«تل هوشنك بروكا» الشعري

رسالة التراب- شعر: هوشنك بروكا
ترجمة وتقديم: ابراهيم محمود
في قصيدة الشاعر والباحث هوشنك بروكا ” Ax – name”، والمنشورة بالكردية في المجلة الالكترونية الكوردية ” Pênûsa Nû : القلم الجديد ” العدد الخامس، 2012، ثمة المفردة المحورية المركَّبة ومكوناتها ” التل والتراب والذين يتداخلون مع كليهما: البشر. إلى جانب تداخل متكرر ولافت بين كل من  ” Ax: التراب ” و” ax : الوجع، وربما الأنّة، الألم، واكتفيت بالوجع، تبعاً لتقديري لدلالة الكلمة في النص الشعري “، وكما الوارد في الترجمة المقابلة، فإن ثمة جمالية بناء ورؤية شعرية، وجودية، لا تخفي نكدها الملحوظ، سوادها المشع، لعبة المتناقضات وغواية السرد المعتمدة في التعبير الشعري.
وربما هناك ما يفصَح عنه عبر تلاعب لفظي، واسترسال في الاستهواء اللفظي المتكرر، سوى أن ذلك لا يبعدنا عن مشهد شعري حيوي،نهري متشعب، هو ترجمان حالة شاعر مأهول بحميمية كل من الحياة والموت معاً.
ربما هناك اختلاف، ربما تقبُّل لرسالة بروكا ” الترابية “، ربما بعض من كليهما، ربما تردد بينهما، ربما لا هذا ولا ذلك، وتلك هي خاصية القصيدة التي تتشعب، كما هي لعبة الدمى الروسية، النص الحلزوني معاً.
أولاً وأخيراً، ما أقدّمه لـ” رسالة التراب ” يعني ذائقتي الفنية، وتفاعل مع تراب القصيدة والعناصر التي تتمازج معه، أي ما يتسرب إلى داخله، وما ينبعث منه، ما يشغلنا ترابياً، وما نشغِل التراب بما يصلنا ببعضنا بعضاً. وفي التراب ما يحرّك، ويحفّز على التأمل، حيث طبقات تواريخ، مغيّباتها، عوالم كاملة، وللشاعر رؤيته في تحرّي ترابه، ولكل منا ترابه، إنما ثمة تراب مشترك، هو ملهم بروكا المعهود بكتابة على هذه الشاكلة، ولعلها الخاصية المؤكّدة لكل من يُسمّي على ” ذائقته “.
ومن هنا كانت إقامة علاقتي بنص بروكا الشعري، وما يمكن أن ينبت فيه دلالياً:
======
” إلى أصدقاء التراب : قبل ” كأس الموت “، عبر رسالة بريدية
 
