هلوسات

 أحمد حاج داود

-أنت جميلٌ جداً ومرح…
-من؟ أنا؟
ضحك من قلبه، وأسلم ساقيه للريح وركض، أنتِ أيتها الحسناء الرقيقة تقولين ذلك؟
تذكّر كيف كان يركض في طفولته حافياً، وهو يحمل شحاطته بيديه، يسابق الريح وهو مطمئن لمطاطة بيجامته المهترئة، فقد ركّبتها أمه بنفسها، يركض وهو يزرع في مساره أحلامه الجميلة عن هذه الحسناء، أحياناً يتذكر ركضه وهو يعبّ دخانه بعمق، ليت الأشياء كلّها كالدخان، تستنشقه، وتعيده بأمانة للهواء بعد أن تأخذ ما يُسكت خلاياك الثائرة، وتُبرم حيلة على عقلك وأنت ترسم وجوهاً وآفاقاً وآمالاً وأنت تتأمّل الدخان وهو يتصاعد في الهواء.

أنا مَنْ تقصدين؟ أنا جميل؟ تساءل وهو مستمر في الركض، وكيف سأكتب لها قصيدة لأهديها اياها؟ أين أضعتُ قصائدي؟ أين دفنتها؟ تذكّر الحديث الذي دار بين الوردة المزروعة في أصيص على شرفته مع البلبل الذي اشتراه ووضعة في قفص قريب من تلك الوردة، لقد وقع البلبل في حب الوردة، وعلى مدى ربيعٍ كامل حاول اقناعها بأن تصدّق حبه، لكن الوردة أجابته بأنها ثابتة، لكنك أيها البلبل طائر، وتستطيع الطيران، ستتركني وترحل، ستخونني….، وانتهى الربيع، وذبلت الوردة، فقام بمنح البلبل حريته، لكن الحزن أثقل جناحيه،ومنعه من الطيران، وعشق الأشجار لأنها من سلالة الورود، ومات وهو عاشق….
المهم الآن هو جميل كما قالت الحسناء، والأهم أنه ما زال يركض، بسرعة أكبر…يركض لكن هذه المرة بالاتجاه المعاكس، ولا يزرع أحلاماً..ما زال يركض باتجاه طفولته وهو يدعس أحلامه….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…