رشيد عباس
مفعماً بالقلق والوحدة يعود إلى الماضي , والذكريات المذبوحة بالنشيج والندم يحاول أن يتذكر وروده الحمر للحبيبة الصغيرة , ليعلن حرباٌ على الأقفاص والتقاليد , إذ تستحيل الورود والنساء والارتكابات باقات حبرٍ وقصائدَ ليعلن عبرها الانتظار والأمل .
في مجموعته الأولى (بحيرة الغبار ) ,يحاول مصطفى إسماعيل أن يمارس طقوس الكتابة في صومعة من العزلة والانغلاق على الوجع والمعاناة لاشك أنها عزلة الشاعر عن المكان والمكان عن الزمان ، عزلة كوباني وانغلاقها على ذاتها كما يرى الشاعر في نصوصه .
(وأتذكر/ ماتت هناك / غابات المعنى /حينة خيول البرق كانت /تقطف عناقيد الأبد/أتذكر أيضاً /نسياني الوارف الظلال / وأتذكر كوباني /وهي توغل في الأبعاد المنسية /لذاكرة سحابة تخنق حروفها / وأتذكرني يتيماً في المطر /المطر يتيماً في . )( ص11)
في نصوصه يطلق الشاعر العنان لخيل السخرية ويسخر من الوضع المتردي الذي آل إليه المجتمع حيث اللامبالاة وعدم الاهتمام بالثقافة والإنسان و. و. . .الخ .
لذلك يسخر من القبائل الأحزاب : (وهذه قبائلي السبع في قعر النيران تربط خفق /العيون/ إلى طين الأعراف العادية .(ص66 )
( البرازيون سيرممون الصلوات والأدعية إذاً / رغم أنهم ضالعون في الربا والوشايات . ) (ص44)
لم يكن قلق الشاعر إلا قلقاً وجودياً يحاول من خلاله البحث عن البديل والطمأنينة ,وأن ينفض الغبار عن البحيرة المكان , كوباني .
(لم يعد هنالك شيء حقيقي يستحق البصاق./لم يعد هنالك من يقرأ الشعر في الحدائق/والباصات/لم تعد الجماهير تهتم بأبعد من ربطة الخبز/ لذا أريد حياة مختصرة /لأملأها بكل شيءٍ جميل آخر/ابتداءً من الأحذية/وانتهاءً بالحاويا ت.) (ص71)
(بحيرة الغبار)نصوص جديرة بالقراءة وهي إن دلت على شيء فإنها تدل على أن قصيدة النثر ستجد في القريب المأمول طريقاً أفضل لذاتها رغم التخبط الذي تسير عبره – لا مجال للحديث عنه في هذا المكان – وذلك من خلال متابعة المشهد الشعري في سورية.
غير أنه لا بد من ملاحظات على هذه النصوص وهي :-إذا كان شعر التفعيلة في الفترة الأخيرة يشق طريقه عبر طغيان الشكل على المضمون ودوران الشعراء في فضاء المبنى بعيداً عن المعنى والفكرة في الغالب،نجد أن نصوص مصطفى إسماعيل في (بحيرة الغبار) تعود إلى فترة شعر الواقعية الاشتراكية من خلال التقاطع مع هذا النوع من الشعر بالموضوع والمعنى.
فعندما كانت الفترة السائدة تتطلب من الأدباء الاهتمام بالكلمة ودورها في التعبير على حساب الشكل نجد أن مصطفى إسماعيل أيضاً في هذه النصوص يعود ليعطي دوراً أكبر للكلمة على حساب الشكل. فمن خلال إلقاء نظرة أفقية على تركيبة الجُمل نلاحظ أنه يكثر من التكرار في النص الواحد من خلال تكراره لضمير المتكلم مع الإكثار من فعل الاستمرار.
(أنا مجرد عاصفة بلا توقيت/أشيد مقبرة لابتسامات الأطفال/وشوارع بائسة للمتسولين/أطلق خيولي لتصطدم بالهواء المتخثر/وأمسح الندى عن جثة امرأةٍ صغيرة/سوف أدك الشرفات البعيدات)(ص30)
(أنا أسافر في الوجع/لأن الأرض ارتماءٌ في الخديعة/أبعثر ريشي على السماوات/وأهديكم رويداً..رويدا ً/ بروقي..لعناتي..وعزلتي التي ستؤرقكم طويلا ) (ص52)
– ثمة ملاحظة أخرى على نصوص(بحيرة الغبار) وهي أن العملية الإبداعية لدى مصطفى إسماعيل تتميز بالتحوير وهي الدوران في فضاء النص أكثر مما ينبغي حيث يحاول أن يبني النص من داخله لا من خارجه لذلك نجد في أكثر النصوص يكرر(أكتب،أعلن،سأبحث)كذلك يقول في مواضع أخرى (أنا بلا زمن،أنا محاصر كطيور بليدة،وأنا هذا القلب الصغير المدون…… ) (ص59)
(لي موتي/ولكم موتكم المدحور والساقط/لي رمادي/ولكم فرحكم الذي بلا حنجرة/ لي فجري المتثائب/ولكم عشبكم المشرد الذي ينام في عطلة اللغة.) (ص47)
هذا التحوير الذي أدى إلى انغلاق الشاعر على النص وانغلاق النص على ذاته هو نتيجة طبيعية لانغلاق الشاعر على نفسه.فلو نظرنا إلى النصوص عمودياً نجد أثر البيئة واضح في تداعيات الشاعر هذه البيئة المكان المغلق على ذاته.وإرخاء ظلالها على ذات الشاعر،أدت إلى اشتغال الشاعر على الفكرة أكثر من اشتغاله على الصورة , والدليل على ذلك كثرة التعريف مما حمّل النصوص أكثر من طاقتها.وأكثر التعريف أتى من خلال تعريف الصفة والموصوف معاً.
