الحمار.. والحوار مع الذات..!!

خليل كالو

 لسلوك هذا الحيوان الأليف إسقاطات كثيرة في حياتنا السياسة والثقافية.  فبالرغم من وجوده في كنف الطبيعة منذ 12ألف عام خلت حيث لم يطرأ على ثقافته وسلوكه إلا الشيء القليل . فبقي كما هو خادم أمين ومطيع  يرضى بالقليل ويتنقل من إسطبل إلى آخر وبنفس الشخصية وأحيانا في العراء في أقسى الفصول وبألوان الطيف الشمسي. هو الآن لا يحتاج إلى ترخيص من أحد  أو مبادرة لكي يحسن من موقعه في عالمه الحيواني ولا عائق سوى بلادته وغبائه كتحدي حداثة في المفاصل التاريخية التي يستوجب فيها تغييرا جوهريا أو بالأحرى مفصليا في منهج وطريقة حياته مع الجوار الحيواني وذلك بالحوار مع الذات بشكل حر وديمقراطي  ونسيان سنوات العجاف والشقاق التي عاشها هو وسلفه في إرهاب المفترس .
علما بأن جميع مخلوقات الشرق المتخلف بات في عالم التغيير والثورات الداخلية الآن وكلا حسب مفهومه وفلسفته للحياة.
صحيح أن قدرات أبا صابر الفكرية محدودة طبيعيا فليس له تجربة ذاتية في الحياة المدنية ولم يذق طعم الحرية بعد ولكنه قوي فيزيولوجيا ويشبه في شكله الخارجي الحصان عنفوانا وصديق صاحبه وصبور ولذلك أصبح شعارا للحزب الديمقراطي الأمريكي “أوباما رئيسا” حيث بإمكانه الفعل الكثير. فله صوت قوي مزعج وحوافر أقوى يؤهله بالدفاع ويساعده على التمرد متى شاء على أي فعل ضد ومستبد. علما بأن الأسباب التي جعلته على حاله هكذا بلا شخصية وبلا مبادرة في بناء الذات هو سلوكه النابع عن ثقافته المتوارثة عن السلف المبني على الجبن المتجذر وصراعات القطيع البينية وعيشه منفردا وأنانية تقية من رد فعل والرضا بما هو فيه سترا إلى أن ازدادت به الأحوال سوءا وتجريدا لشخصيته الحقيقية كوحشي وتدجن. والآن وفي وقت مضى أصبح كسلعة يباع ويشترى بثمن بخس ويؤكل لحمه بلا رحمة علما بأنه خدماته وموقعه في صنع الحضارة والتاريخ البشرية ورفيق للأنبياء مميزا ويشار له بالبنان وموضع تقدير واحترام إلا هو بلا تقدير ولا احترام .

في القرن الحادي والعشرين لا بد من أن يقف هذا المخلوق الذي أدمى ظهره وتقيح  من كثرة الأحمال والأثقال مع الذات ملياً ويحاور ذاته أكثر ويناقش تاريخ أسلافه بعمق مستفيض ويستنبط الأفكار ويختار مناهج عمل وفلسفة للحياة من جديد وإلا لن يكون له مستقبل أفضل مما هو فيه وربما أسوأ لأن أدوات وأساليب العمل القديمة للخدمة قد تغيرت وباتت قديمة ومستهلكة وأصبحت الآن ميكانيكية وأكثر حيوية تعتمد على الطاقة الحيوية والعلوم التجريبية لا الإنسانية والأخلاقية وسوف يكون مهددا في القريب المنظور لو بقي على نفس الذهنية الحميرية وأصر بالمحافظة على التقاليد والعادات والأعرف التراثية وسوف يكون دائما في مرمى الآية القرآنية التالية ” وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ” صدق الله العظيم .

23.4.2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نظّم الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا بالتعاون مع اتحاد كتاب كردستان سوريا أمسية ثقافية احتفاءً بتوقيع إصدارين أدبيين لكل من الكاتبتين يسرَى زبير إسماعيل وليلاس رسول، وذلك في مدينة إيسن الألمانية، وسط حضور نوعي من المهتمين بالشأن الثقافي من كتاب وشعراء وصحفيين ومتابعين للشأن الأدبي الكردي.

افتتحت الأمسية بتقديم الكاتب خورشيد شوزي لمجموعة الشاعرة…

ماهين شيخاني

 

كان يحمل ساعة في معصمه، لكنها لم تكن تشير إلى الوقت…

بل إلى المهام.

منذ لحظة استيقاظه وحتى انطفاء آخر رمشٍ في جفنيه، كانت الحياة تُديره كأنها آلة لا تتوقف.

بيته؟ يمرّ به مرور الكرام.

زوجته؟ تراه أقل مما ترى صورة ابنها على الجدار.

أولاده؟ صاروا يتحدثون إليه بصيغة الغائب، وكأنهم يخاطبونه في خبرٍ عائلي، أو عبر رسالة واتساب.

صباحًا،…

النقل عن الفرنسية مع التقديم : إبراهيم محمود

 

ما قيل ولم يُقَل بعد وأبعد:

قيل في الشّعر أنه أول الأصوات الأقرب والأكثر تمثيلاً لما هو إنساني- كوني، ولا بد أنه آخر الأصوات استبقاءً تعبيراً عن هذه المكانة المعتبَرة. الشّعر هنا يتعدى كونه عبارات ذات معنى، إنه الترجمة الأكثر مكاشفة للمخفي، للمؤلِم، للمعذّب، للمنشود، للمفقود، وللمأمول، إنه ما…

غريب ملا زلال

حين يذكر اسم ملك مختار، أو ملاك مختار كما نحب أن نسميها، تدفعنا الذاكرة إلى الفنان الفرنسي جان ميشيل (1920-2014)، الفنان اللغز كما يعرف عنه. الفنان الذي افنى عمره في الرسم سرا، حيث الميل التام نحو العزلة الغارقة في اوجاع تتحدث ما امكن عن علامات بها يقتفي…