زوبـير يوســــف
لم يحدث قط عبر التاريخ كما يحدث اليوم في زمننا المعاصر ,أن حاز تقريبا كل فرد من مجموعة بشرية ما,على امتلاك ,,جريدة ناطقة باسمه,, أو ,, محطة بث,, او وسيلة تواصل اجتماعي جامعة ….. تمثله وتمنحه كامل الحرية فيما يعلن وينشر و …..الفيس بوك مثلا : صفحة الكترونية جامعة لصوت ذاك الفرد وصوره وأفكاره ودعاياته و طرائفه وفلسفته في الحياة- طبعا ان كان ذا فلسفة وفكر وفن.. ونافذة يطل منها مع عائلته الصغيرة والكبيرة . – الفرد الفيس بوكي المعني, يعرفك على نعجته الشقراء ومتى ولدت حملا بنيا , ذو عينين سوداوين – وعلى جغرافيته المجاورة وأسماء الأعشاب والأشجار و الزهور والتلال والينابيع والفراشات و العصافير و….التي تشاركه محيطه ,طبعا وسيلته الى ذلك هي غالبا لغته .
الريفي الساكن في اعلى الجبل اوالتلة – الرياضي المقيم في العاصمة – راعي الغنم السارح في البادية – الطبيب الناجح اوالفاشل – الحرامي – المفكر الكاتب- غير المفكر الكاتب ……….المسرحي السياسي التاجرالمبيوع والوطني..وبائع الشعارات والاوطان … جميعا ودون استثناء ,مكنته التكنولوجية الجامحة المجنحة المجنونة الذكية…. من الدعاية لنفسه وإظهار طفراته و خصائصه الفائقة السرعة او السريعة المتسارعة في الانحلال والذوبان في تيارات الاخر وامواج الاخر وصرعاته وبالتالي ارتداء كل الوان وموديلات و طبائع الاخرين بل وحتى عطساتهم و أصوات حناجرهم اذا تغنجوا او سعلوا. ومن الطبيعي ان يعمل افراد كل أمة , صفحات بل محطات بث يبرزون فيها خصائص وجماليات فنونهم, موسيقاهم , ازياءهم وغنى تراثهم و أدبهم والمناطق الجميلة السياحية في بلدانهم ,وحلاوة رقصاتهم الفلكلورية او المعاصرة ….الخ الانكليزي يركز على انكليزيته فطريا او بحكم الانحياز للأنا الانكليزية ,عن وعي فكري اوسياسي او … أكيد من حقه ان يقدم اجمل صورة وفكرة عن شخصيته الانكليزية حاضرا وماضيا .
التركي كذلك واكثر, خاصة حين يغير حتى اسماء الحجارة او التلال فيتتركها وربما يخترع تاريخا لها( هوموجدها) قبل 3 او4 الاف سنة رغم ان عمر التركي في تركية اليوم لا يرجع الى ابعد من 800 عام حين جاء غازيا محتلا .. الفارسي والافغاني و الهندي و …….. كل يشهر احدث ابتكارات التكنولوجيا والتكنيك ليخط بالفارسية- بالهندية — لغة يعلي من شأنها و يشذب اطرافها يوما بيوم مثل التركي الذي اوجد لغة تقريبا من لا شيء اومن لسان قبيلة منغولية …ويوجد كل يوم مفردة مستحدثة, سرقة وتركيبا و اشتقاقا و توليفا ,كل همه ان يخلص تركيته من الاف المفردات الكوردية والعربية الاسلامية او اللاتينية الموجودة في التركية والتي يخجل منها …..الخ التركي يعرف دور اللغة في صياغة عقول و ميول الناطقين بها و ترويضهم .. الكل يعرف … ماذا بالنسبة الى من نسميهم الكورد.. هل يعي الكوردي دور اللغة الجوهري في مستقبله..؟؟
هلا القينا نظرة على من يسمي نفسه كورديا كدلالة على فرد ينتمي الى أمة ذو لغة وتاريخ وثقافة مميزة ,وأرض يعيش عليها أفراحه ورقصاته ,زواجه وغناءه , عاداته وطقوسه …. ان اكثر من 90 بالمئة من افراد هذا الشعب المنضوي قسرا تحت هيمنات الدول التركية السورية العراقية الفارسية …او في المهاجر, ينشؤون صفحاتهم و مواقع بثهم ويناقشون ويتناقشون بلغات مضطهديهم غالبا … لكن الاخطر والاكثرخطورة ما طرأ حديثاولاول مرة في تاريخ الانسان الكوردي اذ ولاول مرة يتسنى للعنصر الكوردي ان يحمل القلم/ الكي بورد …يخط ويكتب عن نفسه , يفكر ربما بشكل حر ولكن بأي لغة ؟؟؟
