على إيقاع الصقر أطلقت خطاي

 ابراهيم محمود
” لا بد من يوم كهذا طبعاً ”  
=====
تخفِض له السماء زرقتَها
تسبح السماء ذاتها في صفاء عينيه الجليل
وتمد سجادة من رحابة أمداء
بلغة مستثناة باسمه
تقول له الأرض: حنانيك
خلَل ريشه ينتشي الهواء
الهواء المعهود بأنفته
يتشح بكبرياء طيرانه
تستمد النار ألقاً لها من وهج ريشه
ريشه حديث كل ريش عداه
يصعد الماء إليه مأخوذاً بعمق حِلمه
انعطافة أخرى للماء في الصعود العظيم هذا
ربما الأرواح اللامريئة ذاتها يمّمت شطر حركته المحيطية
الحامل للأرض الصائر أرضاً
المعانق السماء المحلّق سماءً
هو الواصل بين الاثنتين
ذلك هو عوده الدوري إذ يستعيد التاريخ توازنه
إنه الصقر.. الصقر.. الصقر الكردي !
 ما ريشه الريش إنما حزَم أرواح من مضوا وما مضوا
ما منقاره المنقار إنما صراطه المستقيم إلى سواء الأعالي
ما جسمه الموجي إلا جغرافيا كردستانية في ليل دخلتها التاريخية
ما صدى صوته البليغ إلا تسمية لدخلاء التاريخ متقيحي الأرواح
أنى اتجهت تجده بظله الجبلي الوارف
ما أقله كلاماً كعهد السماء به
يا لنفاذ فعله في الانقضاض عند اللزوم
لجسمه ذبذبات الأرض كاملة
طوع مخالبه الدافئة تختصَر المسافات
ذيله يستقطر مشرق الأرض ومغربها
يغمس منقاره في عمق الفضاء
فتستجيب لنقرته المقدسة خلائق السموات السبع
في عينيه الصغيرتين تقيم قارات كاملة
شجر يشد بفروعه إلى حيث يزهو بنظراته الحكيمة
أنفاس الأرض تتسندس على وقع تحليقه
يمكن لقلوب العذارى أن تستشعر دبيب نظراته في الجهات الأربع
وتستلهم أنواعاً أعمق من الحب لمن يحب
يمكن لشاعر نحرير أن يطلق العنان لخياله لحظة النظر إلى خياله الصقري
يمكن لي أن أطلق لخطاي الخطى كي أعزّز موقع حلمي المطارَد من مسوخيين
يحولون دون ابتسامة الأطفال
دون حبل السنابل
دون شهيق الينابيع
ليس سراً إن سميته الصقر
ليس سراً إن أشرت إليه بالبنان
ثمة الملايين مثلي ينافسونني في الإشارة هذه
إنه الصقر.. الصقر الكردي
تغريدة تصعد بها كل بقعة أرضية كردية:
هولير، زمار، شنكَال، كوباني، قامشلو
كل اسم كردي انبعث من سبات فُرض عليه
في يوم ربما كان موعوداً باسمه:
الاثنين 26 كانون الثاني 2015
تذكروا هذا الصقر جيداً
بريشه الذي لا يُحصى
بعينيه اللتين تأنس بهما محيطات كما ذرى جبال كردستان قاطبة
بمنقاره الذي تهرع إليه ثغور غير مرئية 
ليحرّر كل جهة من جهتها
بذيله الذي تطلق شموس في إثره أهازيج من ضوء إضافي
بمخالبه التي ترتاح لمرآه غابات
حيث يخشاه الفاسدون في الأرض بطوائفهم المقززة
في رقبته الاسطوانية ثمة طواف قارات
رجاء نهارات لأن يلزم الليل حده
لأن يعرف الثعلب أنه ثعلب
أن الضبع ضبع
أن الغراب غراب
أن العقرب عقرب
أن النمر نمر
أن الصقر صقر
مجدداً يطل الله بكامل عظمته المطلقة
من سدرة منتهاه،
ملقياً عليه السلام اللائق به
قائلاً بكل لغاته:
آه يا صقري.. صقري الكردي
هكذا كنت
ستكون هكذا
صقراً صقراً
عالم كامل يدخل في عهدته لتعلم لغته
حدثاً غير مسبوق
اعترافاً لا مهرب منه بجميله المنتظر
شغفاً بسماع صوته المطلق
يخرج إليه في عليائه
أربعون مليوناً ونيّف
من الناطقين بلسانه الناري
سلام عليك يا صقر
يوم ولدت
يوم صعدت عالياً
يوم سموتَ بسمائك
يوم تستمر معانقاً أبديتك
دهوك
27-1-2015 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…