تاريخ البرازية ( 1 )

علي شيخو
 
لقد ظهر اسم البرازية لأول مرة في التاريخ عام 750 م ، ويقول بعض المؤرخين : يحتمل أن يكون مسكن البرازية قبل هذا التاريخ جبال شنكال ، أما المعروف أنهم من قصبة باريز ، الواقعة في منطقة كرمنشاه ، وقد كتب السائح ناصر خسرو صاحب كتاب سفر نامه : إنهم كانوا يعيشون في منطقة جبلية شديدة الارتفاع ، حيث يبلغ ارتفاع إحدى القمم 3960م .
ونسبة لبروز هذه المنطقة ، أطلق عليهم أسم : برزي – بريزكان – برزيني– وبرازي .
فكلمة برز تعني باللغة الكردية (اللهجة السورانية) : العلوّ ، والبرزية نسبة لتلك المنطقة المرتفعة ، وقد كان للبرازية كتائب عسكرية جنوب بحر قزوين ، ثم أسس أميرهم حسنوي بن حسين البريزكاني الدولة الحسنوية عام 959 م ، التي تزامنت مع الدولة الحمدانية ، وكان امتداد هذه الدولة من بحر قزوين إلى منطقة كرمنشاه جنوبا.

يقول العلامة محمد أمين زكي في كتابه ( مشاهير كرد وكردستان ) ص 52 : ( حسين بن الأمير حسين البريزكاني هو مؤسس الحكومة الحسنوية الكردية ، التي حكمت إقليمي الجبال وشهرزور منذ عام 959 م وهو كبير عشيرة ( بارزيني ) ولي الحكم بعد وفاة والده الأمير حسين ، ساعد ركن الدولة البويهي في الحملة على خراسان واستفاد من الوضع هناك ، ثم أخذ لإتمام ما شرع به والده لاستقلال مملكته ، ونجح فعلا فيما سعى إليه .
وبعد ذلك أخذ في توسيع مملكته شيئا فشيئا ، فامتدت من نهر( كرخا ) حتى ولاية ( مكري ) و شهرزور و الزاب الكبير ، حيث دخلت جميع الولايات الكردية تحت حكمه، وكانت عاصمته ( سارماج ) الواقعة في جنوبي جبل ( بهستون ) كما كانت الدينور و همدان ونهاوند وخرم آباد من مدنه .
اشبك هذا الأمير عدة مرات مع عضد الدولة البويهي وتوفي عام 980 م ، وقد حمد المؤرخ أبن الأثير الجزري حسن إدارته وسياسته وتبصره في الأمور وأخلاقه العالية ) .
استلم الحكم بعده ابنه ناصر الدين والدولة أبو النجم بدر الدين بن الحسنوي ، وقد تبع هذا الأمير عضد الدولة ، وعندما توفي عضد الدولة استلم الحكم ابنه شرف الدولة ، فتوترت العلاقة بينه وبين بدر الدين الحسنوي ، وقد سير شرف الدولة جيشا لمحاربته بقيادة ( قره تكين ) .
فقطع بدرالدين الطريق عليه قرب كرمنشاه وانتصر عليه وقتل من جيشه عدداً كبيراً ، وبعد مصاعب جمة تمكن ( قره تكين ) من النجاة ، واستتب الأمر لبدر الدين ، فوسع مملكته وخدم شعبه وقد كان ذو خصال حميدة ، منحه الخليفة العباسي لقب نصر الدين والدولة .
وفي سنة 397 هـ أرسل بدر الدين جيشاً لمحاربة ( رافع بن محمد ) لأن أبا الفتح بن عناز حاكم ( حلوان ) الذي احتل بدر ولايته كان أسيراً في قبضة رافع ، فوصل جيش بدر إلى قلعة بردان مركز رافع واحتلها .
كان بدر الدين محارباً شجاعاً ، وسر نجاحه كانت حماية الضعغاء وعدالته ، قتل في مؤامرة بيد أحد أمرائه ، خلفه في الحكم أبنه هلال وانحرف عن مسار العباسيين و أعلن العصيان ، وبدأت الحرب بينهم حتى أسر وأودع السجن في بغداد .
ثم خلفه أبنه طاهر في رئاسة البرزينية والدولة الحسنوية ، ولم يكن طاهر ناجحاً كأبيه في إدارة أمور الدولة .
وفي عام 1015 م  قتل في صدام مع العباسيين ، بعد ذلك بقوا البرزينية ( البرازية ) فترة من الزمن دون قائد حتى استلم ابنه هلال ( بدر الدين ) واستقل في كرمنشاه .
ثم بعد سنة من حكمه عام 1046 م انتهت الحكومة الحسنوية في زمن السلاجقة ، وهاجر قسم كبير من العشائر البرزينية الى حيث حلفائهم في
منطقة ( بين كول ) Bîngol ، واستقروا البرزينية في وادي هناك ، فسميّ ذلك الوادي فيما بعد بـ (كلي برازان ) GlÎ Brazan ، وهنا اختلاف لفظ بين اللهجة السورانية واللهجة الكورمانجية ، وليس البرازية نسبة للخنزير كما يقول البعض .
يقال عندما هاجرة البرازية من كرمنشاه إلى منطقة بين كول ، وعند مرورهم بمدينة جزيرة بوتان ، بقيت أسرة من أمراء البرزينية في الجزيرة
وإن البدر خانيين أمراء جزيرة بوتان من تلك الأسرة ، وعلى هذا الأساس كانت تلك الصلة الوثيقة بين آل شاهين بيك والبدر خانيين .
والبرازية كما هو معروف ائتلاف عشائري كالملليين والجان بكية ، بعد فترة من استقرارهم في كلي برازان توسعوا جنوباً حتى بلغوا( سَروج)
وقد اتخذوا سَروج منطقة استقرار شتويّ لهم .
حسب احصائيات الدولة العثمانية للعشائر الكردية عام 1800 م ، كان تعداد البرازية 13000 ألف بيت شَعر ، وكان أكبر عشائر هذا الائتلاف كالتللي : شيخان 4000 بيت ، يسكنوا في : أورفا – ديار بكر – بتليس – ماردين – وسَروج .
كيتكان 2700 بيت ، يسكنوا : أورفا – بيراجيك – سَروج – كوباني – و جرابلس.
بيشان (PÎĴan) 800 بيت ، يسكنوا : هكاري- ألشكرت – أورفا – سَروج – و كوباني .
 
