كونى ره ش
كانت بلدة جزيرة بوتان في القرن التاسع عشر من اغنى المدن الكوردية بالمساجد والمدارس والمكتبات مثل مدرسة مير أبدال ومدرسة رأس الميدان ومدرسة مير محما.. وكان (الأمير شرف) قد شيد واضاف مدرسة الحمراء (مدرسا سور) في القرن الرابع عشر الى مدارسها الكثيرة.. بالإضافة الى مكتبة الأمير بدرخان الخاصة في قصره المنيف (برجا بلك). وقلما خلت مدرسة من مدارسها من مكتبة او مسجد من مساجدها من خزانة للكتب، وبفضل هذه المكاتب كان يتم نسخ وحفظ العديد من المخطوطات الكوردية مثل: ديوانا ملاي جزيري وعلي حريري ومم وزين الخاني وقصائد طيران واختراعات اسماعيل ابو العز الجزيري..
وفي عهد الامير بدرخان عظمت الحركة العلمية والادبية الى جانب نشره للعدالة والمساواة في منطقة بوتان اكثر من ذي قبل، وكان محباً للأدب وراعياً للأدباء والشعراء.. ويقال عندما واجه الأمير بدرخان السلطان عبد المجيد في استانبول، القى عليه مقطع من رباعيات الخيام بالفارسية، لتبرير موقفه.. وبمعيته صارت بلدة الجزيرة محط رجال العلم والأدب وعظمت شأن مكتبة مدرسة الحمراء واصبحت تضم العديد من المخطوطات النادرة وبلغات مختلفة مثل الكوردية والعربية والفارسية والتركية والسريانية.. ولكن مما يؤسف له، فقد خربت هذه المكتبة وغيرها من المكتبات الموجودة بعد اجهاض ثورة الأمير بدرخان1847م، ونهبت محتوياتهما الثمينة ونقلت الى استانبول.
ولاحقاً قدم الأمير جلادت بدرخان وشقيقه الأمير الدكتور كاميران بدرخان، من احفاد الأمير بدرخان عن طريق صحافتهم في سوريا ولبنان، لغتةً وأدباً وفكراً وبعثاً للتراث الكوردي، وابرزوا عدداً لا يستهان به من الشخصيات المتنورة في ذلك الوقت، والتي قادت، بما نشرت في صحفهم وبما ألفت من الكتب والدواوين الشعرية، التطور الجديد، الذي اوصل الأمة الكوردية في سوريا ولبنان وتركيا الى انبعاثها، وما أوصمان صبري وجكرخوين وقدري جان والدكتور نور الدين ظاظا وحسن هشيار ونامي وتيريز وغيرهم، سوى أمثلة على ذلك.
عزيزي القارئ! معلوماتي من المراجع التاريخية المتوفرة لدي، والبعض الأخر مشافهة ممن سمعوا من اهاليهم او من الملالي ورجال الدين.