محمد بيجو *
هذا الديوان يعد الأول للشاعر حسن أبو الشملات الذي أراد أن يضع بين صفحاته ما تيسر من شعر ونثر, ذكريات وغربة ذات, وهو بمثابة تدوين لمشاهد المكان الذي يعيش فيه الشاعر وسيبدو للقارئ بأن هذا المكان رطب جدا لم يعرف الجفاف أو هبوب الرمال الجافة يوماً.
هذا الديوان يعد الأول للشاعر حسن أبو الشملات الذي أراد أن يضع بين صفحاته ما تيسر من شعر ونثر, ذكريات وغربة ذات, وهو بمثابة تدوين لمشاهد المكان الذي يعيش فيه الشاعر وسيبدو للقارئ بأن هذا المكان رطب جدا لم يعرف الجفاف أو هبوب الرمال الجافة يوماً.
يتضمن الديوان أربعة فصول أو أجزاء ” تشكيل, فضاء آخر, صلصال, غربة ” والتي تتشظى إلى مقاطع وحالات شعرية ونثرية متفاوتة الطول والصياغة والخيال.
يبدأ الديوان بشبه رسالة وبعض توضيح وإبهام لحالة واحدة من حالات العاشق أو التائه أو فلنقل العاشق التائه وهي رسالة إلى أحد ما ثم إلى أشخاص قريبين أو ربما باتوا بعيدين جدا.. الشاعر يتمنى أن تصل الرسالة إلى العنوان المطلوب والذي لم يفصح عنه بل تركه لفطنة المرسل إليه كي يحدد مسارها من جديد, لكن هل ستصل الرسالة كما تصل الرسائل عادة؟ لأن الشاعر يصرخ تماما ويهتف عالياً بأنه يكتب للريح لا للحجر, إذاً هو يكتب للقلق الذي لا يقف على شيء إلا على نفسه ولا يدع مجالاً للسكون والروتين, فكل شيء جديد, يكتب لشيء لا يستقر بمكان محدد, وما يهمنا بأنه يعترف بجرم الكتابة .. هذه الكتابة التي يعتمد الشاعر فيها على مفردات معينة حتى لا تجد صفحة واحدة من الديوان هذا تخلوا من إحدى هذه المفردات: ” الموج, الزبد, البحر, الريح, ميناء, الملح, الشراع, الغرق, شاطئ, مراكب… الخ ” وهذه المفردات ترشدنا وتعرفنا بالقاموس اللغوي للشاعر حسن الذي يبدو قليل الصفحات ومن بيئة رطبة على ساحل أو جزيرة أو شاطئ.. وهو يعكس علاقته المباشرة مع بيئته والأمكنة التي تتوزع على أطراف تلك البيئة, فيكتب عن الأشياء التي يقع بصره عليها , بشكل ملموس ومحسوس أي أن الشاعر يحكم على خياله في كثير من المقاطع بالإعدام دون رحمة أو شفقة :
طلق جسدك
يدي تتلعثم
كل لمسة نجمة
كل حرف سماء …. صــــ 35
لكن من جهة أخرى قد أجاد أبو الشملات في هندسة قصيدته على الورق من الناحية البصرية وأتقن في توزيع كلماته على بياضها فمثلا في قصيدة : فضاء آخر ” رقص ” يقول ويكتب هكذا :
رقص
رقص
رقص
رقص
رقص
جسد ثرثار
غازل
رئة الليل
وتناهى
يرسم قبلته صـــ 24
يعرف حسن كيف يبني القصيدة بغض النظر عن الأدوات والمواد التي يبني بها لكن يبدو بأن نفس الشاعر نفس ضيقة، وتشبه نفس من يسلم روحه غرقاً وكأنه يشعر بأن رئتيه بحاجة إلى الريح كثيرا, ولما لا.؟ وهو يكتب للريح كما أوردنا سابقا, لذلك يترك الكلمة هناك وحدها ليلاحق الريح وما أن يعود من مهمته حتى يبدأ من مكان آخر بوضع كلمة جديدة لينسحب بعدها كي يتمم غرقه الشعري هنا يقع الشاعر في المباشرة لأنه الجلاد الذي أعدم الخيال و لأنه يتكئ على قاموس قليل الصفحات فتحمل صوره الشعرية معنى واضحا :
