وهو يبحث في الصناديق المتناثرة هنا وهناك ) … سأعطيك شيئاً … انتظرني قليلا … خذ هذا الدفتر …
ولات : … دفتر ..! لم نصدق كيف أنهينا الدراسة وتعطيني دفتر مذكرات …!!
دلشاد : (وهو يقرأ في الكتاب ) .. نعم… أنظر .. قد وصلت إلى هنا .. أبدأ من هنا .. لا طاقة لدي في المزيد من الكلام عن الماضي .. فاعذرني .. سأذهب كي أحضِّر العشاء ..
ولات : ..حسناً … هاته .. ( يخرج دلشاد وولات يبدأ بالقراءة بصوت مسموع )
وكالعادة كانوا يجتمعون ولكن بدوني..مدة أسبوع كامل وفي اليوم الثامن على رحيل أبي رحمه الله…

( ظــلام )

المشهد السابع

( المكان ساحة القرية والأطفال كلهم جالسون باستثناء كاوى الذي يروح ويجيء بتوتر)       
ليلى : ألن تجلس قليلا ً… لقد أصابتني الدوخة ..
كاوى : ( مفكراً ) ماذا أستطيع أن أفعل؟..ماذا أستطيع أن أفعل؟ ..
سيران : قل له شيئا ياشيرو …
شيرو : ( لكاوى ) كلنا مستاءون مثلك … لكن دعنا نفكر بما سنقوله له .. وكيف سنقنعه … ؟
كاوى : ( واثباً ) .. وجدتها … سنهدده بأننا لن نتكلم معه مرة أخرى … لا أستطيع أن أتخيل بأنه سيترك المدرسة .. وهذا يعني بأنه سيتركنا أيضاً فيما بعد … لقد أصبحنا خمسة …
سيران : دلشاد لن يتركنا …حتى ولو ترك المدرسة .. ألا تذكرون وعودنا …؟؟!
شيرو : .. ولكن لا تنسي بأن الدراسة وعد ٌمن وعودنا …
ليلى : ( مستدركة ) المهم .. هل جلبتم ما اتفقنا عليه ….؟؟.. ها هي الحقيبة المدرسية التي اشتريتها ولم استعملها .. قد جلبتها …
كاوى : وأنا أحضرت له دفترين وقلم رصاص ..
سيران : .. وأنا الأخرى أحضرت له دفتراً وقلمين ملونين …
شيرو : .. أما أنا فأحضرت له جوربين … ( يدخل شيار فجأة ) 

 شيار : … ومني له هذا الحذاء ..

ليلى : ماذا تفعل هنا …!؟
سيران : ألم تقل بأنك لن تأتي بعد الآن..؟
شيار : ( ببراءة ) سامحوني … يا أصدقاء … أنني مشتاق لكم جميعاً … وأتمنى أن تقبلوني بينكم من جديد …كنت أتصرف بأنانية وكنت ..
كاوى : ( مقاطعاً ) لقد كان الحذاء فكرتي ..
شيار : أرجوكم سامحوني .. ( البقية صامتون ) هل سوف تسامحونني …؟؟؟
شيرو : بشرط …
شيار : ( بفرح ) …. قل ما هو ؟  

شيرو : أن تضع خمس ليرات في حصالة المال ( ممازحاً )

