نوروز… مازال يحلم

  عمر كوجري

هي أغنية إذاً…
نسجت أنغامها .. رسمت أحلامها من الوجع الكردي ، واستعارت صورة ملامحها من الماء والهواء.. في سهوب الوطن وجباله التي ماانحنت لغاز ، ولاقاطع طريق ولامارق.
وإذا سألت أي جبل كردي: لماذا أنت غاية في العلو؟؟

من أقرع أعلى ذؤابتك ؟؟
من أبعد شجر البطم والسنديان والخوخ ليغني في حلقة راقصة منتشية ابتهالاً بقدوم الولد الجديد الذي انفطم حديثاً من حليب السباع ؟؟ من أبعده عنك ياسيدي ؟؟
إذا سألت رائحة الطيب والنقاء من بابونج وبنفسج الكرد : من نشف عروق الدم في بتلاتك أيتها الكائنات الحلوة ؟؟
عندئذ وعندئذ فقط ستستيقظ هذه الآيات السابحة في بحر الوداعة والجمال، وستقول وبكلمة واحدة: إنها- أيها الباحث عنا – أنهار المقت التي رغبت في حجم أقمار الله المستقرة في كبد السماء..
إنها النفوس التي ماطاب لعيونها القميئة ، ولشفاهها الشرهة أن ترى هذه الوجوه الكردية ضيفة عزيزة على مائدة الحضارات .. بل مساهمة فعالة في إعداد تلك المائدة .. وهي بهذا تبشر بغد أفضل لها ، وتحب الخير ، وترجوه للمحيط البشري الفسيح .
ومنذ ذلك التاريخ السحيق ..
لا الجبل يمل من حمحمته، ويخجل من قرعته.. ولا الشجر والولد المفطوم سئما أو حتى أبديا امتعاضهما أو انزعاجهما من فداحة الخسائر التي لحقت بهما. .
من جهته ذلك الوحش الذي ارتدى قناع البشر.. الذي تسلل تحت وبين الفراش الكردي، وعلى حين خيانة غرز أصابعه في بطون الأمهات الكرديات ليسكت من أحشائهن أملاً غالياً وعزيزاً.
ذلك الوحش الذي تحنى ببحر الدم ، وسبح في ذلك البحر ، وغرز أصابعه في عيون الولدان هو نفسه الذي لم يأل الحداد الكردي جهداً في حبس أنفاسه ، حيث انهال على الرأس ” يبوسها”
ويلعن بلاد الفخار والضباب التي سالت منها دماء قاتمة ..
وهناك وفي أعلى ذروة الجبل الصديق .. الأخ .. والخليل
كان الرفاق جالسين بجانب الجبل الكردي ، الذي أشعل أحزانهم .. آلامهم الكثيرات
أشعل نوروزهم … هذا الطفل الـ  مازال في ثياب الحلم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…