شعر وشاعر من علمدار – عفرين «شيخ محمد خليل» … العصامي الذي بنى نفسه

كمال أحمد 
على  السفح الشمالي  من جبل ” بلال ” جياي بليل ” وفي قرية “علمدار ” الوادعة و المطلة على سهل ( دشتا جامييه )، ,والممتدة  برؤاها إلى  تضاريس ( جياي  قره بيله ) وتتجاوزها إلى  قمة  جبل الأمانوس – جياي كاور-  (بوزي مغري ) في تركيا المجاورة ، والتي تكسوها الثلوج طيلة  أيام  السنة ، في علمدار  الوادعة  هذه ،  أطلّ شيخ  محمد خليل  بإشراقته على الحياة، في أواخر  الثلاثينات  من القرن  العشرون ، في  ظل ظروف حياتية  غير  مواتية  في  تلك الحقبة من الزمن  ، من ضيق ذات  اليد وندرة فرص  التعليم   ، لذلك  نراه يكافح  في  حقول  مختلفة ، منها :
1 – شعورا منه بمسؤوليته عن  تأمين مستلزمات الحياة ، والعيش  الكريم للعائلة ،وفي ظل إقتصاد رعوي  وزراعي ، نراه  قد  تصدى لجميع الأعمال حتى الشاقة  منها ، مثل  الفلاحة ، والحصاد ، والرجاد ، والتذرية  والتقليم ،  والإحتطاب ، والعناية بحيوانات  الفلاحة ، بثيرانها وبغالها  وخيولها ، وغير ذلك  من الأعمال 
2 – إضافة إلى  شعوره  بمسؤوليته  عن تأمين  مستلزمات المعيشة ، لم يثنيه  ذلك ، عن  المضي  قدماً ، نحو تحقيق طموحه التعليمي والمعرفي ، وبقدوم  الشيخ( الخوجة ) رشيد كدرو إلى قرية علمدار لتعليم  أبنائها ، إلتحق شيخ  محمد حينذاك ، بمدرسته ( الكتّاب ) وفي هذا المقام ، من الجدير ذكره، فضل ” الشيخ  الخوجة”، رشيد كدرو التعليمي  ، والتنويري،، على  ابناء منطقة عفرين  ويمكن تلخيص سيرته بالآتي :  (ولـد”الشيخ رشيد كَـدْرُو”  في قريـة : أبِّـيْنْ –عفرين في  سبعينات القرن التاسع  عشر ،وتخـرَّجَ مِـنْ  مدارس ” كلس ”  العثمانية ( تقع  الآن في تركيا ) عام 1900 م  ومارس  مِهْنَـةِ التعـليم بعـد تخرُّجـه، في معرة النعمان، بموجـب صَـكٍّ رسـميٍّ من قِبَـلِ الدولة العثمانية. ثم ترك التدريس في المعرة، وتابـع التعليـم في  منطقة عفرين  مدة 65 سنة، وبلغات عديدة (عربي – تركي – كردي – فارسي) .. للعلوم الدينية والفلكية).وغادرنا الفقيد في أواخر عام 1977 م .
ونعود الى مسيرة  شاعرنا شيخ  محمد ، حيث تقدم إلى إمتحانات الشهادة  الابتدائية وحصل عليها ، والتي كانت تسمى ( السرتفيكا ) وظل مثابراً على طموحه ، حيث تقدم إلى  إمتحانات الشهادة  الاعدادية وحصل عليها ، والتي كانت تسمى ( البروفيه) إلى أن تقدم إلى تقدم إلى إمتحانات الشهادة الثانوية  وحصل عليها ، وكانت تسمى  حينذاك( البكالوريا) ، حيث  إلتحق بعدها بكلية  الآداب – قسم  اللغة  العربية ( في جامعة دمشق ) 
3 – اما ما نراه  جديرا بالإضاءة عليها ، هي  شخصيته  المتواضعة ، المتسامحة ، المحبة  للجميع ، وخصلة الإيثار والكرم ، الكامنة في أعماق شخصيته ، لذلك  نراه  ، عندما التحق بسلك التعليم ، لدى وزارة  المعارف ، حينذاك ، في  مدارس عفرين ،  ومن  ثم بعد ذلك  في حلب ، نراه  يستقبل عدداً من الطلاب من ابناء أقربائه  ومعارفه  ، للإقامة مع  عائلته ، لتمكينهم من إتمام  تعليمهم ،