شيار : ( بسرور ) سأضع عشرة بدلا ً عن خمسة … صحيح … ماذا تفعل جيان عند الساقية …؟           
سيران : إنها تنتظر دلشاد …… لكي تُعلِمنا حين يأتي ….
ليلى : … وجدتها!!!
كاوى : ( وهو يلتفت حوله ) …. ماذا وجدت …؟؟
ليلى : … وجدتها … وجدتها …
شيرو : ماذا وجدت يا مجنونة …؟؟
ليلى : … المال …
شيار : أيُّ مال ..؟؟
ليلى : مالنا …. مالنا الذي نجمعه ..
سيران : ما به مالنا …؟
ليلى : ( تحفر الأرض والكل متفاجئون وينظرون إليها ) لقد صار المجموع 1037 ليرة …. إنه مبلغ جيد … سنعطيه لدلشاد
كهدية …!!
كاوى : .. والأرجوحة … ( مفكراً ) .. ولم لا …..
شيرو : إنها أفضل فكرة خرجت من رأسك الصغير حتى الآن
يا ليلى … ( جيان تدخل لاهثة )             
جيان : لقد أتى … ماذا هناك …. ؟؟!لم أنتم فرحون هكذا …!
شيار : قد قررنا …
سيران : …أن نعطي مال الأرجوحة …
كاوى : … لدلشاد .
جيان : إنها فكرة رائعة … ( يدخل دلشاد )
دلشاد : مرحباً يا أصدقاء … كيف حالكم …؟ شيار أنت هنا… !!؟ كيف حالك ..؟
شيار : ( بخجل ) أنا بخير بينكم ..
دلشاد : أسف على تأخري .. فلقد نظفت الدكان كله .. لأنه بقي مغلقاً أسبوعاً كاملا ً..
سيران : أرجوك أجلس هنا قليلاً ..
دلشاد : حسناً سأجلس … ولكن ماذا هناك ..!؟ ( يلتف الأطفال حوله )
كاوى : هذه منّا لك .. لكي لا تترك المدرسة ..!
جيان : (متوسلا ً) أرجوك يادلشاد… لا تترك المدرسة.. ألم نتواعد على ذلك..؟
دلشاد : ولكن ياأصدقاء ..
شيرو : (مقاطعاً ) ولكن ماذا ..كنت دوماً تقول بأن دراستنا هي أهم شيء لنا ..
شيار : ( بتوسل ) أرجوك يادلشاد.. أنت من زرعت فينا كل هذه الأشياء الجميلة ..
دلشاد : ( وهو يقوم من مكانه ) أريد أن أبقى معكم في المدرسة.. ولكن أبي مات وأمي وأختي كيف سيعيشان إذا لم أعمل في الدكان… وكي لا يموت حق أبي فيه كما يقول المختار , ولكنني أشكركم على هذه الهدايا فأنا سعيد بها جداً ..
ليلى : ( وهي تعطيه المال ) خذ هذه أيضاً … لكي تـدرك بأننـا جادون ..!
دلشاد : ما هذا ؟ …. من أين أحضرتم هذا المال …؟!
سيران : إنه مالنا جميعاً ….
دلشاد : (مصعوقاً ) .. والأرجوحة …….؟!!!
كاوى : .. لا نريدها … نريدك أنت …
جيان : … الأرجوحة لن تموت … ستنتظرنا ….
شيار : .. أرجوك يا دلشاد .. لا تترك المدرسة … اعمل بعد دوامها .. وسنساعدك أنا وكاوى وشيرو …
دلشاد : ( يبكي فرحاً ) .. أشكركم يا أصدقاء … أشكركم .. لن أتركها … أعدكم …
كاوى : ( منتبهاً ) … بشرط ..
الكل : … كاوى …!!! ( وهم ينظرون إليه بعتب وحياء ) .
كاوى : … ما بكم … !! ( لدلشاد)..نريد وعداً منك بأنك حين تكبر…أن تشتري أرجوحة للقرية..إذا لم نستطع شرائها…(للبقية ) هل توافقونني …؟
البقية : موافقون … ما رأيك يا دلشاد …؟
دلشاد : (بسرور) … أعدكم يا أصدقاء … أعدكم …. فلنذهب إلى بيتنا … هيا …
( يخرجون وهم يغنون ويهتفون )
المشهد الأخير
( ولات وهو يقرأ منسجماً وبصوت مسموع )  
ولات : وهتفنا وغنينا وكأننا كنّا في مظاهرة …!!.. إلى أن وصلنا إلى بيتنا ….
– كنت في المدينة يوم جاءني خبر وفاة كاوى وهو في السادسة عشر من عمره ، حيث تفجرت به قنبلة قديمة على الحدود …!!
أما عن البقية في الوقت الحالي :
شيار يُدرس في مدرسة القرية وله طفل أسماه كاوى …
وشيرو يقبع في السجن منذ ثلاث سنين .. بسبب كتابه الأخير..
( رؤيا ) …
وسيران تزوجت بأحد أقاربها في أوربا منذ سنتين تقريباً.. وسافرت إلى هناك ولا زالت تراسلني …
والمسكينة جيان لا أحد يعلم ما حل بها .. فقد اختفت منذ أربع سنين …!!.. وبحثنا عنها طويلاً لكننا لم نجدها حتى الآن …. وليلى .. هي الآن محامية ناجحة ..
وأنا الأخر .. طبيب أطفال ..!!.. بفضل أطفال الأرجوحة ….
( كنا صغاراً .. كبرنا ….
كان الحلم أرجوحة .. كبر معنا .. أصبح وطناً … ) …
دلشاد ناسو
القامشلي 24/5/2003م
( متنهداً ) .. الأرجوحة …. ( وهو يقوم من مكانه منادياً دلشاد ) … ألم تنتهي بعد …؟؟
صوت دلشاد : .. هل انتهيت من القراءة ..؟.. تعال وساعدني ..
( النهايــة )

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…