إبراهيم اليوسف
لظهيرة لم تنتهِ في دمي
مائلة صفار كوفية الشمس
مرتبكة الخطى
والخريف
ليس لي غير أن أعود إلى وهن الباب
أقرع خشب الخشوع
بمهابة صوفيِّ
أقفُ على مقربة منه
وأدحرجُ تحيتي صوب تقويمك
أسمعُ الخطبة الأخيرة
أولِّيك الظَّهر
-يالعماي..!-
لأعود في انخطاف المبهوت
إلى أنفاس مرتمية على طاولة المستشفى
شرشف يتحرك في تؤدة البياض
لكم هي ناقصة
قبلة الجَّبين
وعينان تنطفآن على وجوم مرافقيك
في أزيز عويلهم الرَّصيفي
لم يكن ذلك بالحسبان
المشهد ثقيل على الحبر الإلكتروني
وعليَ
أستذكرك
أستعيدك
القامة
روعة الجبَّة
ورع اللِّحية
العَمامة
ذهب العباءة
حيرة الشال
العطر الرُّوحاني
كأنَّ اثنتي عشرة سنة لا تزال في لباسها
المتأهب
من شباكنا
سبَّحتك
المكتبة الأم
نحاس المبخرة
ساعة الجيب
بوصلة القبلة
درس الفقه الأول
مفاتيح”جزء عمّ”….
وديوان الشاعر الصوفيِّ
ريحانة الشرفة
التلَّة
مقبرة إبراهيمك الأول وابنتيك
وأسرار سرب العصافير
في أعلى نارنجتك
يومٌ كالبهتان
لا أفلح في حذفه
يوم باهظ الخسران
لم أقل لك فيه:أفِّ
كنت أطأطىء برأسي
وأتقلَّب في عرق إيماءاتك
-من قال لي أن أكون في كل هذا الضروع..!-
أهيء لدواء سأشتريه
لم أكن على علم بالوصية بين كتابي
أستسيغها في شراب الرُّمان
من يديك
ألثم قطن الفردوس فيهما
لا شيء يشوش عليَّ الصورة
وأنا أقف في مهبِّ ريحانك
ذلك الصباح الشاحب
ضمن ترسيمة جدولي العارم
متواليات ارتباكي
أرتِّب معك
لموعد المساء
كان موعداً أخيراً ولم أفكَّ طلاسمه
لم أفِّ بما طلبت
كنت تستدرج الدقائق صوبك
كالرُّوح العصية
و نثيث الكتاب الأصفر
بين يديك منذ سنوات طويلة
كأعمى قرأت كلَّ ذلك
لم تعنِّي على ذلك بجسر من لدنك
تعبره جساراتي
مبلَّلة بكهرباء أصابعك
أتذكَّر تفاصيل تلك الليلة
على ضوء البجكتور
يالي
يأبتاه
متوزِّعاً بين الغبار
وتكبيرات أصدقائك
ما أكثرهم
كان علي أن أدخل خلد الرهبة في قوقعة المعدن
أهادن على استعادة الظلِّ في هالة الإضاءة
أتحسَّس منكبيَّ
يالغيماتِ نصائحك الكثيرة
لامناص لاستعادة يخضورها
ألهثُ
من حمأة الوقت
كم غفلت عن صوتك في ماء تفاسيره
كم غفلت عن الأنقاض من حولك
ترتفع
كسنوات كسيحة
تركتها خطا الخليفة الكاذب
منارات
مطفأة الصوت
أذاناً متكسراً
وأيادٍ مبتهلة إلى لا جدوى كبد الزُّرقة
كأن لا أحد يستجيب للابتهال
كأن لا أحد يستنفر طيور أبابيل
كأن لا أحد يرتكب غبار الطريق هناك
ثمة لهاث أتركه أنى حللت
أجل، ثقيل حبر رسالتك
أفكّه
في غفلة من ضلالاتي
وغبار الأمكنة البعيدة
معلَّقة من عرجون جهاتها
في تؤدة الدم
أنى وضعت إصبعك
أنَّى استويت من أجل صلاة
أنَّى استويت من أجل أغنية
أنَّى استويت من أجل تراب
أنَّى استويت من أجل أبطال
تسمعهم على ضوء مصباحك
في نشرة أخبار وراديو قديم
سيرة البرزانيِّ
وعلبة تبغ
تحت رماد فتيل القداحة
وذهب الأوراق قرب جذع تلك الشجرة
ذاك الخريف البعيد…!
حيث لا عودة
إلا لهذا النحيب
لا عودة إلا للحلم..!
لا عودة إلا لحبر يديك
يسيل
يسيل
يسيل
كما أسطوانة من ضوء و نشيد
الشارقة
5-11-2014