الهجر من طبع الإوز
فريشه يرقص على أصابع الموج
حين يبسط كفيه
والوضوح يكون القاتل الوحيد للفكرة والحالة الشعرية ككل في حالة حسن ولكن في بعض الأحايين وان كان يقترب من الإيحائية ويضع بين يدي القارئ الكسول والنشيط على حد سواء عددا من الصور الشعرية تكون متعددة الجوانب وتوحي بأكثر من احتمال ومعنى :
قال ميت :
كان بيتي أغنية
أو صدى
حفّ يوما بالقصب
ربما ظننت
أنني كنت
كالعصفور أنفض التعب
فوق ماء الساقية ……….. صــــ 68
هي صور رؤيوية بكل جدارة إلا أن هناك ما تنحرف من مجرى الإيحاء إلى الغموض ومن ثم الإبهام الذي يثقل كاهل النص ولا نعرف ماذا يقول أو ماذا كان يريد قوله حيث التشتت والاضطراب ومن ثم الضياع في الحالة :
الرؤية من أرى
من ذات هي يد الجسد
أو جسد هو يد الذات …… صـ 79
في بعض مقاطع الديوان هناك تعابير ليس لها مبرر أو معنى في سياق الشعر، اللّهم إن كان هم الشاعر اللعب باللغة :
أخرج من نفسي إلى نفسي بلا نفس ولا خروج.. صــ 9
حسن أبو الشملات يعبر عن تجربته، فمدلولاته رهينة تلك التجربة وسياق النص الذي بني على ذاكرة المكان الذي عاش فيه أو حاول أن يعيش .
الصورة الفنية الكلاسيكية تقوم على مقاربة أمكنة ومنابع المشبه والمشبه به لذلك كان المشبه به وسيلة لتوضيح المشبه لدى المتلقي وهذا ما فعله حسن في الكثير من حالاته الدقيقة والتي تعود به وبنا إلى القليل من النثر والكثير من الشعر وان كان هناك مسافة طويلة بين الكلمة والكلمة .
ليس لدى حسن أبو الشملات هموم كبيرة وقضايا مصيرية في هذا الديوان فهو لا يبحث عن وطن ضائع مثلاً أو عن حل لأزمات إنسانية خطيرة ربما لإيمانه بان هناك أشياء داخل الإنسان أكبر من أي شيء آخر وأن على الشاعر والمتلقي أن لا يحمّلا الشعر أكثر من طاقته كي لا ينقرض فهو مهدد بذلك منذ زمن بعيد .
يبدأ الديوان بشبه رسالة وبعض توضيح وإبهام لحالة واحدة من حالات العاشق أو التائه أو فلنقل العاشق التائه وهي رسالة إلى أحد ما ثم إلى أشخاص قريبين أو ربما باتوا بعيدين جدا.. الشاعر يتمنى أن تصل الرسالة إلى العنوان المطلوب والذي لم يفصح عنه بل تركه لفطنة المرسل إليه كي يحدد مسارها من جديد, لكن هل ستصل الرسالة كما تصل الرسائل عادة؟ لأن الشاعر يصرخ تماما ويهتف عالياً بأنه يكتب للريح لا للحجر, إذاً هو يكتب للقلق الذي لا يقف على شيء إلا على نفسه ولا يدع مجالاً للسكون والروتين, فكل شيء جديد, يكتب لشيء لا يستقر بمكان محدد, وما يهمنا بأنه يعترف بجرم الكتابة .. هذه الكتابة التي يعتمد الشاعر فيها على مفردات معينة حتى لا تجد صفحة واحدة من الديوان هذا تخلوا من إحدى هذه المفردات: ” الموج, الزبد, البحر, الريح, ميناء, الملح, الشراع, الغرق, شاطئ, مراكب… الخ ” وهذه المفردات ترشدنا وتعرفنا بالقاموس اللغوي للشاعر حسن الذي يبدو قليل الصفحات ومن بيئة رطبة على ساحل أو جزيرة أو شاطئ.. وهو يعكس علاقته المباشرة مع بيئته والأمكنة التي تتوزع على أطراف تلك البيئة, فيكتب عن الأشياء التي يقع بصره عليها , بشكل ملموس ومحسوس أي أن الشاعر يحكم على خياله في كثير من المقاطع بالإعدام دون رحمة أو شفقة :
