وداعاً باحثنا النبيل عبدالإله باشا المللي

يأتي رحيل الباحث الكردي الكبير عبدالإله الباشا المللي، في هذه اللحظة الأشد إحراجاً في تاريخ إنساننا ومكاننا ليشكل فراغاً جد كبير، لاسيما إن الحاجة إليه، وإلى قلمه النزيه والموضوعي كانت جد كبيرة. فهو بالإضافة إلى إنه كان في حقيقته بمثابة مكتبة تراثية تاريخية اجتماعية متنقلة، فإنه كان يعد كذلك ذاكرة لتاريخ شعبه وجغرافيا وطنه يجمع بين ما نقل من الشفاه و اختزن في صدور آبائه وأجداده وهم صناع المآثر والبطولات والأمجاد من جهة و ما هو موثق بموضوعية  وصدق رغم ندرته من الناحية العلمية، من جهة أخرى. وتتجلى  الآن تحديداً الحاجة الحقيقية والكبرى إلى جهده وأمثاله من الباحثين الغيارى المتعمقين في دراسة تاريخ إنساننا وجغرافياه.
لقد كرس الباحث عبدالإله الباشا المللي حياته، منذ بداية وعيه من أجل خدمة إنسانه، وهو الوطني، والإنساني، وفق معادلته الرؤيوية الحياتية، ليكون من عداد المثقفين الندرة الذين خاضوا غمار استقراء مجالات تكاد غير مطروقة، لاسيما في مايخص: الديانة الكردية القديمة وخريطة شعبه الذي سرق تاريخه، وأجريت له المحارق، في إطار محو هويته المستمرة التي طالت محو وجوده.
استطاع باحثنا عبدالإله الباشا المللي اكتساب محبة مختلف الشرائح الاجتماعية من حوله: العامة والنخبة. السياسي والثقافي، على حد سواء. وذلك من خلال عطائه، وتفاعله، من أجل أداء رسالته التي نذرلها نفسه. ومن هنا، فإن مرارة الغياب المباغت  لباحثنا وهو في أوج عطائه العلمي والمعرفي نستشعرها جميعاً. لاسيما إن أحد زملائنا كان قد اتفق والراحل الكبير في توثيق التاريخ الحقيقي لمدينته ومسقط رأسه: سري كانيي/ رأس العين، كما تاريخ عائلته الذي يعني هنا جزءا من تاريخ كردستان
باسم زملائنا في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين  نتقدم إلى أسرة الباحث وذويه ومحبيه بالعزاء الحار آملين التعاون معاً من أجل جمع مقالاته والحوارات التي أجريت معه وذكريات أصدقائه من حوله لتسد جزءاً من الفراغ الذي استشعره وراح يدعوه إلى الحفر التاريخي والتراثي إلا أن غيابه الأليم أحال دون استكمال هذا المشروع الملح والمهم.
كما إننا كاتحاد عام سوف نخصص ملفات عن باحثنا ونهيب بكل من عرفه عن قرب أو تابعه أن يساهم في الكتابة لهذه الملفات وندعو للتعاون من أجل تحويل مناسبات أربعينه وذكراه السنوية إلى مؤتمرات لاستقراء تاريخنا و جغرافينا كرد على محاولات تزويرهما التي تتم ضمن حملة واسعة متفق عليها من قبل دوائر شتى.
لروح الباحث   العزيز عبدالإله الباشا المللي جنان الخلد
ولأسرته وذويه وأصدقائه ومحبيه ورفاقه في-اللقاء الديمقراطي- الصبر والسلوان
1-9-2016
الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

المهندس باسل قس نصر الله
حين زرتُ المقابر المسيحية لأول مرة – ولسببٍ لا أذكره اليوم – كنتُ في العاشرة من عمري. هناك، بدأتُ أمارس ما كنتُ أظنه معرفة بالقراءة … فصرتُ أقرأ أسماء الموتى على القبور، أتهجّى الحروف واحداً واحداً، وأربط أسماء العائلات بأسماء أصدقائي المسيحيين. وكنتُ أعود إليهم أسألهم عن تلك الأسماء، عن الذين…

أحمد مرعان

رحلةُ سقوطِ الوعي بين بريقِ المصلحة وبهتانِ الحقيقة؛ كان المثقفُ أيامَ النقاءِ والتضحيةِ نبضَ الوعي الجمعي في جسدِ الأمة، وصوتَ العقلِ حين تسكتُ الأصوات، يسيرُ في الدروبِ المظلمةِ حاملًا شعلةَ النور بالفكرِ والوعي، بقدسيةِ إعلاء كلمةِ الحق، ينيرُ بها القلوبَ والعقولَ قبلَ الطرقات، مغامرًا بنفسِه إلى السجونِ والمعتقلات، وربما يكونُ ضحيةَ فكرِه ورأيِه، يؤمنُ…

هند زيتوني| سوريا

كي تتحدّث مع الأموات بإمكانك الذهاب إلى مدينة المنجمّين الشهيرة في كاساديغا بولاية فلوريدا الأمريكية هناك يستطيع الوسيط أو الـ (Medium) أن يجعلك تتصل بالأرواح، أمّا إذا أردت أن تستمع لحديث الشاعرات اللواتي تربّعن على عرش الموت، فما عليك إلاّ أن تقرأ كتاب “بريد السماء الافتراضي”. هناك الموت لا يعني التلاشي ولا…