فرحان مرعي
لمعرفة هذا الخلل لا بد من تفكيك هذه البنية وتشخيصها حتى نستطيع الوقوف على نقاط الخلل والزلل ومعالجتها ان امكن في خطة زمنية طويلة الامد وخاصة ان الازمة بنيوية اجتماعية شاملة .
لمعرفة هذا الخلل لا بد من تفكيك هذه البنية وتشخيصها حتى نستطيع الوقوف على نقاط الخلل والزلل ومعالجتها ان امكن في خطة زمنية طويلة الامد وخاصة ان الازمة بنيوية اجتماعية شاملة .
المجتمع الكردي في كردستان سوريا مكون قومي اصيل، فئوي، متعدد البنى، منسجم وغير منسجم في الوقت نفسه، منسجم دينياً لأنه يعتنق الدين الاسلامي بأغلبية مطلقة مع تواجد طائفة ايزيدية قليلة العدد، مدى ارتباطه بالدين معتدل، شكلي في ممارسة الطقوس، معتنق بالوراثة، غير متعمق في الفقه الاسلامي لا يغوص عميقاً في تفكيك النص الديني وبالتالي لا يتقيد بالنص حرفياً، وهذه نقطة ايجابية يحسب له لأن التشدد الديني ينطلق من التفسير الحرفي للنص دون اعتبار للبعد التاريخي والزمن الذي وجد فيه .
وهو ايضاً- أي المجتمع الكردي- مجتمع عشائري يعني حكماً زراعي الى ابعد حدود، كل عشيرة بمثابة دولة ذات سيادة لها حدود جغرافية تاريخية شبه مستقلة، تجاري مدني الى حدود معينة، سياسي ذو عقلية عشائرية، ومثقف ذو مرجعية سياسية،
في المحصلة المجتمع الكردي في سوريا مجتمع ديني – عشائري مشبع بالثقافة السياسية ،ولا يخلو الامر من طفرات ثقافية ابداعية هنا وهناك وبرجوازية ضعيفة مستهلكة غير فعالة .
ان الثورة السورية كشفت هشاشة المجتمع الكردي وعدم انسجامه السياسي والاجتماعي وكشفت عن وجود خلل في بنية هذا المجتمع، اذاً اين الخطأ والخلل ؟
ذكرنا في البداية ان المجتمع الكردي مجتمع ديني ،عشائري، زراعي… ومعلوم ان هذه المجتمعات بحاجة دائماً ان تحكمها او تديرها كاريزمات اجتماعية تلتف حولها الناس بعكس المجتمعات الصناعية حيث كل شخص كاريزما يستطيع ان يقود المجتمع، المجتمع الكردي يفتقر الى هذه الكاريزما حالياً، رغم انه في بدايات القرن الماضي كان يضم مجموعة كاريزمية داخلية عشائرية اجتماعية وطنية بالأضافة الى عائلات كردية عريقة قدمت من كردستان تركيا كالعائلة البدرخانية ساهمت في نهوض قومي ثقافي كردي متميز، فمثلاً على طول الحدود التركية شمالاً او جنوب كردستان تركيا كان يحكم هذا الحدود كاريزما جغرافية اجتماعية من سري كانييه حيث كيكان وملان ف هفيركان وآليان وميران الى عين ديوار ، وكان يشرعن لهذه المكونات عادة الطرق الدينية المتمثلة بالطريقة النقشبندية العلوانية والطريقة الخزنوية ،الاولى كانت دينية اكثر صرامة والثانية دينية ودنيوية ولذلك منها خرج الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي الذي اغتيل على خلفية اعتداله الديني على يد النظام البعثي السوري ، وتقدمت الزعامات الكردية وبعض المثقفين والتجار في تلك المرحلة عام 1928بعريضة متقدمة قياساً الى تلك المرحلة – الى اجتماع الجمعية التأسيسية في دمشق وطالبوا بالاستقلال الذاتي للشعب الكردي في سوريا اسوة بباقي الكيانات الموجودة في سوريا … ولكن الطموحات الكردية لم تتحقق في ذلك الوقت بسبب تأخر الكرد حضارياً واقتصادياً وتقاطع المصالح الدولية انذاك وخاصة الفرنسية والتركية .
كان من المفروض والطبيعي في مسار حركة التاريخ ان تتحول تلك المرحلة الى نشوء مقدمات المجتمع البرجوازي ونشوء برجوازية وطنية على مستوى السوري بشكل عام والكردي بشكل خاص تقود عملية بناء الدولة القومية ولكن هذه المسيرة توقفت وانقطعت مع استيلاء العسكر الفلاحي على حد تعبير عبد الرزاق عيد على السلطة في سوريا منذ عام 1958 وتجذرها عام 1963 مع مجيء البعث النازي ، لقد حارب البعث الكرد ايديولوجياً وسياسياً واقتصادياً وخرب بنيته الاجتماعية واهينت الرموز الكردية ، وتم قتل بذور نشوء المجتمع البرجوازي الكردي والسوري عموماً بطريقة التأميمات التعسفية والشعارات الشعبوية وحكمت باسم الشعب والجماهير عن طريق فئات جاءت من قاع المجتمع ، وصورة سوريا اليوم وما يحدث لها من ويلات وخراب هو نتيجة طبيعية لذلك الدور القذر التي لعبته الايديولوجية البعثية النازية والشيوعية الفاشية .
