لاشك أن الأدب الكردي ثري جدا بالأسماء الأدبية التي أنتجت كتابات أدبية تعتبر ثروة روحية فكرية وإنسانية للشعب الكردي , هذا الشعب الذي حرم كثيرا نتيجة الاضطهاد الذي لحق به , واحد هؤلاء الأدباء الكرد الذي لم يأخذ حقه في الصحافة هو الكاتب والشاعر والأديب الذي دون مأساة (حريق سينما عامودا) الملا أحمد نامي, نحاول هنا مقاربته لعلنا نذكر أصحاب الشأن للاهتمام به أكثر .
إذا من هو هذا الكاتب والشاعر:
إنه ملا أحمد نامي بن محمود ووالدته خضرة من قرية (اربتي) مدينة نصيبين مواليد 1906 كردستان تركيا وكان عمره سبع سنوات بدا بالدراسة الدينية في المدارس الدينية مثل : عامودا , كرجوسي ,كري سوير, تل شعير- اشيتا التي أنهى فيها دراسته الدينية ثم أصبح فيما بعد إمام وخطيب مسجدها , أقام في مدينة القامشلي منذ عام 1952 حتى عام رحيله 1975 وهو الآن راقد في مقبرة المدينة .
تتلمذ ملا احمد نامي على يد العلامة الكردي (الملا إبراهيم صوفي عبدو) هذا الذي جاء من قرية (سي ور) وإنشأ مدرسة دينية في قرية (تل شعير- اشيتا) وكان أول تلاميذ تلك المدرسة: (ملا أحمد نامي و ملا يوسف قرطميني) , كما درس في هذه المدرسة الدينية لشاعرالكبير(جكرخوين) وأيضا(ملا يوسف سيتي – ملا علي محلمي – ملا على طوبز – ملا حسين اومركي) وفي هذه المدرسة جمعت صداقة قوية بين (جكرخوين وأحمد نامي) حيث جمعتهم الأفكار والطموح والرؤية المشتركة. في ذلك الوقت بدأ جكرخوين بكتابة الشعر وتلاه بفترة قصيرة (ملا أحمد نامي) أيضا الكتابة الكردية وكتابة القصائد والإشعار .
في عام 1930 حيث كانت الكتابة الكردية باللهجة الكرمانجية غائبة وغير موجودة وخاصة بالأحرف اللاتينية سوى من الأغاني ومواويل الأفراح وأغاني الملحمية وجسارة ألإبطال الكرد والقصص المغناة وقصص الملاحم كلها كانت تتداول في الأفواه شفهيا وقليل من الكتب الكردية كانت مطبوعة في ذلك الوقت والمكتوبة بالأحرف العربية مثل (مم زين ونوبهار وملاي جزيري) .كما يجب أن يدرك الجميع أن الأدب الكردي كان موجودا قبل مئات السنين مثل قصص وأغاني الملحمية وأيضا قصائد عن العشق وعن مدح الأقوياء والقصائد الوطنية وحب الأكراد لوطنهم وأرضهم . يقول الأستاذ ب نكتين : عندما نقرا الأدب الكردي بدون شك نبقى مدهوشين لكثرة الأشعار والأغاني الشعبية التي تغنى بينهم .و فيل جفسكي يقول : نرى أن ثراء
الأشعار والأغاني الشعبية الكردية يكمن في أن اغلب الأكراد كانوا لا يعرفون شيئا عن لغتهم الأم المكتوبة ولكنها تفرعت في كل مكان , و بهذا الشكل كان الأدب والمعرفة الكردية قد استمرت عبر سنوات طويلة وأما في الزمن الذي ظهر فيه الأخوين (الأمير جلادت بدرخان وكاميران على بدرخان) اللذان وضعا الألف باء الكردية وبالحروف اللاتينية منذ ذلك اليوم وحتى الآن بدا الكتابة الكردية تظهر في الجرائد والمجلات الكردية مثل (روناهي) التي كان يصدرها الأمير جلادت بدرخان في مدينة دمشق وأيضا مثلها (روجا نو) للدكتور كاميران بدرخان التي كان يصدرها في بيروت ومنذ ذلك الوقت بدا القراءة والكتابة بالحروف الجديدة وبدا الشعب الكردي بحرارة ولهفة بالقراءة والكتابة بالأبجدية اللاتينية , وكان أحمد نامي أحد هؤلاء الذين حملوا حرمان وأوجاع شعبه على كاهله وبدا بتعيلم الكتابة والقراءة بين القرويين والعمال والفلاحين وبين طلاب وتلاميذ المدارس وفي ذلك الوقت أصبح أحمد نامي أحد كتاب تلك الجرائد والمجلات ومن ثم بدات تظهر له كتابات على صفحاتها , بهذا الشكل كتب واستمر بالكتابة.. فماذا حصل لكتاباته ..؟؟ كما قال هو في مقدمة ديوانه الطبعة الأولى …. جاء نامي مع عائلته إلى القامشلي وسكن فيها وبدا كتاباته تظهر بشكل آخر غير كتابة الأشعار ..دون بعض الصفحات عن حياته السياسية وعن المواقف المهمة التي جرت له وأيضا الأشياء التي حدثت أمام عينه وبعض الأحداث التي حصلت للكرد في هذا الإقليم .