بحيرة الغبار,نصوص هي المجموعة الشعرية الأولى للشاعر والكاتب مصطفى إسماعيل صادرة عن دار الزمان للطباعة والنشر والتوزيع . دمشق – سوريا . في طبعتها الأولى : 2006
(وأتذكر/ ماتت هناك / غابات المعنى /حينة خيول البرق كانت /تقطف عناقيد الأبد/أتذكر أيضاً /نسياني الوارف الظلال / وأتذكر كوباني /وهي توغل في الأبعاد المنسية /لذاكرة سحابة تخنق حروفها / وأتذكرني يتيماً في المطر /المطر يتيماً في . )( ص11)
في نصوصه يطلق الشاعر العنان لخيل السخرية ويسخر من الوضع المتردي الذي آل إليه المجتمع حيث اللامبالاة وعدم الاهتمام بالثقافة والإنسان و. و. . .الخ .
لذلك يسخر من القبائل الأحزاب : (وهذه قبائلي السبع في قعر النيران تربط خفق /العيون/ إلى طين الأعراف العادية .(ص66 )
( البرازيون سيرممون الصلوات والأدعية إذاً / رغم أنهم ضالعون في الربا والوشايات . ) (ص44)
لم يكن قلق الشاعر إلا قلقاً وجودياً يحاول من خلاله البحث عن البديل والطمأنينة ,وأن ينفض الغبار عن البحيرة المكان , كوباني .
(لم يعد هنالك شيء حقيقي يستحق البصاق./لم يعد هنالك من يقرأ الشعر في الحدائق/والباصات/لم تعد الجماهير تهتم بأبعد من ربطة الخبز/ لذا أريد حياة مختصرة /لأملأها بكل شيءٍ جميل آخر/ابتداءً من الأحذية/وانتهاءً بالحاويا ت.) (ص71)
(بحيرة الغبار)نصوص جديرة بالقراءة وهي إن دلت على شيء فإنها تدل على أن قصيدة النثر ستجد في القريب المأمول طريقاً أفضل لذاتها رغم التخبط الذي تسير عبره – لا مجال للحديث عنه في هذا المكان – وذلك من خلال متابعة المشهد الشعري في سورية.
غير أنه لا بد من ملاحظات على هذه النصوص وهي :-إذا كان شعر التفعيلة في الفترة الأخيرة يشق طريقه عبر طغيان الشكل على المضمون ودوران الشعراء في فضاء المبنى بعيداً عن المعنى والفكرة في الغالب،نجد أن نصوص مصطفى إسماعيل في (بحيرة الغبار) تعود إلى فترة شعر الواقعية الاشتراكية من خلال التقاطع مع هذا النوع من الشعر بالموضوع والمعنى.
فعندما كانت الفترة السائدة تتطلب من الأدباء الاهتمام بالكلمة ودورها في التعبير على حساب الشكل نجد أن مصطفى إسماعيل أيضاً في هذه النصوص يعود ليعطي دوراً أكبر للكلمة على حساب الشكل. فمن خلال إلقاء نظرة أفقية على تركيبة الجُمل نلاحظ أنه يكثر من التكرار في النص الواحد من خلال تكراره لضمير المتكلم مع الإكثار من فعل الاستمرار.
(أنا مجرد عاصفة بلا توقيت/أشيد مقبرة لابتسامات الأطفال/وشوارع بائسة للمتسولين/أطلق خيولي لتصطدم بالهواء المتخثر/وأمسح الندى عن جثة امرأةٍ صغيرة/سوف أدك الشرفات البعيدات)(ص30)
(أنا أسافر في الوجع/لأن الأرض ارتماءٌ في الخديعة/أبعثر ريشي على السماوات/وأهديكم رويداً..رويدا ً/ بروقي..لعناتي..وعزلتي التي ستؤرقكم طويلا ) (ص52)
– ثمة ملاحظة أخرى على نصوص(بحيرة الغبار) وهي أن العملية الإبداعية لدى مصطفى إسماعيل تتميز بالتحوير وهي الدوران في فضاء النص أكثر مما ينبغي حيث يحاول أن يبني النص من داخله لا من خارجه لذلك نجد في أكثر النصوص يكرر(أكتب،أعلن،سأبحث)كذلك يقول في مواضع أخرى (أنا بلا زمن،أنا محاصر كطيور بليدة،وأنا هذا القلب الصغير المدون…… ) (ص59)
(لي موتي/ولكم موتكم المدحور والساقط/لي رمادي/ولكم فرحكم الذي بلا حنجرة/ لي فجري المتثائب/ولكم عشبكم المشرد الذي ينام في عطلة اللغة.) (ص47)
هذا التحوير الذي أدى إلى انغلاق الشاعر على النص وانغلاق النص على ذاته هو نتيجة طبيعية لانغلاق الشاعر على نفسه.فلو نظرنا إلى النصوص عمودياً نجد أثر البيئة واضح في تداعيات الشاعر هذه البيئة المكان المغلق على ذاته.وإرخاء ظلالها على ذات الشاعر،أدت إلى اشتغال الشاعر على الفكرة أكثر من اشتغاله على الصورة , والدليل على ذلك كثرة التعريف مما حمّل النصوص أكثر من طاقتها.وأكثر التعريف أتى من خلال تعريف الصفة والموصوف معاً.
بحيرة الغبار,نصوص هي المجموعة الشعرية الأولى للشاعر والكاتب مصطفى إسماعيل صادرة عن دار الزمان للطباعة والنشر والتوزيع . دمشق – سوريا . في طبعتها الأولى : 2006