خبز الليل

أفين ابراهيم

أعلم ان نقطة واحدة من الكلمة تكفي …
لا أدري لماذا أكثر في غدق الحبر والوحشة والأوراق…
انه الليل …
الليل يا حبيبي…
الليل ذلك الذئب الجائع..
كلما استنشق رائحة جروحي يستفيق..
انه الليل…
يقدح الوجع ناراً كي أراك قريباً….
أعلم أن نقطة واحدة من الدمع كافية لتعرف قلبك…
لكني لا أعلم يا حبيبي…
لماذا عندما ابكي يسيل المطر بدل البكاء…
وتخضر أصابعك على روحي…
أعلم ايضاً أن هذا الخبز الذي أكسر …
كان يوماً كمشة قمح في يد عاشق فقير..
وهذا الظل الذي هزمني بقعة ضوء في زاوية منديل…
وأبي الذي هناك جبل مهدود..
كما وجهك الذي يقترب من صدري الأن سراب..
لكني لا أعلم لماذا وردة برية من لحم ودم ..
لحم ودم مثلي ..
ترفع رأسها ساعة غروب لترسم صورتك في غيمة ..
وتعلق قشور النجوم المتساقطة ابتسامة عابرة لطيفك الرقيق…
لا أعلم لماذا تصر على كسر كل القواقع النائمة …
لتخرج بلؤلؤة ترصع بها سباق نجومي لعينيك..
لا أعلم الى متى …
ولماذا…
ولا كيف…
تلوي عنق البحر كي تغرق فيك…
لا اعلم متى ستكف عن حشو العتمة بمرارة الشهد
كيف ستتوقف عن ركل حواسها الخمس لتمسك بك…
اه يا حبيبي ..
بحق آيات وجهك التي لم ألمسها بعد…
بحق حزنك الذي يكتبني الأن….
بحق حماماتك التي لا تكف عن صبغي بالأبيض ..
بحق كنائس جراحك السمراء …
و بحق صلاتي بين يديك ..
أعلم ان السقوط موت ..
لكني لا أعلم لماذا أحب السقوط بين كفيك…
أعلم أن الحب اشارة انتحار وشمعة نحيلة بساقين…
لكني لا أعلم لماذا..
لماذا …
أعشق الإنطفاء على ركبتيك…
أعلم ان الهاوية حبل صمت مخيف …
و خطوات المصابيح التي ترن بشرود الشوارع أطول من نفسي…
لكني لا أعلم يا حبيبي….
لا أعلم…
لماذا أحب ان اشنق فراشاتي و أمددها على ظهرك الذي لا يملك جناحين…
آه يا حبيبي …
آه …
انه الليل …
الليل.
………………………….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…