كما أن منزله سواء ،( في عفرين ، أو في حلب –  حي بستان  القصر – ثم  بعد ذلك  في حي  سيف الدولة ) كان  بمثابة  صالون  أدبي وثقافي وإجتماعي ، يؤمه  النخب  العفرينية ، من مختلف  المشارب والإنتماءات– والسياسية خاصة ، ومع تدينه  المعتدل والوسطي ، كان يجيد  الحوار ، ويتقبل الأفكار والطروحات الأخرى ، بأريحية  وموضوعية ، لذلك كنت ترى ، في هذا الملتقى الذي كنت  أرتاده بين الحين والآخر ، الكثيرين  نذكر منهم  على سبيل  المثال(  – خليل رشيدابراهيم  من  بلاليكو—الشاعر حامد بدر خان من  شيخ الحديد ( شيه )- محمد  رؤوف بشير من جويق – عبد الرحمن سيدو من قرية الفريرية –محمد  شيخ  عثمان من قرية كفردلي  الفوقاني – شيخ علي ملا عمر  من بلبل- جعدان  جعدان من قرية  ماسكان – بلال حسن  من قرية  خلالكا ( صولاقلي)–جعفر بلال من قرية بيباكا – بشير كدرو من ابين – محمد ولي كدرو  من ابين ، وهناك الكثير ، وكان من هؤلاء ، من هو من اليساريين  الشيوعيين ، ومنهم من المتدينيين ، ومنهم من الأحزاب  الكردية ”  البارتي” ولكن كانت رؤيته كردايتية تجمع وتظلل جميع  هؤلاء ، وكان أيضاً يحظى  بمحبة  وإحترام جميع  هؤلاء ،  وفي هذا المقام لا بد من الاشارة ،إلى واقعة  بعينها ،  عندما كنت ( كاتب  هذه  السطور )  في دمشق لأداء الخدمة  العسكرية ، قدم إلى  دمشق كعادته للتقدم إلى إمتحاناته الجامعية في قسم  اللغة  العربية – حيث إجتمعنا في بهو كلية الآداب ، وبالصدفة التقينا باستاذين جامعيين يسيران  معاً ، فسألني ، هل تعرف من هما؟ ، قلت  لا ، قال ، الأول هو محمد آلتونجي  مدرس اللغة الفارسية  ، والآخر  أحمد كمال مدرس  اللغة  العبرية ، ثم  أردف قائلاَ ، تصور يا كمال ، أن كلا اللغتين  الفارسية  والعبرية ،  مقررتان في كلية الآداب في جامعة  دمشق ، ونحن  يحظر علينا التكلم بلغتنا الكردية ، وحتى سماع أغنية كردية ، 
غادرتنا هذه  القامة جسداً ،(  يوم  السادس عشر من شهر آب  عام 2006 م )،   ولكنها باقية أثراً ، مخلفة قيماً، وسيرة  تحتذى بها ، ومسيرة تجارى  وتقتدى ،  و حيث أنه  كان  محبا للمطالعة ، من المناهل  المختلفة ، فقد ترك خلفه  مكتبة كبيرة ، كما أنه ترك خلفه  آثاراً أدبية  مازالت على  شكل  مخطوطات ، لم تر  نور  الطباعة ، وهذه  القصيدة التي  عنونها ب ( شكوى  الزمان ) هي إحدى هذه  الآثار الأدبية ، التي  حصلت على نسخة  منها ، خلال إحدى  زياراتي له ،  ولا بأس من إيراد  نص الكلمة التأبينية التي ألقاها صديقه  الكاتب الأستاذ جعدان جعدان من قرية ماسكان  بعنوان  : 
      “۩الأديب شيخ محمد خليل في ذمة الله وحفظه”
 في السادس عشر من آب وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل التحق شيخ محمد بموكب الأبرار….إلى عالم الغيب والشهادة…..
بينما كنت راقداً في مضجعي وقبل بزوغ الفجر فُجعتُ بخبرٍ أليم وهو رحيل (شيخ محمد)إلى مكنون الغيب الإلهي إلى سدرة المنتهى وعندها الجنة المأوى وتلقيت النبأ بإيمانٍ راضٍ وقضاء الله الذي لا مهرب منه..(ولكل أجلٍ كتاب)
 وتوّجهتُ إلى منزله…وقفتُ متهيباً خاشعاً…وألقيتُ عليه التحية بقراءة فاتحة الكتاب….كانت آثار المعركة الضارية بارزةً عليه.. ورسول المنايا يزمجر كالنمر الجائع حول نعشه….. كان في شوقٍ وحنين إلى الانعتاق من قيود الجسد وشهوة اللحم والدم…..رأيتهُ في المنام قبل يومين هائماً بين لجج الحياة وهاوية الموت في البرية بين أسراب الغزلان وعرائس الخيال…. نعم كان القدر يخطُّ أول كلمة في كتاب اللانهاية ينهي حياة عالمٍ أمضى عمره في بطون الكتب قراءة وبحثاً واستخلاصا من خميرة التجارب وعصارة الأحداث…..