….الدنيا، تل، 
يناهز الله كِبراً، 
يناظر الله في الوجود والعدم، 
في البداية والنهاية، 
الأسود والأبيض، 
الحسن والقبح، 
الحياة والموت كذلك.
الدنيا تل، 
التل حقيقة، 
الحقيقة دائرية. 
العالم في مقاس الله، 
ليس تلاً فقط،
 إنما بالقدر نفسه عناد وتمرد كذلك. 
كما هو الكذب مربع.
 الموت دائري كالحقيقة. 
الحياة حلوة كالكذب. 
الموت كالحقيقة مر.
 نحن ممن من التل،
 نصبح مربعاً،
 إنما نموت دائرياً، 
نحيا مربعين معاً،
 إنما نموت معاً دائرياً على السواء. 
مربعاً، 
ونحن نقطف الورود من أيدي بعضنا بعضاً،
 إنما ، دائرياً، 
ونحن نزرع الورود في أيدي بعضنا بعضاً. 
نذهب إلى أعلى ” التل ” مربَّعاً،
 لكن دائرياً نتدحرج إلى اسفل التل.
 نحن من هم مع التل، 
هكذا من ” أعلى التل ” حتى بـ” أسفل التل  “.
 نحن ” سلالة التل “…
” سلالة التل “: 
نحن مواليد التل،
 التل إلى أبد الآبدين تراب،
 تل بوجع،
 من وجع،
 على وجع، 
من أجل وجع، 
وحتى التراب.
أيااا تل الوجع  أيااا وجعاً تلو وجع ! 
نحن ” سلالة التل “…
…”سلالة التل “…
نحن أطفال التل،
 تل بحجم الله وجعاً، 
 الله الذي هو بقدْر التراب وجع. 
نحن أطفال التراب…
…التراب:
 مرَّة يصبح التراب نحن، 
مرة نصبح نحن التراب كذلك.
 مرة يصبح التراب لنا، 
مرة نصبح نحن للتراب كذلك. 
مرة التراب ” تلنا “، 
مرة نحن ” تل ” التراب كذلك. 
مرة نحن عناد التراب، مرة التراب عنادنا كذلك. 
مرة نحن عناد التراب، 
مرة التراب عنادنا كذلك. 
مرة التراب أثرنا، 
مرة نحن أثر التراب كذلك. 
مرة نحن جهة التراب،
 مرة التراب جهتنا بالمقبل. 
مرة نحن قامة التراب ،
 مرة هو التراب قامتنا كذلك.
 مرة نحن قامة التراب،
 مرة التراب هو قامتنا كذلك.
 مرة نحن أيدي التراب، 
مرة التراب هو أيدينا كذلك.
 مرة نحن أصحاب التراب، 
مرة التراب هو صاحبتنا كذلك.
 مرة نحن حسرة التراب، 
مرة التراب هو حسرتنا بالمقابل. 
مرة نحن نشيد التراب، 
مرة التراب هو نشيدنا. 
مرة نحن ” وجع ” التراب ، 
مرة التراب ” هو ” وجعنا ” كذلك. 
مرة نحن مجانين التراب، 
مرة التراب  مجنونتنا كذلك. 
مرة نحن صبر التراب،
 مرة التراب هو صبرنا كذلك. 
مرة نحن نفَس التراب، 
مرة التراب هو نفسنا كذلك.
 مرة نحن مروءة التراب، 
مرة التراب هو مروءتنا كذلك.
 مرة نحن دولة التراب،
 مرة التراب هو دولتنا كذلك. 
مرة نحن فضل التراب، 
مرة التراب هو فضلنا كذلك. 
مرة نحن قدَر التراب، 
مرة التراب هو قدرنا كذلك. 
مرة نحن نهاية التراب، 
مرة التراب هو نهايتنا كذلك.
مرة نحن حقية التراب، 
مرة التراب هو حقيقتنا كذلك.
 مرة نحن معنى التراب، 
مرة التراب هو معنانا كذلك.
 مرة نحن شهود التراب،
 مرة التراب شاهدتنا.
 مرة نحن مديح التراب، 
مرة التراب مديحنا كذلك. 
مرة نحن حظ التراب،
 مرة التراب حظنا كذلك. 
مرة نحن لون التراب،
 مرة التراب لوننا كذلك. 
مرة نحن لسان التراب، 
مرة التراب لساننا كذلك. 
مرة نحن ثروة التراب، 
مرة التراب ثروتنا كذلك. 
مرة نحن ضيوف التراب، 
مرة التراب ضيفتنا كذلك. 
نحن نحن ذكرة التراب، 
مرة التراب ذاكرتنا كذلك. 
مرة نحن تاريخ التراب ،
 مرة التراب تاريخنا كذلك.
 مرة نحن حكاية التراب،
 مرة التراب حكايتنا كذلك. 
نحن ” سلالة الوجع “،
 لا ” سلالة التراب “: 
مربعين نقبِل من التراب، 
نمضي دائرياً. 
مربعاً نستحيل تراباً، 
دائرياً نستحيل وجعاً. 
مربعاً نهرب من التراب،
 دائرياً نمضي إلى التراب. 
مربعاً نرفع خطيئة التراب، 
دائرياً نصبح خطيئة التراب. 
مربعاً نحيا على أيدي التراب،
 دائرياً نموت وجعاً تلو وجع .
دهوك، في 19-12- 2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

 

رجع “أبو شفان” إلى البيت في ساعةٍ متأخرة، يجرّ خطواته كما لو كانت أثقل من جسده المنهك. وجهه مكفهر، ملامحه كانت كمن ذاق مرارة أعوام دفعةً واحدة. ما إن فتح باب الدار، حتى لمح ابنه البكر “مصطفى” جالسًا في العتمة، ينتظره كأنه ينتظر مصيرًا لم يأتِ بعد.

– “أهلاً أبي… تأخرتَ الليلة”.

– “كنتُ في مشوار…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

مَدرسةُ فرانكفورت ( 1923 _ 1970 ) هِيَ مَدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفةِ النَّقْدية ، مُرتبطة بمعهدِ الأبحاثِ الاجتماعية في جامعة غوتة في مَدينة فرانكفورت الألمانية ، ضَمَّتْ المُفكِّرين والأكاديميين والمُنشقين السِّياسيين غَير المُتَّفقين معَ الأنظمة الاقتصادية الاجتماعية المُعَاصِرَة ( الرأسماليَّة ، الفاشيَّة ، الشُّيوعيَّة ) في ثلاثينيات القرن…

عبدالاله اليوسف

 

لكن الهواءَ يحفظُ صوتكَ في الشقوق

بين تنهيدةٍ

ونَفَسٍ لم يُكمِلِ الطريق

 

قلبُكَ

ساعةٌ لا تُعيرُ الوقتَ اهتمامًا

تمرُّ عليها الأزمنةُ

ولا تشيخ

 

تخجلُ

من مرايا الوجوه

فتعيدُ تشكيلنا

كما تشاء

كأنك تصنعُنا من بُعدٍ

بحركةِ عينيك فقط

 

نلتفت

حولنا

أضيافك

نرتدي ظلالًا

ولا ندري

غريب ملا زلال

ليست سوى الحرب
تأكل أضواءنا
و رجالها
في دهاليز المملكة
يكيلون دماءنا
مُذ عرفت
أن الرب
في عليائه يستريح
كمحارب قديم
أتى تواً
من الجبل
و أحلامنا ..
آمالنا
تذهب في الريح
بحثاً عن أشلائنا
هل كانت الأمور
في السموات العشرة
على ما يرام
حين خلت المدينة
من أبنائها
إلا من بقي نائماً
تحت الركام
و زخات المطر
بعد القصف
هل كانت
دموع الرب في عليائه
على عباده
أم كانت
رذاذات صرخة
لطفل يبحث عن أمه
كل المعابد
لا تصلح لإطفاء الحريق
فالرب متعب
والكهان متعبون …