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شكري شيخ نبي

 

يا ليل أما أضناك هرج السمار

وانت تشيح مرودك عن الإصباح

 

أما آن للياسمين المعرش على

لسان اللظى أن يغفو عن البواح

 

أنا وانت و قنديل البدر ساه

وهزار يشدو الشجى كأنه المزاح

 

صاح يا نديم الصفا والليالي

لا تحرم شفاه الأقداح من الراح

 

دع الكؤوس تدنو للأقدار بنا

فلا إنفكاك هرم ولا لجم السراح

 

أراني والراحلين في مطي…

خالد إبراهيم

نيسان: الممرُّ بين وجهين، بين صراخٍ وتوابيت

نيسانُ ليس شهرًا، بل شقٌّ في زمنٍ يُجيدُ الانهيارَ على مهل.

كأنّ اللهَ، وقد أرهقه التوازنُ، قرّر أن يُفلت الزمامَ في هذا الشهرِ وحده، فجعلني بابًا تُطرَقه الحياةُ برِضيعٍ يشبهني، وتدخلهُ الوفاةُ بأمٍّ كنتُ أُشبهها… ثم انكسرتُ.

نيسان…

أأنتَ بابُ الولادةِ أم نعشُها؟

أأنتَ طَرقٌ سماويٌّ على نافذةٍ كنتُ نائمًا فيها، أم…

علي شمدين

– 1 –

يعد صدور العدد الأول من جريدة (KURDISTAN )، الذي أصدره الأمير مقداد مدحت بدرخان في القاهرة في (22 نيسان 1898)، بمثابة البداية الحقيقية لإنطلاقة مسيرة الصحافة الكردية التي أخذت على عاتقها خلال أكثر من قرن من الزمن- وبإمكاناتها المتواضعة- مهمة إيقاظ الجماهير الكردية وتعريفها بقضيتها القومية والمساهمة الفعلية في بلورة وعيها القومي…

عن منشورات رامينا في لندن، صدرت حديثاً رواية “الباستيل الصغير” للكاتب الكردي السوري عبد القادر سعيد، في عمل سرديّ يمزج بين التخييل الروائي والتوثيق التاريخي، حيث يغوص في أعماق التجربة الكردية مع القمع، السجون، والخذلان الوطني، عبر بناء سردي محكم يذكّر بسجون الباستيل الفرنسية، لكن بلغة محلية تنبض بالألم السوري والكردي.

تتناول الرواية، الصادرة في طبعتها…