 كنت ألازمه حضوراً بين الحين والآخر أجلس معه ساعاتٍ طوال….. نطرق مسائل الحياة جميعها…فلا أملُّ ولا يمل….. فكان نبعاً لا ينضب في البيان الإلهي والعلوم الشرعية والأدب والشعر…. والثقافات الروحيةو الماديّة….فكان بستاناً غنياً بكل الثمرات المتنوعة الشّهية الطازجة….
*العالم شيخ محمد قد تشرّب من معين الينبوع الروحي الديني حتى الثمالة قد تخرّج من بيت عرف بالصلاح والتقوى فهو سليل المجد العالي…. متميزاً بمزايا وطنية صادقة….
 في بداية حياته قد جمع بين العمل الزراعي،ومتابعة التحصيل العلمي في ظروف قاسية من الكدح والجهد والعمل الدءوب…. تخرّج من قرية (علندار) ذات التضاريس الوعرة…. فاستسهل الصعاب وأدرك المنى بالجهاد والصبر….
استطاع بالرغم من الأسرة الكبيرة والفجيعة المريرة بموت زوجته الأولى….
شقَّ طريقاً شاقّاً ليتخطى دهاليز الفقر وأكواخ الشقاء…لإنقاذ أسرته من بين مخالب الفقر وأنياب الجهالة….
 تعلم من أجداده الكرام دروس الخلق القويم والكرم الواسع وحب الله والآخرين وصولات الكر والفر في مواجهة عناكب الفساد وجراثيم العلل الآثمة….. 
 كان يفكر بقريته مادياً ومعنوياً ويتخذ من نفسه أنه المسؤول الأول والأخير…. يساعد المعوزين… ويقدّم لهم النصح والإرشاد… وبنى مسجداً على حسابه الخّاص…. وينفق ماله لكل فقيرٍ وبائس…
 كنت أسمع شعره الزاخر بألوان المجاز والبديع والبيان…. شعره شرارات وهاجة من فكره… يقذف أبياتاً كالحمم والبراكين…. عاطفته مشبوبة كالجمر….
 فحياته الشعرية مأساة أليمة في معارك درامية قاسية…يوجّه ميزان نقده إلى أولئك المتطفلين على الموائد الدنيئة…. هؤلاء الذين يرتعشون أمام عاصفة الحياة فتظنهم أحياء وهم أموات منذ الولادة ولكنهم لم يجدوا من يدفنهم في ظل وادي الموت والمرصوف بالجماجم وقلقلة العظام…….
 ما كنت أتمنى أن أرثيك ولكن رغماً عنّي…أرثيك بغصّات متقطّعة وتنهدات عميقة تمازجها مرارة الموت وتساقط الدمعِ السَّخين….أشعر بألم مضن من لهاث الأوجاع و مرارة العويل كنت بالأمس القريب مصنعا منتجا متحضرا بأنغام الحياة كقطرات الندى التي تسكبها أجفان الصباح….
 اتخذتك أباً عطوفاً في مسيرة حياتي وأخاً مؤازراً لي في الملمات… وصديقاً صادقاً تقاسمني همومي وأحزاني… وتحفظ مودتي… وأستاذاً لي تنوّرني بشطحاتك الروحية التي تلتحم ذاتك بالذات الإلهي…..
 ما رأيتك يا عزيزي تبكي الا في حضرة الإله و سيرة الرسول الأعظم و صحابته الأجلاء .. ما رأيتك و أنت تبكي من مرضك وألمك…. وقبل رحيلك تماثل أمام بصيرتي الموت والحياة يتصارعان عليك في معركة غير متكافئة….
 يوم ألقي عليك سؤالاً يا سيدي يا شيخ الصبر الصامد تلامس بأطراف أصابعك جبهتك البارزة المكللة بشعر أبيض كالثلج…. ويأتي الجواب كنهرٍ جارٍ عذب…..
تدل ملامحك البسيطة على الهيبة والوقار والتواضع والإيثار…..
