حيتان كردية بحجم الإصبع

ابراهيم محمود

حيتان كردية بحجم الإصبع
تحلم دائماً بصحراء زاخرة بالأسماك
لهذا تشمّر عن مغامراتها ذات المنحدرات الشديدة الوعورة
تتزحلق على رملة تعترض طريقها
إذ تهمُّ برمي صناراتها
وهي على الريق
منذ زمان خارج عن الحساب
********
حيتان كردية بلون الإصبع
مهووسة بالرسوم المتحركة
بالنقانق الفاسدة والصودا العكرة
يتوسط لها توم وجيري
تقول: أووه أميركا غات تالنت
هوليود أين أنت يا هوليود
لهذا تؤمُّ خمارة ” السماء الماجنة “
وتفقد الوعي
عند أول رشفة من إبط رغبة مارقة
ينهرها شارلي شارلي:
كان عليك تجنّب أضواء ِالمدينة
********
حيتان كردية بلون الإصبع
تلاعب البق و.. والعوالق الهوائية
تردّد : هاواوي ..هاواي 
تجالس مهربين لذوي الاحتياجات الخاصة
لسفر يناسب تطلعاتها ذات الصلة بفقمات تسيل لعابها
المهرّبون يدرّبون سكاكينهم على هواياتها الغريبة
ويطلقون عليها صيادي زيت كبد الحوت المحترفين
تتعالى أصوات انتصاراتهم:
لولاها.. لولاها، كيف كنا سننعّم لحانا
*********
حيتان كردية بحجم الإصبع
تتسكع على طرقات مزدحمة بالمشبوهين وعلب الليل
تعرض خدماتها على زنابير مشهورة بالصيد غير المشروع
تغريها بحفلات صاخبة لنحلات ذات سيقان عارية ونهود محلّقة
ولأنها متلهفة إلى روائح أدمنتها
تتخبط في دبق أعددته لها باطرونة مباغتة
*********
حيتان كردية بحجم الإصبع
من أحب الألوان إليها: الخديعة
الخديعة أصبحت ميزة لا تفارقها
تؤدي واجباتها المدرسية حالمة بـ” مرحى “
تتوسل إلى نمس محترف خشية الرسوب
يطبطب النمس على مؤخراتها
فتجد نفسها في مستودع الخردة 
*******
حيتان كردية بحجم الإصبع
أثارت هموم حيتان المحيطات
كيف نبصّرها بحقيقتها ؟
تقول لبعضها بعضاً في ” وول ستريت “
قناديل البحر تهمس في آذانها المعقوصة :
أنت غضبى على اسمك
استقري روحاً يا ملكات الماء العظيم
إنها من أسباب وجودك المترف
تقهقه حيتان البورصة المعهودة:
أيتها الخبيثة لقد أدركت سرَّنا المحبوك !
*******
حيتان كردية بحجم الإصبع
تعبث بالمفرقعات وهي ناعسة على العموم
الجيران منزعجون والليل في آخره
يسلّطون عليها عقاقير تعرف نقطة ضعفها
الحيتان الكردية على علم بما يحاك لها من مؤامرات رطبة
يعجبها هذا الاستقطاب التلفزيوني الخاص
تمضي في عروض ألعابها النارية
لافتة أنظار الدسائس الاحتياطية
فينتهي بها المطاف إلى مسالخ معدَّة لها من زمان عتيق
********
حيتان كردية بحجم الإصبع
تتناسل من رؤوسها الشديد الصغر
تترك أرحامها في الهواء الملوث لجهلها المخضرم
يشفق الهواء عليها
يضيق بغفلاتها المتكررة
ستصيبني بالجلطة إذا استمرت في عرض نفاسها الكبريتي
يتركها ضمن فراغ مكتوم الأنفاس
فيحجّر عليها التاريخ بالشمع الأحمر
وتطرق الجغرافيا الحيية رأسها:
كيف فاتني أن أسمح لها
أن تخرج للملأ عارية مستهترة بقواعد الحشمة
غير مكترثة بألغام مميتة محسوبة علي 
كيف .. كيف 
تجهش في بكاء مهيب
أمام سمع وبصر أصحاب الغرائب والعجائب
********
حيتان كردية بحجم الإصبع
حححـ…
دهوك
فجر28 نيسان 2015 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…