انه وللأسف ,يكتب بلغة المهيمنين على وطنه واضعا لغته على الرف !!!! لأول مرة يتناقش بالكلمات بالافكار المكتوبة وليس عبر اللغة المنطوقة اقصد يتبادل الاشتراك في كل نشاطاته بالكتابة بغير لغته,مثلا لنأخذ الكورد المضافين الى سورية والعراق نسبيا ,لنتابعهم على الفيس بوك : 1- يهنؤون بعضهم في مناسبات الفرح باللغة العربية مثلا( الف مبروك ياقرة عيني يافلذة كبدي, قربان روحك اخ دلالو اشقد حلو انت غالي على قلبي ………………)
2- يعزون بعضهم بعضا على الشكل التالي ( رحمه الله مثواه الجنة, كان بسيطا محبا لاهله ,كان مناضلا , فقدته ……… قلوبنا مع ….الخ)
3-يقارعون السياسة ,يحتربون و يشتمون بلغة قناة الجزيرة القطرية مثلا- وارجو المعذرة- ( القوافل تسيروالكلاب تنبح ) او يكشفون كل خلافاتهم واهتماماتهم بلغة مسلسلات التلفزيون العربي السوري
4-يسجلون حوادث يومهم وما جرى ويجري معهم وايضا بالعربية مثلا ( مدرسة اللغة الالمانية سألت اليوم شو لغة اهلك بالبيت ……)الخ
يتضح مما سبق ان الحياة العفوية اليومية التي كان يعيشها الاباء والاجداد و العائلة في ساحة القرية او المراعي اوفي سوق المدن والبلدات الكوردية او النقاشات العامة عن الاولاد والتربية والمدرسة والفصول والزراعة …..و التي كانت تتم وبشكل طبيعي تماما ودون تكلف باللغة الكوردية ,حصرا اللغة او اللهجة المحكية -الادبية,……. أما الأن و على العكس تماما مما سبق ,يهمش الكوردي نطقه ودردشته الكوردية …. دون ان يعي حجم الكارثة التي يمارسها ضد خصوصياته و فرادة وجوده كقومية مغايرة للترك والفرس والعرب و …. خطر نسيان اللغة ماثل امام العيون ,فقط افتحوا صفحاتكم ع الفيس بوك واقرؤوا بوستاتكم المكتوبة بلغة مقالتي هذه ,لتفهموا عمق الهاوية التي اشيراليها , بدأ ٌ من الخطر اليومي بل بالدقائق والثواني _اونلاين _ الذي نعيشه كناطقين باللغة الكوردية لكن كمدونين لحياتنا بكل تفاصيلها بالعربية _
هل تعرف ان التحدث والتعبير العادي للغة في الحياة الاجتماعية اليومية اصبح في حكم المفقود ,بل حل كتابة على صفحات التواصل …كل النشاط يتم باللغة العربية كتابة وتعليقا وبوستا وتغريدا و لايكا و مجاملة و مزاحا و مدحا ….. وو….و …..وووو
ما الحل ؟
اقترح ما يلي .. كون الاغلبية تقول اوتدعي اوتتكاسل أوتستصعب الكتابة باللغة الام أو ..أو.. او
1- اللجوء الى الفيديو ونقل المعلومة بالكوردية صورة وصوت او ترك رسالة صوتية على الواتس اب مثلا أي التركيز على الحكي – الصوت في التواصل لكي تظل تفكر وتحكي بلغتك …
2- البدأ بكتابة التعابير السهلة باللغة الام ليتلقاها الابناء و الاصدقاء والمشتركين الاصغر سنا فيعتادون الكتابة والقراءة وتكون بذلك قدوة لهم يقلدونك و يجاوبونك بنفس التعابير
3- محاولة قراءة البوستات القصيرة والتعليق ولو بجملة كوردية واحدة فطريق الالف ميل يبدأ بخطوة …
4- يجب ان يؤخذ بالحسبان ان احتمال الحصول على حق التعليم باللغة الام قد يتأخر 50 سنة أخرى…. ..فما الحل برأيك ..
ترى هل يستشعر كتابنا ,, مثقفونا ,, – وهم غالبا يتحملون النصيب الاكبر في دفعهم للناس للكتابة بالعربية – هل يسمعون ناقوس الخطر … أم الأسهل لهم هو تجاهل كل رنة , والاستمرار في التبعية و تفضيل الطرش على اليقظة والاستلذاذ بالتصفيق العربي…. وعمرين اللغة المهم الحصول على المديح والجوائز في كبرى العكاظات ودور النشرات العربتركفارسية.