قناص المخبز

وليد معمو
أراد أن يقطع الشارع بثقة بعد أن تأكد أنه خارج مجال رؤية القناص… قيل له إنه أجنبي لا يترك ، إمرأة ، أو طفلا أو كيساً يحركه الهواء فيقنصه دون تردد… 
وقال البعض الآخر  إنه قناص آلي ، مزود بحاسوب وكاميرا متطورة ، وقائس مسافات ، ومحدد وزوايا ديجيتال ، ويعتمد على تغير الألوان والظلال ، والتغيرات الضوئية ،  أي أنه يعتمد على زبدة النهضة العلمية الحديثة ، ليأتي على هدفه ، بدقة متناهية ، فلا داعي بعد القنص للإسعاف والمشافي .
سأل نفسه مراراً  هل هو إنسان ، أم ماكينة متطورة جداً  ?!.
وإذا كان لا يترك طفلاً أو إمرأة أو قطة ، أومقاتل ، فبماذا يختلف عن السلاح الكيماوي ?!.
ولماذا هذا الرجل يرصد طريق المخبز ?!.
هل يريد أن يحل مشكلة الأمن الغذائي ، دون أن ندري  ?!. 
هل هو من هذا البلد?!.
واذا كان كذلك ، فماذا سيفيده بلد خال من الناس ?!.
وإذا كان أجنبياً ، من جاء به ?!.
وهل هو صاحب أملاك أو أرزاق في بلده ،  و ينحدر من عائلة عريقة في هناك ?!. 
أم هو مرتزق ولقيط ومشرد ، جاء ليقتل مقابل سرقة
رغيف المقتول ، والاستيلاء على بيته ?!.
كان مستغرقاً في تساؤلاته ، ودون أن يدرك ، كان يتقدم نحو مركز اهتمام القناص .
فقط أحس بوخزة عميقة ، ورفسة  كأنها  لبغل في أيسره ، تابع خطواته وتساؤلاته ، هل يُعقل أن هذا الشارع الفقير أصبح مركز إهتمام العالم ?!.
هل يعقل أن هذا القناص أصابني أنا أيضا ?! .
فقد تغيرت أضواء الشارع المحطم ، وأصبحت جميلة بلون الكهرمان ، كريمة هادئة جميلة !!.
تحسس مكان الوخزة فإذا به جرحاً بليغاً بحجم الموت .
ومالحاً بطعم الخبز .
إنسحب من كان يسير وراءه ، وتركوه ينزف حتى الموت … كان متلوياً كحبل ، ضاحكاً حيناً ،  ومبتسماً تارة أخرى ، وملوحاً أحياناً…… 
فقد كان يبتسم لصور وجوه أحبائه ، التي كانت تتلاحق أمام عينيه في الدقائق الاخيرة من عمر الوطن .
بعد سحب جثته ، بصعوبة ، وجدت زوجته في جيبه قصاصة ورقية  ، كان قد كتب عليها ، حبيتي إنني أموت كل يوم ، فإن مت للمرة الأخيرة ، لا تحتاري في المدفن ، فلنا مقبرة واسعة في كورداغ !!.
كورداغ  في  16-3-2017 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…