لو قارنا هذه الحالة – حالة الكرد في كردستان سوريا – مع الحالة الكردية العراقية لوجدنا بروز زعامات كردية وطنية ،بارزانية وطالبانية ،استطاعت استقطاب الشعب الكردي في كردستان العراق والوصول به الى ما وصلت اليه رغم مخاضات عسيرة ودماء غزيرة ، ان افتقار الكرد في سوريا الى مثل هذه القيادات دفعتهم الى البحث عنهم خارج الحدود والدوران حول المحاور المختلفة مما افقدهم الارادة الحرة والاستقلالية المطلوبة والقدرة على توحيد الصف ورسم خارطة الطريق المطلوبة لتحقيق المصلحة الكردية الحقيقية .
في المحصلة المجتمع الكردي في سوريا مجتمع ديني – عشائري مشبع بالثقافة السياسية ،ولا يخلو الامر من طفرات ثقافية ابداعية هنا وهناك وبرجوازية ضعيفة مستهلكة غير فعالة .
ان الثورة السورية كشفت هشاشة المجتمع الكردي وعدم انسجامه السياسي والاجتماعي وكشفت عن وجود خلل في بنية هذا المجتمع، اذاً اين الخطأ والخلل ؟
ذكرنا في البداية ان المجتمع الكردي مجتمع ديني ،عشائري، زراعي… ومعلوم ان هذه المجتمعات بحاجة دائماً ان تحكمها او تديرها كاريزمات اجتماعية تلتف حولها الناس بعكس المجتمعات الصناعية حيث كل شخص كاريزما يستطيع ان يقود المجتمع، المجتمع الكردي يفتقر الى هذه الكاريزما حالياً، رغم انه في بدايات القرن الماضي كان يضم مجموعة كاريزمية داخلية عشائرية اجتماعية وطنية بالأضافة الى عائلات كردية عريقة قدمت من كردستان تركيا كالعائلة البدرخانية ساهمت في نهوض قومي ثقافي كردي متميز، فمثلاً على طول الحدود التركية شمالاً او جنوب كردستان تركيا كان يحكم هذا الحدود كاريزما جغرافية اجتماعية من سري كانييه حيث كيكان وملان ف هفيركان وآليان وميران الى عين ديوار ، وكان يشرعن لهذه المكونات عادة الطرق الدينية المتمثلة بالطريقة النقشبندية العلوانية والطريقة الخزنوية ،الاولى كانت دينية اكثر صرامة والثانية دينية ودنيوية ولذلك منها خرج الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي الذي اغتيل على خلفية اعتداله الديني على يد النظام البعثي السوري ، وتقدمت الزعامات الكردية وبعض المثقفين والتجار في تلك المرحلة عام 1928بعريضة متقدمة قياساً الى تلك المرحلة – الى اجتماع الجمعية التأسيسية في دمشق وطالبوا بالاستقلال الذاتي للشعب الكردي في سوريا اسوة بباقي الكيانات الموجودة في سوريا … ولكن الطموحات الكردية لم تتحقق في ذلك الوقت بسبب تأخر الكرد حضارياً واقتصادياً وتقاطع المصالح الدولية انذاك وخاصة الفرنسية والتركية .
كان من المفروض والطبيعي في مسار حركة التاريخ ان تتحول تلك المرحلة الى نشوء مقدمات المجتمع البرجوازي ونشوء برجوازية وطنية على مستوى السوري بشكل عام والكردي بشكل خاص تقود عملية بناء الدولة القومية ولكن هذه المسيرة توقفت وانقطعت مع استيلاء العسكر الفلاحي على حد تعبير عبد الرزاق عيد على السلطة في سوريا منذ عام 1958 وتجذرها عام 1963 مع مجيء البعث النازي ، لقد حارب البعث الكرد ايديولوجياً وسياسياً واقتصادياً وخرب بنيته الاجتماعية واهينت الرموز الكردية ، وتم قتل بذور نشوء المجتمع البرجوازي الكردي والسوري عموماً بطريقة التأميمات التعسفية والشعارات الشعبوية وحكمت باسم الشعب والجماهير عن طريق فئات جاءت من قاع المجتمع ، وصورة سوريا اليوم وما يحدث لها من ويلات وخراب هو نتيجة طبيعية لذلك الدور القذر التي لعبته الايديولوجية البعثية النازية والشيوعية الفاشية .
لو قارنا هذه الحالة – حالة الكرد في كردستان سوريا – مع الحالة الكردية العراقية لوجدنا بروز زعامات كردية وطنية ،بارزانية وطالبانية ،استطاعت استقطاب الشعب الكردي في كردستان العراق والوصول به الى ما وصلت اليه رغم مخاضات عسيرة ودماء غزيرة ، ان افتقار الكرد في سوريا الى مثل هذه القيادات دفعتهم الى البحث عنهم خارج الحدود والدوران حول المحاور المختلفة مما افقدهم الارادة الحرة والاستقلالية المطلوبة والقدرة على توحيد الصف ورسم خارطة الطريق المطلوبة لتحقيق المصلحة الكردية الحقيقية .
في النتيجة لو قدرت للثورة السورية النجاح لاستطاعت اعادة قطار التطور الى سكتها الطبيعية واعادة تركيب المجتمع الى اسسه الطبيعية، ولكن تعثر الثورة وصعوبة تحقيق الاهداف التي نادت بها في البداية تجعل من مهمة اعادة التوازن والانسجام الى المجتمع الكردي امراً صعباً ومعقداً ،وهنا وفي هذه الحالة ينتظر المجتمع حلولاً من الخارج اقليمياً ودولياً للأخذ بيده الى مسارات معينة دون ارادته