سر شبابِ مهاباد

نارين عمر

ما زال الكائن العاقل يسعى جاهداً للغوص في أعماق الحقيقة وانتزاع أجوبةٍ شافية منها عن تلاعب عمق تفكيره وتجعله يعيشُ في حلقةٍ دائرية تتمايل بها الذبذبات يمنة ويسرة أسراراً تتعلقُ بالكائنات الحيّة كلها والسّؤال الذي ما يزال يحتلّ المرتبة الأولى في تفكيره يدور حول كيفيةِ تمكنّه من الإمساك بإحكام بسرّ يعدّ لغز الأسرار وهو / سرّ الشّباب / نعم الشّباب بكلّ عنفوانه ونشاطه واندفاعه واتزانه وليس القصد شباب البشر فحسب بل شباب كلّ الكائنات الحيّة وغير الحيّة فالقطعة الأثرية التي نحبّها ونحتفظ بها بكلّ عناية وحنان نحاول من خلال ذلك الحفاظ على شبابها ورونقها وكذلك الأشجار والنباتات والمدن والمعالم  فالمدن قد تسعى لتحافظ على رونقها وغنجها لتظلّ تشغل الأنظار والألباب بها وإذا كان المشمولون بالحصول على سرّ الشّباب قليلون جدّاً فإن (مهاباد) تلك المدينة المروية بنبض الحياة في أفئدة الكرد هي إحدى هذه المدن التي انتزعت وبجدارة صكّ الشّباب الأبدي متجاوزة بذلك أسوار الزّمان والمكان, مخترقة قانون العصور والمراحل ليفتح لها التاريخُ صدره بكلّ ما يحملُ من خفقات الإحساس والشّعور وما هو في معناهما.

كثيرة هي الحالات التي تتعرّضُ فيها مهاباد للمساءلة عن سرّ شبابها ؟!
 تبتسمُ حتى القهقهة وتجيبُ بغنج: إنّه سرّ المهنة.
 بعد إلحاح يتحوّلُ إلى توسّل من المتسائلين تزيحُ عن سدّة قلبها سترة الخفاء, وعن فكرها لجام الاحتجاب لتريهم هالة متلألئة بالوقار والحبّ والدّفء تنطقُ باسم رقيق المسمع:
 / القاضي.. القاضي.. القاضي / والفكر يشارك القلب في الهمس بثلاثة.
 ما أنبل هذا السّرّ يا مهاباد ألا يحقّ للمدن الأخرى في شتى أنحاء المعمورة أن تنسج من حولك مراصد الغيرة والحسد؟! أليس من حقها أن تنافسكِ على القاضي؟؟!!
 أعلمُ أنّكِ ستجيبين: لا يهمّني ما دام القاضي لا يلفظ إلا باسم وحيد / مهاباد / ولكن دعيها بهذه الحياكة تزيلُ بعض آثار الآهات والحسرات التي تهدّدُ هدوءها وسكينتها.
 مبروكٌ لكما عشقكما, ونضمّ عشقنا إلى عشقكما ونعلنُ أنتما في القلب.
 وفي الرّوح والقلب ينعمُ كلّ مَنْ نسجَ من أوتار شرايينه سيمفونية عشق اسمها مهاباد من محبّيك الآخرين رفاق درب القاضي الذين ولجوا معه محراب الخلود وألف تحيّةٍ لرفيقة دربه / مينا /.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…