قراءة أولية لمجموعة ''قوافل المطر'' للشاعرة أفين شكاكي

 

دهام حسن

قراءتي  لـ ” قوافل المطر” لا تتعدى سوى عرض بعض الأفكار للمجموعة دون الغوص في النقد لأنني بصراحة لا أدعي النقد وهو بعيد عن اهتماماتي و فوق قدراتي… تقتصر مجموعة أفين الشاعرة  على الشعر الوجداني ، وما يتفرع عنه من أغراض شعرية وحالات وجدانية  كالغزل  والحزن والألم والقلق والهجر واللقاء…
أفين تنفحنا من أول قراءة لمجموعتها بشعر رقيق آسر ، يسوح بنا إلى فضاء جميل مفعم بالحب بعيدا عن هموم الحياة ، يسرح فيه الخيال ، متنقلا تحت ظلالالذكريات … أفين تظل مع ذلك نهب الهموم يلفها الحزن وتطاردها الحيرة ويأخذها الضياع ؛ فهي متعلقة وجدا بمنابت …
الولادة والذكريات الحزينة والأحلام غير المحققة (ديريك عين ديوار). لها في الزمن ومعه حكايات ، ذكريات .. مع نفحات الحزن ، لكن ذلك  لم يدعها أن تركع  أو تتكسر ، فظلت متشبثة  بالحياة بالأمل لأن عشقها  للشعر أو شعرها العاشق قلب  دنياها الحائرة المتقلبة إلى  واحة يرتادها العشاق ساعة سلوى تريحها عما آلمها . كما تحتفظ  من صخب الحياة وشجونها بلحظات جميلة تستذكر تشابك يدي عاشقين لا تودان الافتراق وملء عينيهما الاشتهاء عند اللقاء والحنين عند الرحيل والهجر والبعاد ..
أفين الشاعرة قد شـفها الحنين مذ فارقها الحبيب ، لكنها رغم الوجد والحنين تتماسك ويسيطر عقلها على جنون الحب فتلوذ إلى سلواها إلى قصائدها تهيم شوقا بانتظار الحبيب …. شعر أفين تطفح بالرقة والعذوبة والدفء والقدرة على استجلاء صور وأخيلة ضمن هالة  من وجد وحنين تلازمها دوما …
أفين رومانسية في شعرها رقيقة في حبها دون ضعف أو تهافت فهي تكتفي بحبها بزهرة حمراء ونظرات العيون وكتابة اسم الحبيب. والحنين لأنه كتب على حبها الرحيل ، الغياب … حيث لحظات اللقاء قصيرة يعقبها حنين وانتظار كبردة أو عباءة تخلع على شعرها أبدا .. أفين سعيدة بوقع المطر وهتافه المعلن عن نهاية الضجر لما لها من ذكريات وسويعات جميلة حيث لمة الأصدقاء والأتراب كل ذلك ينسيها السأم ويحول دون استسلامها للحزن فتتذكر اللقاءات الصامتة وتعاطي الكلام  بلغة العيون فعينا الحبيب هما مثواها الأخير .. أفين دائمة اللهفة والترقب بعودة الحبيب المتخيل لتتجاوز حالتها وتكون هذه المرة سخية بلقائه ؛ عندما يرسم الحبيب قبلة على يديها … شخوص شعرها فيها الكثير من الكبرياء لأن في عرفها الحب متنزه عن العبث والمجون ….
أفين الشاعرة ذاكرتها غنية بخواطر متناثرة فتحيكها أو تغزلها لبوسا جميلة لكنها تظل في دوار بين الشك واليقين …
أفين كأبناء قومها عاشت ملتاعة مع مأساة حلبجة فبثت شكواها وترجمت لوعتها بقصيدة كانت حلبجة عنوانه…
أفين كإنسانة وشاعرة تتميز بشفافية ورقة وعذوبة لا تخلو أيضا من عصبية مستحبة شعرها مفعم بالإحساس يتماوج في إيقاع متلون . أراها وكأنما تعاتبنا وتتحدانا بشعرها وبأننا لم نلتفت لشعرها كما يقتضي الذكاء والواجب. أتمنى ذلك وأنا متفائل بمستقبلها الزاهر.. ولو بعد حين..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…