– مدونات تتناول تجاربه في الحياة ونظرته التاريخية : بعنوان : لانه في ذاكرتي (ciko li birim)
– قصة حريق سينما عامودا :
– القواعد الكردية :
– قاموس كردي عربي بعنوان : ( كوزار)
تأثر كثيراً بقصائد جكرخوين و بأسلوبه لان كلاهما كان ينتميان إلى مدرسة (الخاني والجزيري) الشعرية الكلاسيكية. لذلك إذا تعمقنا في قصائد وأشعار (احمد نامي) سنجد بسهولة أن كرخوين اخذ حيزا واسعا في قصائده وكتاباته.
إلى جانب الكتابة الشعرية كان أحمد نامي يمارس النشاط السياسي والاجتماعي وبسبب مواقفه وأفكاره الصلبة سيق إلى السجن مرات كثيرة وكل ذلك اثر تأثيرا قويا على حياته السياسية والفكرية , لهذا جاءت أشعاره: وطنياً- قومياً- سياسياً .
احمد نامي كان يهدي حبه لشعبه ولوطنه بعيدا عن المفاهيم الشوفينية والعنصرية والأنانية و كان دائما صرخته موجهة إلى جيل الشباب لان هؤلاء الشباب الكرد هم عماد الوطن ومستقبله والذين سيحققون أهداف شعبهم الكردي.وهذا أصبح سببا رئيسا في عدم ضياع قصائده و أناشيده لان هؤلاء الشباب الكرد قد حفظوا قصائده عن ظهر قلب .
في عام 1950 حاول نامي فتح مدرسة كردية للبنات في القرية التي كان يسكنها لكن رجال الدين الرجعيين تصدوا له بعنف وهاجموه وذهب كل محاولاته هباء .
في عام 1951 وباصرار كبير منه فتحت المدرسة وكانت المدرّسة الوحيدة انذاك فتاة كردية اسمها ( هدية شيخو ) وكان افتتاحية المدرسة تبدأ بنشيدين كرديين للشاعر (احمد نامي) الأول نشيد (السلام) والثانية نشيد (صرخة الفتيات) وبعدها كانت تبدأ التعليم واخذ الدروس .
في عام 1961 بدا نامي بتدوين قصة (حريق سينما عامودا) باللغة الكردية .
ألاعمال التي قدمها احمد نامي في حياته لم تطبع كلها ألا بعد رحيله وهذا يعود لأسباب كثيرة منها الضغوط والملاحقة الأمنية المستمرة له, وكثيرا من المرات كان يسأل من قبل أصدقاءه لماذا لا تطبع أعمالك لكي يقراه ويتطلع عليه القراء الكرد ,كان الجواب : سيأتي يوم بإذن الله (سيحقق الشباب اليافعين هذا الحلم) , وكان دائما يقول :أنا أرى كتاباتي مطبوعة ومنشورة بين الشباب والفتيات الكرد وفي كل مكان .وبعد مرض طويل رقد رقدته الأخيرة ويقول الأستاذ سامي احمد نامي : بعد رحيله سالت نفسي الم يحن الوقت لكي أطبع كتاباته وأحقق له حلمه الذي لم يشاهد طيلة حياته بدأت في مشاورات مع الأصدقاء ومرت سنوات في الأخير استطعنا طبع
ديوانه الأول في سويد (داخواز نامة 1986) وهي من منشورات (روجانو) ولان الطباعة بهذا الشكل الموجود .قد يسال القائل لماذا أشعار نامي هذه فقط لماذا ليس أكثر من ذلك…
لماذا ..؟؟
إذا رجعتم إلى مقدمة دوانه الأول ستعرفون الحقيقة ..؟ في النهاية أن نامي كان قد وضع الكتابة نصب عينيه لذا جاء كتاباته بهذا الشكل وهذا عمل نامي على طريق الأدب والشعر والكردايتي…
أن الأعمال التي كتبها (ملا احمد نامي) بلغته الكردية كل واحدة تستحق دراسة أدبية ونقدية معمقة وهذا ما يحتاج إلى ناقد متمرس في الأدب والنقد الكرديين , هذه الأعمال التي ستظل إلى أمد طويل في ذاكرة الكرد وهنا سؤال يطرح نفسه …..
إلى متى ستظل الأعمال الأدبية الكردية مهملة ومهمشة على الأقل أفلا تستطيع المؤسسة الثقافية السياسية الكردية طباعة هذه الأعمال ونشرها بين القراء و لا اقصد نامي هنا فقط هناك : اوصمان صبري و رشيد كرد وحسن هشيار وجكرخوين وجلات بدرخان وكاميران بدرخان وسيداي تيريز وسيداي كلش وصالح حيدو و بيوار ابرهيم إلى… االخ إلى متى …؟؟ فنم في تربتك أيها الشاعر الكردي النبيل إلى يسار أطفالك الجميلين من حريق سينما عامودا واسيهم وهدهدهم واسرد لهم وجعهم الطويل..؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :
*- المعلومات الواردة مقتبسة من مقدمة ديوان احمد نامي (داخواز نامة) التي
كتبها نجله الأستاذ سامي احمد نامي بالكردية ,
الأعمال المطبوعة للشاعر احمد نامي :
*- قصة حريق سينما عامودا (شهرزاد) 1986 – سويد – اوبسالا
*- داخواز نامة – ديوان شعر – 1987 – سويد – استكهولم