مسلسل باب الحارة وإنكار الدور الكردي

عيسى ميراني / قامشلي

منذ أن قال العكيد أبو شهاب بطل المسلسل الدمشقي باب الحارة (شكلين ما بحكي ) ترسخت لدينا قناعة راسخة  بأن المسلسل ايضاً شكلين ما يحكي، ولكن مجريات المسلسل توحي بأن هناك تشويه مقصود للحقائق التاريخية، وإنكار واضح  للدور الكردي في تاريخ سوريا الحديث ومحاولة إعطاء صورة غير حقيقية لما كان يقوم به إخواننا المسيحيون بمختلف طوائفهم في فترة الاحتلال الفرنسي لسوريا علماً إنني لا أنظر للموضوع بمنظور طائفي ولم أكن طائفياً في حياتي ولو للحظةٍ واحدة.
فمنذ أن وطأ الفرنسيون الأرض السورية أبى أكراد دمشق أن يُدنّس المحتل تراب سوريا إلا على أجسادهم، فكانوا أول المدافعين عنها لا سيما في  معركة ميسلون وفي مقدمتهم يوسف العظمة، والمئات من المتطوعين الكورد الذين استشهدوا  دفاعاً عن سوريا، والذين كانوا يدركون التفاوت الكبير بين قدراتهم العسكرية وآلة الحرب الفرنسية، وبعد أن دخل المحتل على أجسادهم ووصلوا إلى دمشق قاصدين قبر صلاح الدين قائلين (ها قد عدنا يا صلاح الدين) كانوا يدركون بأن أحفاد صلاح الدين هم  المدافعون الحقيقيون عنها، ولم تمّر فترة على الاحتلال حتى هبَّ الكرد إلى الغوطة لإشعال الثورة بقيادة الكوردي ابن حي الأكراد  أحمد بارافي  الذي لم يهدأ له بال حتى أشعلها ثورة تعم كل أرجاء الغوطة! كذلك الكوردي ابراهيم هنانو قائد ثورة جبل الزاوية، واحتجاجات أكراد عفرين والجزيرة التي لم تهدأ رفضاً للاحتلال الفرنسي آنذاك.
أما إخواننا المسيحيون فكانوا بمختلف طوائفهم عماداً للجيش الفرنسي من خلال انخراطهم في صفوف الجيش الفرنسي منفذين لأوامر سلطة الاحتلال بقمع  الاحتجاجات والثورة والثوار، ونقل المعلومات المغلوطة للإساءة للكرد والوطنيين العرب المناوئين للاحتلال لا سيما في طوشة عامودا، وما زال الشهود العيان أحياءٌ يُرزقون 0
فشخصية أم جوزيف المسيحية التي لا وجود لها في التاريخ السوري الحديث وإعطاءها دوراً أكبر من حجمها دون إشارة لأي دور للكورد الدمشقيين  وتفضيلها على المكون الكردي المؤسس للثورة في هذا المسلسل إساءة لا أخلاقية تجاه رسالة العمل الفني الذي يجب أن يرتقي إلى مستوى الحيادية في تناول الأحداث، وليس تسخير هذا الفن لغاياتٍ أخرى وطمس الحقيقة الواضحة وضوح الشمس والتي لا يمكن أن تحجب بغربالٍ أكل  عليه الدهر وشرب.  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…