خليل عبد القادر : راكضاً تحت ثقل إمبراطورية وحرائق…!

إبراهيم اليوسف
dylynet@hotmail.com

على مدى أكثر من ربع قرن, وأنا أتابع حرائق ألوان صديقي الفنان خليل عبد القادر, عندما كان في أرض الوطن, في المرسم الاستثنائي الذي أشاده بروحه الحائرة, ليكون علامةً غير عادية في خريطة مراسم الفنانين, هذا المرسم الذي لا يمكن تناوله إلا كامتداد لروحه, بل كلوحة تعبق برائحة أصابعه، وهي تقود الصلصال بحذق غير مسبوق، في مهرجانات اللون!.

وحين تكتب لي الرّوزنامة, على غفلة من رتابة الأيام, وعيونها ، كي أتقرّى بعضاً من مدن أوربا, لا أجد مناصاً، من أن ألحّ –بما أوتيت – على دليلي الجميل، أن يقودني إلى منزل صديقي الفنان خليل والشاعرة مها بكر , كي أتواصل معهما- وتكتمل مناسك حجي ، بعيداً عن شجن المسافات- أتواصل مع لوحات خليل وقصائد مها، وجهاً لوجه ، وإن كان الوقت الذي سرقناه معاً ، أقلّ بكثير مما يمكن أن نقوله، لأرى كيف أن خليل حمل فوضاه المهندسة ، أنّى حلّ ، فأبصر طاولته الخاصة، في حضن المكان الهادىء ، وهو يطفح بروائح الألوان ، والقهوة ، والسجائر، ضمن عالم أثير لايزال محتفظاً بخطوط ملامحه، وملاحمه، لتكون روحه القاسم المشترك دوماً ، هنا وهناك ، و لأشعر في قرارتي أن شيئاً لم يتغير علىّ….!.
حقيقةًً ، إن خليل عبد القادر، حادي الألوان، المسكون بروح الطفولة ، ذلك الفنان الأليف، الكرديّ الأصيل حتى مشاش ألوانه الخليلية ، أحد قلة قليلة من فنانينا الكرد المائزين ، استحقّ خلال دأبه ، ومهارته، وقنصه اللوني، أن يحفر عميقاً، ليسمو عاليا ..عالياً، ويسهم في تأسيس إمبراطورية اللون، هذا اللون الذي سيكون ترجمان الروح الكردية، الروح المستعصية على الإمّحاء، من خلال إرثها من الأساطير، والرّموز ، ووجوه أناسها ، ولحظاتهم الاستثنائية المقتنصة ، والمتصادية، في آماد خريطة اللون ، لا لتكتفي بأن تظلّ لسان محض إنسان ، فحسب ، بل كي يتمّ اطلاقها في فضائها الأكثر شمولاً ، مندوبةً عن رؤى، وألم، ولحظات إنسان ، هو: إنسانه، وهو في مهبّ الحلم، وانتفاضة الألوان….!
تحيةً، عجلى، من قلبي، إلى هذا الفنان الاستثنائي، الذي لايمكن لكتابة سريعة ، معتذر عنها- سلفاً- في إهابها غير الكافي، كهذه ، أن ترتقي إلى أطم فنّان من طراز خليل، ومستوى –شهادة- تليق بلوحة ، من جموح، واضطراب، بل وسكينة مدروسة، ضمن معادلة جدّ مدهشة ، معوّلاً على ما تبقّى من أوراق الروزنامة استدراك ذلك ، أو سواه ، كما يليق باسمه ، أو قامته الشاهقة ، أو هرولاته، وهو يسوح ، سفيراً غير عادي ، لجهة استثنائية ، غير عادية…..!.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

الكتابة البقاء

لم تدخل مزكين حسكو عالم الكتابة كما حال من هو عابر في نزهة عابرة، بل اندفعت إليه كمن يلقي بنفسه في محرقة يومية، عبر معركة وجودية، حيث الكلمة ليست زينة ولا ترفاً، مادامت تملك كل شروط الجمال العالي: روحاً وحضوراً، لأن الكلمة في منظورها ليست إلا فعل انتماء كامل إلى لغة أرادت أن…

أعلنت دار الخياط – واشنطن عن صدور رواية جديدة للكاتب والباحث السوري مازن عرفة بعنوان «نزوة الاحتمالات والظلال»، لتضاف إلى سلسلة أعماله الأدبية التي تجمع بين العمق الفكري والخيال الجامح، وتفتح أفقاً جديداً في السرد العربي المعاصر.

وتطرح الرواية، التي جاءت في 190 صفحة من القطع الوسط، عالماً غرائبياً، تتقاطع فيه نزوات الطغاة مع رغبات الآلهة،…

غريب ملا زلال

أحمد الصوفي ابن حمص يلخص في تجربته الفنية الخصبة مقولة ‘الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح’، وهو كثير الإنتماء إلى الضوء الذي يحافظ على الحركات الملونة ليزرع اسئلة محاطة بمحاولات إعادة نفسه من جديد.

يقول أحمد الصوفي (حمص 1969) في إحدى مقابلاته : “الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح”، وهذا القول يكاد ينبض في…

عبد الستار نورعلي

في الليلْ

حينَ يداهمُ رأسَك صراعُ الذِّكرياتْ

على فراشٍ مارجٍ مِنْ قلق

تُلقي رحالَكَ

في ميدانِ صراعِ الأضداد

حيث السَّاحةُ حُبلى

بالمعاركِ الدُّونكيشوتيةِ المطبوخة

على نارٍ هادئة

في طواحينِ الهواء التي تدور

بالمقلوبِ (المطلوبِ إثباتُه)

فيومَ قامَ الرَّفيقُ ماوتسي تونغ

بثورةِ الألفِ ميل

كانتِ الإمبرياليةُ نمراً..

(مِنْ ورق)

بأسنانٍ مِنَ القنابلِ الذَّرية

ومخالبَ مِنَ الاستراتيجياتِ الدِّيناميتية

المدروسةِ بعنايةٍ مُركَّزَة،

وليستْ بالعنايةِ المُركَّزة

كما اليوم،

على طاولته (الرفيق ماو) اليوم

يلعبُ بنا الشّطرنج

فوق ذرى…