طلق جسدك
يدي تتلعثم
كل لمسة نجمة
كل حرف سماء …. صــــ 35
لكن من جهة أخرى قد أجاد أبو الشملات في هندسة قصيدته على الورق من الناحية البصرية وأتقن في توزيع كلماته على بياضها فمثلا في قصيدة : فضاء آخر ” رقص ” يقول ويكتب هكذا :
رقص
رقص
رقص
رقص
رقص
جسد ثرثار
غازل
رئة الليل
وتناهى
يرسم قبلته صـــ 24
يعرف حسن كيف يبني القصيدة بغض النظر عن الأدوات والمواد التي يبني بها لكن يبدو بأن نفس الشاعر نفس ضيقة، وتشبه نفس من يسلم روحه غرقاً وكأنه يشعر بأن رئتيه بحاجة إلى الريح كثيرا, ولما لا.؟ وهو يكتب للريح كما أوردنا سابقا, لذلك يترك الكلمة هناك وحدها ليلاحق الريح وما أن يعود من مهمته حتى يبدأ من مكان آخر بوضع كلمة جديدة لينسحب بعدها كي يتمم غرقه الشعري هنا يقع الشاعر في المباشرة لأنه الجلاد الذي أعدم الخيال و لأنه يتكئ على قاموس قليل الصفحات فتحمل صوره الشعرية معنى واضحا :
الهجر من طبع الإوز
فريشه يرقص على أصابع الموج
حين يبسط كفيه
والوضوح يكون القاتل الوحيد للفكرة والحالة الشعرية ككل في حالة حسن ولكن في بعض الأحايين وان كان يقترب من الإيحائية ويضع بين يدي القارئ الكسول والنشيط على حد سواء عددا من الصور الشعرية تكون متعددة الجوانب وتوحي بأكثر من احتمال ومعنى :
قال ميت :
كان بيتي أغنية
أو صدى
حفّ يوما بالقصب
ربما ظننت
أنني كنت
كالعصفور أنفض التعب
فوق ماء الساقية ……….. صــــ 68
هي صور رؤيوية بكل جدارة إلا أن هناك ما تنحرف من مجرى الإيحاء إلى الغموض ومن ثم الإبهام الذي يثقل كاهل النص ولا نعرف ماذا يقول أو ماذا كان يريد قوله حيث التشتت والاضطراب ومن ثم الضياع في الحالة :
الرؤية من أرى
من ذات هي يد الجسد
أو جسد هو يد الذات …… صـ 79
في بعض مقاطع الديوان هناك تعابير ليس لها مبرر أو معنى في سياق الشعر، اللّهم إن كان هم الشاعر اللعب باللغة :
أخرج من نفسي إلى نفسي بلا نفس ولا خروج.. صــ 9
حسن أبو الشملات يعبر عن تجربته، فمدلولاته رهينة تلك التجربة وسياق النص الذي بني على ذاكرة المكان الذي عاش فيه أو حاول أن يعيش .
الصورة الفنية الكلاسيكية تقوم على مقاربة أمكنة ومنابع المشبه والمشبه به لذلك كان المشبه به وسيلة لتوضيح المشبه لدى المتلقي وهذا ما فعله حسن في الكثير من حالاته الدقيقة والتي تعود به وبنا إلى القليل من النثر والكثير من الشعر وان كان هناك مسافة طويلة بين الكلمة والكلمة .
ليس لدى حسن أبو الشملات هموم كبيرة وقضايا مصيرية في هذا الديوان فهو لا يبحث عن وطن ضائع مثلاً أو عن حل لأزمات إنسانية خطيرة ربما لإيمانه بان هناك أشياء داخل الإنسان أكبر من أي شيء آخر وأن على الشاعر والمتلقي أن لا يحمّلا الشعر أكثر من طاقته كي لا ينقرض فهو مهدد بذلك منذ زمن بعيد .
هامش:
بين الحبر والصلصال.
الشاعر حسن أبو الشملات
دار عين الزهور: اللاذقية ــ سوريا / 2006