كونى ره ش
دفعني الى القيام بنشر هذه الدراسة الميدانية للمرحوم علي سيدو الكوراني عامل الجدل القائم مؤخراً حول كوردستانية مدينة كركوك ورفع العلم الكوردستاني على مبانيها الرسمية والاستفتاء الشعبي العام المقرر اجراءه في أيلول القادم، وذلك لإعطاء القارئ الكريم فكرة صحيحة عن مدينة كركوك وكوردستانيتها لجيراننا العرب والترك الذين مازالوا يجهلون او يتجاهلون الكثير من الأمور التاريخية.. بصدد كردستانية كركوك، يذكر المرحوم علي سيدو في مقدمة كتابه ( من عمان الى العمادية: جولة في كردستان الجنوبية)، طبعة عمان 1939م:
” وقد تيسر لي زيارة القسم الواقع منها في العراق سنة 1931. وحاولت جهدي ان اكتب الحقيقة في ما اراه..”
ويسلط الضوء في متن الكتاب المذكور، صفحة 31 على القوميات والأثنيات الموجودة فيها عام 1931م، اذ يقول بهذا الصدد:
“وكركوك بلدة قائمة في وسط سهل اشتهر بجودة حنطته ويمر بالقرب منها نهير تجف مياهه نصف العام. وتحيط بها الهضاب من جهاتها الثلاث وتنفرج في الجهة الشرقية وقد جعلتها السكة الحديدية من مدن الشرق التجارية الكبرى لوقوعها على خط تجاري يصل بين كردستان وبغداد وإيران، وستزداد أهميتها حينما تتصل بموانئ البحر الأبيض المتوسط، حيث ينقل بترولها الى طرابلس الشام في سوريا وحيفا في فلسطين. وإن كانت كركوك إحدى مدن كردستان الجنوبية فسكانها خليط من عناصر الشرق الأدنى والاوسط، شأنها في ذلك شأن المدن التجارية الكبرى، حيث يتوافد الناس إليها للكسب والارتزاق، ففيها الكردي والتركي والعربي والأرمني والسرياني واليهودي. واللغات التي يتكلم بها السكان عموماً الكردية والتركية والعربية.
والأتراك او التركمان فيها هم بقايا جيش المعتصم ويكثرون في المدينة ولهجتهم التركية أقرب الى التركية الآذرية منها الى التركية العثمانية. ويقطن العرب الجهات الجنوبية والغربية أي الجهات القريبة من البادية على ضفة دجلة اليمنى بين سامرا وكركوك وأكثرهم من قبيلة العبيد – أحد أفخاذ زبيد- ويقطن الاكراد المدينة والأراضي الشرقية منها.
ويبلغ سكان كركوك 15 الف نسمة تقريباً، واليهود فيها هم المسيطرون على التجارة وهم هنا جزء من اليهود الذين يعيشون في كردستان الجنوبية وهم أحفاد اليهود الذين ساقهم نبوخذ نصر أسرى الى بابل في القرن السادس قبل الميلاد ويتكلمون العبرانية القديمة في جميع أنحاء كردستان ويحترفون تجارة الاقمشة الصوفية والحريرية وقد كانوا ولا يزالون واسطة نقل أصواف كردستان الى مانشستر حيث تطلب بكثرة. وكركوك سوق للخيل الكردية حيث تصدر منها الى الهند. وقد اقامت شركة النفط معامل ضخمة في بابا ﮔرﮔر لاستخراج البترول وتصفيته وستمتد أنابيب منها، لتصبه في مينائي طرابلس وحيفا…”
واليوم بعد اتفاق الحزبين الرئيستين، الديموقراطي والوطني على قرار رفع علم كوردستان على المباني الرسمية في كركوك كمدينة كوردستانية والاستفتاء الشعبي العام المقرر اجراءه في شهر أيلول 2017م، اراه اجراء مهم جداً لاطلاع وتعريف العالم الخارجي بإرادة شعب كوردستان وخطوة إيجابية وحق مشروع للشعب الكوردي في تقرير مصيره بنفسه..
فإلى الاستفتاء بـ: نعم للوطن كوردستان، نعم لكوردستان الحرة المستقلة ونعم لحق تقرير المصير لبقية أجزاء كوردستان. وفي هذه المناسبة الف تحية لروح علي سيدو الكوراني.
القامشلي/ 12/4/2017