عادل حزني نغم قامشلو الحزين


نارين عمر
narinomer76@gmal.com

فنّانٌ كرديّ آخَر يهجرنا هكذا من دون وداع وكأنّ الفنّان  الكردي يعلمُ كغيره من مناضلي الثّقافةِ
والأدب والفكر أن لا أحد يحسّ بوجوده, أن لا أحد يطبّل له ويزمّر إلى بعد رحيله
النّهائيّ عن عالمنا.
عادل حزني كان في يومٍ من الأيّام في طليعةِ مطربي “قامشلو”, وفي طليعةِ فنّاني الحفلاتِ
والمهرجانات الخاصّة والعامّة, وهو الذي أثرى بصوته الجبليّ العذب حدائق الغناء
الكرديّ بأزاهير وورود زاهية الألوان, قوميّة ووطنيّة وغزليّة واجتماعيّة. ولم يغب
من باله يوماً الفلكلور الكرديّ, فولج محرابه, وغازل رياضه, وشدا فيه أجمل وأعذب
الأنغام والألحان.

التقيته  يوماً في “قامشلو”, واتفقنا على أن أهديه بعض كلمات الأغاني, فكان طلبه الأوّل أن
تكون الكلمات حول الغربة, ولم يمهلني لأسأل عن السّبب, بل أجاب:

((أريد  أن أغنّي عن الغربة لأجل الغربة الحقيقيّة التي يعيشها عدد كبير من شعبنا, ولكنّني
أريدها أيضاً أن تعبّر عن الغربة النّفسيّة التي نعيشها في وطننا, على أرضننا, ونحن
بين أهلنا وأجبّتنا, ويا لها من غربةٍ شبه  قاتلة!)).

لعلّها  ما يسمّونها “الحاسة السّادسة” التي كانت تدغدغُ فكره وشعوره بأنّه سيضطر إلى العيش في الغربةِ, وسوف يموت بعيداً عن داره وأهله وأحبّته. وهنا أودّ أن أؤكّدَ على أنّ “كردستان العراق” لا تعدّ أبداً بلاداً غريبة أو ناسها غرباء, فهم اخوتنا وأهلنا”
ولكن ما أقصده أنّه كان يبحثُ عن مساحةٍ حرّةٍ في وطنه يمارسُ فيها طقوس فنّه
وغنائه, ويهندسَ خطوط حياته بمشيئته وإرادته. كان يسعى إلى الحصول على دفء شعبه
وحنانهم الّلذين كان يرى فيهما خير وسام يعلّقه الشّخصُ منّا على جبينه
وصدره.

عادل  حزني غنّى لطبيعةِ الكردِ, لفرح الكرد ولحزنهم, لشقائهم وسعادتهم, لقربهم وبعدهم,
لبقائهم ووجودهم حتّى تحوّل إلى نَغَمٍ حزينٍ ينفثَ الفرحَ في نفوسِ وقلوب الكرد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…