كُتّاب المصالح الشخصية

  فواز أوسي

للأسف صدمتنا كانت كبيرة جداً بطبقتنا المثقفة ونقصد بالمثقف كل من يضع يده على ضميره حين يباشر بكتابة كلمة. والمثقف يجب أن يكون موضوعيا في تناوله للمواضيع بعيداً كل البعد عن الأجندات السياسية والمصالح الشخصية ويلعب دوره بكل مهنية وشفافية وأن لا يخوض المعارك يُخون …يُقصي …يتهم ..بل يكتب ويناقش بكل هدوء بعيداً عن العصبية وبما يخدم المجتمع و الثقافة . وفي هذه الأيام كان هناك هجوم كبير من بعض مثقفي الخارج الذين يرمون التهم جُزافاً على مثقفي الداخل بأنهم الكتاب الحقيقيون ولا يجوز أن يتجاوزهم أحد وكيف يجرؤون التفكير بانشاء اتحاد للكتاب الكرد في سورية قبل سقوط النظام ؟ وإذا فكروا بذلك فيجب أن نرأس الاتحاد أو لا نقبل بمثل هذا الإتحاد وبشرعيته وسوف نقوم بمحاربته في كل مكان !!!!!!!!!
عندما ترى وتسمع مثل هذه الأفكار من المثقفين والكتاب فإننا نتساءل لماذا كل هذا التجييش على كتاب الداخل فلا ضير أن نختلف فالأختلاف ضرورة عندما يخدم قضيتنا ولغتنا وثقافتنا  وبعدها تم اتهام كتاب الداخل بأنه دخيل ومشوه ويعملوا الآن لأنه لا خوف ولا اعتقال و بأنهم (أي كتاب الخارج) هم اللذين كانوا يعملون في ظل نظام قمعي يعتقلهم على الكلمة وتلاحقهم الأجهزة الأمنية. ونحن لا ننكر ذلك ونقدر جهود هؤلاء وما قدموه , ولكن الكتابة والثقافة ليست حكراً على أحد فلا يجوز لنا أن نقصي الاخر فما يزال الكثير من بين هؤلاء الكتاب هم زملائكم في الداخل يعملون حتى الآن ولهم تاريخ ناصع يشهد به القاصي والداني ورغم الظروف الصعبة فهم يناضلون بأقلامهم إلى جانب تأمين لقمة العيش لاسرهم ولم يتركوا أرض الوطن لأنهم عاهدوا أنفسهم أن يستمروا في رسالتهم حتى يموتوا ويدفنوا في تراب وطنهم رغم الخوف والاعتقال والتفجيرات الإرهابية والغلاء الفاحش. نعم كتاب الداخل ما زالوا يكتبون ويقومون بنشاطات كبيرة تستحق كل الاحترام والتقدير.
فولادة اتحاد الكتاب الكرد في سوريا في هذا المخاض العسير والظروف الصعبة كانت بمثابة معجزة وحلم كبير قد تحقق  رغم وجود الكثير من الأخطاء ولكن إذا لم يقم كل منا بدوره ونضع الرجل المناسب في المكان المناسب والنقاط على الحروف فلا يمكن لنا أن نتطور وأن نتقدم وأن ترتقي أعمالنا إلى ما كنا نبتغيه من كتابنا و هذا الاتحاد هو بصيص أمل ليس لمثقفينا فقط بل لشعبنا بأكمله لأنه يجد فيه خطوات هامة, فالمثقف هو من يرتقي بالمجتمع نحو الأفضل فتطور الأمم وتقدمها في حضارتها كان الفضل الأول لمثقفيها , وربما تقتدي به حركتنا السياسية في المستقبل فمجرد الاتحاد أصبح لهم بمثابة حلم قد تحقق لأول مرة في تاريخنا وتم عقد كونفرانسات سبع فروع للاتحاد في ديريك وتربسبيه وعامودا ودرباسية والحسكة وكركي لكي وقامشلو وبعد حوار طويل مع رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في الداخل الذين ارتأوا التوحد مع الاتحاد وقاموا بخطوة تاريخية لأول مرة و ذلك للعمل مع زملائهم الكتاب ليقوموا بواجبهم الوطني ويمارسوا العمل المؤسساتي لأول مرة في تاريخ الكتاب والمثقفين الكرد .
في ظل هذه الأمور بدأ الكثير من المثقفين والكتاب في الخارج بمباركة هذه الخطوة بينما ظل جزء آخر يعبرون عن عدم الرضى بل واتهام الزملاء الذين كانوا يعملون معهم في صف واحد بتهمٍ واهية و حجج غير مقنعة, رافضين تماماً فكرة الاتحاد وتوزيع التهم عليهم كلٌ على حده وكأن مملكتهم التي كانوا يقومون ببنائها انهارت (و نقصد إبراهيم اليوسف و من لف لفه) على الرغم ان جميعهم يخدمون التاريخ والثقافة الكردية وأنا بتصوري الشخصي ان كل من يقف بوجه هذا المشروع الوطني الذي هدفه الوحيد هو جمع صف الكتاب الكرد في خندق واحد والارتقاء به إلى الأفضل والاهتمام باللغة الكردية وتدريسها والثقافة الكردية  وقيام النشاطات الثقافية المختلفة لهي محل احترام و تقدير من الجميع أما الذين يقفون في وجه هذا المشروع الوطني فهم يخسرون مصالحهم الشخصية (حيث يقبضون رزم الدولارات على حساب الجرحى و المعتقلين) ويفضلون الأنا ………….على الجميع ولا يجدون غير أنفسهم كتابا ومثقفين ويلغون الآخر, بتصوري هؤلاء مرضى ويجب أن يعالجوا أنفسهم من داء الساسة ………..وسيطرتهم على كل شيء وفتح المجال أمام الجيل الجديد لكي يتعلموا منهم معنى التواضع في الفكر أيضاً.
إننا نحس بالخجل عندما نقرأ ما يكتبه بعض الكتاب الكرد في المواقع الإلكترونية وصفحات الفيس بوك من تهم لبعضهم بعضا, هل وصل حال المثقف الكردي إلى هذا المستوى من الجهل والغباء الثقافي؟؟فلا تجعلوا أنفسكم كالساسة وتسقطون أمام أنفسكم أولاً وشعبكم ثانياً, فمجال الثقافة واسع ويتسع للجميع كي يجد مكاناً يعمل فيه ما دام يخدم قضية هذا الشعب البطل الذي يضحي بدمائه في سبيل أن تبقى أرضنا وسمائنا حرة .
هذا واجب تاريخي عليكم جميعاً فلا تجعلوا التاريخ يكتب عنكم بسطورٍ سوداء فمهمتكم صعبة ولكنها سهلة باتفاقكم ولا تجعلوا المصالح الشخصية تتغلب على المصلحة العامة وتأكدوا أن الاتحاد يقوم بخطوات جادة من خلال لجانه لتطبيق النظام الداخلي على الجميع ومنح العضوية لكل من يستحق أن يكون كاتباً وترك المجال مفتوحاً أمام كل من لم يقبل ويبقى مرشحاً فساهموا في العمل مع بعضكم بعضا للارتقاء بالأدب الكردي وكونوا على مستوى المسؤولية.

  قامشلو 2/4/2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…