الان حمو
يعاني فكر الكوردي من أزمة من عدد الشخصيات النافذة والمطاعة في تاريخنا، لتجعل من سيرتنا الحزبية حافلة بالانشقاقات. فالتركيبة العشائرية التي بُني عليها تاريخنا السياسي، يجعل الولاء والطاعة العمياء واستئثار القادة بالقرار سائدا ومتأصلا لدى تلك الفئة (قادة الاحزاب) الذين تشكلت حولهم هالة من القدسية والمعصومية كانت من أحدى مخلفات الطبقية “كلما قل عدد المعصومين زادت نسب النجاح”. يسرد عزيز أومري مجريات حقبة تاريخية تعج بالشخصيات الذين تحولوا إلى ايقونات تستثمر حزبياً الأن، دون أن يعلم الشعب الكوردي “جراء التغليف السياسي” ماهية ونتاجات تلك الشخصيات، وهل اصابوا في مبتغاهم أم نحن نعاني ونحصد الأن ما زرعه ايديهم. وفي مقدمة تلك الشخصيات أوصمان صبري، نورالدين زازا، جكرخوين، حميد درويش، صلاح بدر الدين ….إلخ.
يضبط الاومري بوصلته على بوصلة الخالد بارزاني، ليحافظ على اتزانه في مسعاه إلى الحقيقة وغايته الكوردواري. ويكشف لنا عن هشاشة الوضع السياسي الكوردي في سوريا منذ نشأته، وأن الاساسات الايديولوجية التي ترتكز عليها تلك الاحزاب ماهي إلا حاجات تكونت نتيجة مصالح شخصية في تلك المرحلة. مصالح فقط تخدم وجودهم في الصف الأول وتحت الاضواء، غير آبهين عملهم الأساس وهو حماية وتأمين حقوق الشعب، فالفقر الاسترايجي كان سببه مصالح الاشخاص. فاليساري يستطيع أن يصبح يميني، فقط لانه لم يصبح قيادياً (جكرخوين)، والأخر يؤكد على يساريته لأن أحد الاشخاص ليس موجودا في الكونفرانس (اوصمان صبري) وهنا اقتبس مما سرده الاومري “وتقرر أن يتم الاتصال مع أوصمان صبري فإن قبل بالنتائج سيكون من القيادة، وفعلا وافق بعد أن قال: طالما حميد غير موجود فأنا سأقبل …..” انتهى الاقتباس. وباستطاعت اليمين الاندماج مع اليسار، فقط لان هناك تهديد على مراكزهم القيادية من مجموعة من زعماء العشائر جُهزوا بتوصية خارجية لإستلام دفة القيادة.
تفتقر العقلية الكوردية إلى النقد الموضوعي الذي يخلق بدوره قيادات من دون رقابة. وحتى يكون للشعب آلية رقابية يجب أن تزال الهالة القدسية حول الاشخاص وتاريخهم، بذلك سيتعظ القادة الحاليين. كتاب “في أروقة الذاكرة” ل عزيز أومري وإعداد وترجمة عبدالصمد داوود من الكتب النادرة التي تتناول التاريخ السياسي في غربي كوردستان بصورته السلبية (نقد) قبل الايجابية، ومن دون مواربة يكشف الكتاب الزيف الشعاراتي وتسخيرها للاستهلاك الإعلامي دون تثبيتها على ارض الواقع. بكل الاحوال نحن بحاجة إلى مثل هذا الاسلوب في السرد التاريخي الذي يبتعد عن المفاخر والتنميق المبالغ حتى يصبح بالإمكان توليف آلية للنقد والاستفادة من الاخطاء ومنع تكرارها.