مروان بركات
تَرَكت نسمات الأمس الندّية سراً في مرآة ذاكرتي التي ما زالت ترضع من ألوان لوحة ذلك اللقاء الذي سرق باقةً من أناشيد القلب.
منذ الأمس الورديَّ وأنفاسك الآذارية في واحة صدري تبسط أصدافاً من الأشواق، ودواويناً من الشعر أبلغ من قصائد الحريري في لحظة فراقه لحبيبته.
منذ الأمس الضحوك الذي ملأت كؤوس الحياة نبيذ النشوة .. وأنا أعبر الزمن إلى فصول الغد، وفي أنابيب ذاكرتي عناوين تلك الكلمات التي غسلت الآلام من جسد الأيام التي كانت فيها المعاني حبيسة الصمت.
منذ الأمس.. جين نفض الأقحوان أجفانه من اللحظات المشاكسة، وعَصَرَ السماء نوراً برتقالياً في أحداق الطرقات التي حفظت كل أسفار العشق الأزلية… كانت سلوك الرياحين تشبه رموش صبية لحظة سيمفونية الهمسات في أول لقاء مع حبيبها الخجول.
منذ الأمس النرجسي… لا يزال الروح يتلكأ بين جدائل تلك اللحظات، وهو في انتشاء الزهر قد ضمّه الندى، وكفراش الربيع في مسارح الجمال.
في حضرة الأمس الأسطوري الخالد دفنَ النار في ظل ذلك القميص المنسوج لحكايات التفاح، وأُشعل البرد بشرارة الشوق بعد انتظار طويل.