 تلك أيامٌ مضت كأمواج البحر وكالأحلام والأشباح واضمحلت كالغيوم والضباب ولم يبق لي سوى الذكريات التي تتصاعد منها دخان الأوجاع والتأوهات…. سوف أجعل روحي غلافاً لروحك أيها الصديق الأمين… وصدري قبراً لأحزانك أيها الشقيق المساند… أنت أيها الألمعي الساطع…. شجرةٌ راسخة الأعراق ضاربة جذورها في تربة الخير والعطاء قد اختبرت صيف العمر وشتاءه…. ووقفت أمام زوابع الدهر وأنوائه غير مكترث بشظاياه….. أذكرك كلما امتطى القلم صهوة الأنامل….وسبح في ظلال البيان والإلهام….
أحيّي القبر الذي احتضن جثمان(شيخ محمد خليل)….
 وختاماً:كان خاتمةً صامتة لثورة عنيفة جامحة…. وحسبي هذه الأسطر دموعاً حارّة تنحدر من الأحداق…. تغمده الله برحمته وأدخله إلى روضاته وهو الرحمن الرحيم {إنا لله وإنّا إليه راجعون}.
بقلم:جعدان جعدان
 وهذه شذرات  من  آثاره  الأدبية :
قصيدة  ” شكوى الزمان  ”      بقلم شيخ محمد خليل
أرضنا موطن كل القادمين …أرضنا مضمار كل العاملين 
هي محراب لقوم أتقياء  … هي ملهى للعصاة العابثين
وسعت أرجاؤها كل الورى …وطّأت أكتافها للنازلين
لم تضق ذرعاً بهم إذاأقبلوا…لم ترق دمعاًعليهم ذاهبين 
وسواء عندها أبناؤها      … من يكن براً ومن في الفاسقين
نغدق العطف عليهم كلهم …نمنح الخير بنيها أجمعين 
لا أراها تعدل القسمة فيهم… برفد بل تحابي المفسدين 
هي سوق كثرت خيراتها … فتحت أبوابها للداخلين 
وأتاها الناس في حاجاتهم …ومضى الحراس عنها نائمين
فأناس حاسبوا أنفسهم  … وأناس ظلوا فيها راتعين 
وإله السوق فياض العطاء … يترع السوق لكل الآخذين
خالق الكون عظيم شأنه…هو رزاق وخير الحاسبين
فنجا من دان فيها نفسه …عاد بالخسران جمع المسرفين 
لا أرى عيشي فيها مرضيا …في بعاد عن رجال صادقين
فهم الأصحاب في هذا الوجود…من يعش منهم ومن في العابرين
وكفتني شرفاً صحبتهم …أسعدتني جلسات الراحلين
لا يكون الموتى يوماً حاجزاً…بين قلبي وقلوب العارفين
لا يواري القبر إلاّ جسداً…من أديم الأرض من ماء وطين
وحصاد العمر يبقى فاعلاً… في حياة من علم ودين
ورجال اللّه باقٍ فضلهم …بعد موتٍ إنّهم في الخالدين 
في عمارِ الأرض بادٍ جهدهم… في هدي الناس لهم فتحٌ مبين
زهت الدنيا بهم آونةً  … وبهم تفخر حيناً بعد حين
عشتُ في دنيايُ عمراً واحداً …وبهم عشتُ معيش الأكثرين
عمري  أعوامه معدودة …معهم أصبح ألفاً ومئين
عمري كلّه بؤس وشقاء … بينهم كلّه سعد وجنين
عشتُ عمراً في البوادي تارةً …في الصعاليك عفاةً ناقمين
نركب الصعب ونمضي عنفاً …لا تسلني كيف عيش التائهين
تارة أخرى  أراني جالساً … في حمى صيد كرام موسرين
نشرب الشعر نميراًصافياً …نبهج الروح بشدوِ المنشدين
حولنا الصحراء سحرٌ وفتون …صدرها الرحبمهاد الحالمين 
جوها الأخّاذ يغري الشعراء … عطرها النفّاذ يغوي العاشقين
ظهرها موطن جود وسخاء… موئل الخير ملاذ الخائفين
جوفها مخزن تبرٍ وعطاء … كتمت أسرارهاعبر السنين
هي بحر من رمال ماؤه … موجه الكثبان.والنوق سفين
أنت ياصحراء أم برة …كنتِ يا بيداء ظئر المرسلين
كنت يا فيحاء أماً  مرضعاً …  بلبان العز نسقي الأولين
أنت يا أمّ رؤوم حلبك اليوم … درٌّ. ونماء .ومعين
ومضى العمر بنا ثانية   … في صفاء بين قوم مؤمنين
لا نرى إلاّ رجالاً صدقوا … في جهاد كانوا جنداً مخلصين
فإذا المجد بناء شامخ  … وإذا العز لهم ملك اليمين
قد تسامى ما بنوه ولقد … أبدعوا كانوا بناة ماهرين
لا بفنٍ أو بعلمٍ في البناء … يل بصدق وثبات ويقين
أمتطي اليوم جيادي هارباً …من زماني من وجوه الملحدين
هائماً في البيداء حتى لا أرى … فوق قبر المجد ناساً رافضين
لا.ولا.سمع صوت الفاجرات…بجنون داعياتٍ  فاجرين
وبهرجٍ من نزار فاضح … بسعار نابحات نابحين
وجميل صوت كلبٍ سارحٍ …ينبح الطرّاق يدعو الزائرين
يحفظ الأعراض يبقى ساهراً … يبذل الجهد لقهر المعتدين 
حيوان جدّ َفي ثورته …وتصدى حانقاً للماكرين
أفلا يخجل من موقفه  …رجل غني يثير الغادرين
إنّ فن القوم فن خادع  …ماجن .فإحذر فنون الماجنين
كذبوا إذا رفعوا أصواتهم … بغناء .بئس صوت الكاذبين
فخذ الكلب جليساً نابحاً  …وأهجر الزيف وفحش المطربين
شوهوا آدابنا من جهلهم … أفسدوا الأذواق . كانوا آثمين
وإستمروا في ضلال وهراءٍ … هتكوا الأعراض ظلوا فاسقين 
لا أحاشي أحداً منهم  سوى …من يحامي عن مروءاتٍ ودين
يصدق القول .ويشدو مرحاً… بكلامٍ  من بيان السابقين
دين هذا العصررقص وغناءٌ …ووداعاً للرجال  الناصحين
جند هذا الوقت . أرتال النساء…فإنعموا بالأمن . ظلوا نائمين
وأتركوا ساحاتكم للعاملات  … كذكور النحل فإبقوا خاملين
قد وجدنا كل شرعٍ باطلاً …ورأينا أن تظلوا لاعبين
أنا ربي زاهد في شرعهم … أنا ربي. لا أحب الآفلين
ربِ . إني يائس من  خيرهم … ربِ . إني لا أطيق الكافرين
وتركت الناس خلفي باحثاً …في الفيافي عن رفاقي الأقدمين
عن صعاليكي . وعن جيألهم … عن رجالي السادة المستبسلين
آنستني نارها في وهجٍ …نار موسى .أم كنار اللعين؟
نار إبراهيم بردٌ وسلامٌ ؟ …أم الكفر أضرمت للمؤمنين؟
بل هي الصحراء أبدت سرها …أخرجت أثقالها للكادحين
هاهم الناس قيام حولها  … يمنحون النار والماء المعين
أوقدوا للجود فيها نارهم …ولهم أشعل رب العالمين
نار خير  وسلام وسخاء…هكذا الله يثيب المحسنين
أين نار القوم من نار الإله …إنّ ربي هو خير الرازقين
فإذا شاء لقوم نعمةً …جعل القوم بنار منعمين 
وإذا حلّ عقاب صارم …كانت النار جزاء الظالمين
كيف صارت لأناس نعمةً …ثم صارت نقمةً للآخرين 
لا تسل عن سرها في عجبٍ …إنها تدبير خير الخالقين
شع في الصحراءبالأمس هدىً …لم تزل أفواره في الراشدين 
مهد نور . ومنارللضياء …وبكل سترانا نافعين
خرجت صحراؤنا عن صمتها…أنشدت أشعارها للسامعين
بلسان من لهيب لاذعٍ  …ببيان كبيان النابغين
أطرب الصوت أناساً فأتوا …من بعيد عجلاً مستبشرين
فرحة الصحراء لا حد لها …وشهود الحفل كل القادمين 
وقراها .كقرى ابنائها …حفَّل بالخير . يشفي الآكلين 
قد حضرنا خائباً من حفلها …فرأينا ما يسر الناظرين 
ثم عدنا وتركنا خلفنا …زهرة العمر ولسنا نادمين
سيظل القلب مشغولاً بها …ما بقينافي حمانا سالمين
لك يا بيداء حبي أبداً …وسأبقى في عداد الشاكرين 
دمت ياصحراءجيلاً بعد جيلٍ …في حمى الله  وفي عز البنين
شيخ محمد خليل —حلب –في 30 / 3 / 1419 هجري – 1998 ميلادي 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…