وليد حاج عبدالقادر – دبي
في الإرث والتراث الكورديين ، كمافي كل المجتمعات البشرية ، حظيت المرأة بدور ريادي بارز ودائما كان يرتبط بمحوريتها إن كركن أسري اساس او اقتصادي تنتج ونستطيع تلمس هذا بكل وضوح لابل وحتى القول بأن كوردستان قد تكون في الأساس هي مركز ظهور وانتشار عبادة المرأة / الإلهة ، المعطاءة والمتدفقة حياة ، ولعل تماثيل الآلهة الأم الطينية التي تعتبر من اقدم التماثيل المجسدة لذلك والمكتشفة في واشو كاني / رأس العين ، التي تعود الى اكثر من ٤٠٠٠ سنة ، وخاصة تمثال الإلهة المجسدة بأربعة أثداء والمسماة بتمثال الإلهة الأم الهورو / ميتانية . لقد تجلت الأم الإلهة تعامات أو تامات كما اينانا السومرية أو هيرا اليونانية ، ولتتشعب منها ، ومن جديد ، مجموعة الآلهة النسوية المتعددة المواهب منهن الخيرات او الشريرات وكذلك العابثات او الخلوقات وفق سياقات المراحل وتجلياتها ، وبالتالي المتغيرات كإنعكاس لتغيير نمط الإنتاج وبالتالي مستلزماتها ،
فتظهر مع الإستقرار والعيش الرغيد نماذج من الآلهة اللائي تعبثن وتستبدلن الآلهة الذكور مرة فلاح وآخر راع او لربما محترف / الحرفة مثل الحداد او صناعة السلال / وقابلها دائما وابدا الآلهة العذراوات وكرؤوس اقلام سريعة هنا يمكننا ذكر خاتونا زمبيل فروش ، خجا سيامند ، كجكا جل كزي ، دوستا لاوكي متيني وتبقى ژين وللحقيقة هي نقطة المحور لابل والمرتكز من جديد وعلاقتها ان بالحياة وسر استمراريتها واعني المرأة !! فلو رجعنا مثلا الى الميثولوجيا السومرية وسجل الهتها النسوية لربما كنا اعتبرنا الترجمة الأولى لعبارة / ننتي / كسيدة العضو والتي بينت الدراسات المكثفة واتفاق الغالبية العظمى من علماء السومريات بأن ننتي هو الإسم السومري لكلمة حواء العبرية وبالتالي حياة العربية وأضيف / أنا / معناها بالكوردية / ژين / أفلا تعني لنا بشيء ؟! خصوصا وأن ذات المعجم السومري يحمل لنا اسم مم كواحد من النسق الأول للآلهة الأبناء كإله للينابيع والوديان / الماء العذب / كما الإله آفدار … وباختصار شديد فأن التراث الكوردي حمل بين جنباته كل هذه المراحل التي مرت بها المرأة الكوردية والتي بقيت اضافة الى ما ذكرناه معزوفة عشق ووله مستدام … وفي الميثولوجيا الكوردية ظواهر كثيرة تتبدى بصيرورتها وبعدها التاريخي القديم ، لتترافق من جديد وتساير المستجد بعد ان تزيح القديم أوتمأسس على قاعدته الجديد ، وعمره ما استأثر المأثور الكوردي أو ارتكز على منهجية التوحد والإستئصال وان نفى القديم او لفظ منه مالا يلزمه ، فيوهبها لاحقته الجديدة ، واختصارا وكوجهة نظر ! .. : لخلق نظرة الى ظاهرة لاوك وتحولاته لابل والمسميات المناطقية او الحرفية المتعددة التي وجدت او تبلورت لتحكى من خلاله سيرته !! لاوكي متيني ، لاوكي خرفاني ، لاوكي أباسي ، لاوكي غريب / بياني / ولكل لاوك اكثر من حكاية .
وفي القص الشعبي الكوردي ، كما التراث والغناء والفولكلور الكوردي ذخيرة من الأمثلة تختزل وبعمق أنماط التجربة المعيشية لهذا العالم الرافدي في تناغم الألحان مع ايقاعات الرقص وانعكاسات البيئة والنمط الإقتصادي المعاش !! وبالمختصر ان الإرث الكوردي أصبح كالحاضن ، لابل أشبه ما يكون عصارة للتطور الفكري في ميزوبوتاميا ، فنام فيه ظواهر وقصصا كثيرة ولآلهة تنوعت وفق النمط المعاشو تواترت في كل حضارات المنطقة ، وبالمختصر الشديد وبالتدقيق في ظاهرة / لاوك / و / كه جل / أو / كوري / وبدراسة مقارنة سنرى تشابكها مع أساطير جد عميقة ساهمت في تكوين الوعي الميثولوجي الرافدي . وهنا ، وفي تراتبية ونمط القص والغناء الكورديتين حينما نركز على صميميتها وتواترها مع التطور المجتمعي كانعكاس حقيقي للتطور والنمط الإقتصادي ، وبالتالي وكمحصلة لتقدم الوعي الميثولوجي البشري في ميزوبوتاميا ، سنلمح في البنية الأساس لهذه الميثولوجية / ميژو بالكوردية وهي غير – كڤنه برست – او الكلاسيك / وكذلك انعكاسات الأنماط المعيشية والبنى الإقتصادية والملخصة بأنماط الإنتاج واستخدام كما تطور ادوات الإنتاج ومن ثم اندثار حرف مثلا وظهور أخرى بديلة او اكثر شيوعا .. وباختصار هنا : تظل الأنشودة ، الغناء ، القصة ، كبنية اساسية يضاف اليها الأحدث وقد يتم استبدال الأسماء فقط كظاهرة كل الأساطير والقصص الميدية والتي بقيت حتى بلغتها و .. بعضها فرست / من التفريس / بعضا من اسماء ملوكها … وشخصيا ومن خلال متابعتي القديمة / الجديدة لظاهرة لاوك وتحديدا لاوكي متيني او معدني ، مادني !! وفي تأمل ومتابعة دقيقة لغالبية انماط الغناء وطرائقها نلاحظ ببساطة شديدة أن المقطع الأول في بداية الأغنية والذي يأتي بصيغة قسم – يمين : / أري يادي ت بخوكي او بخودكي / أفلا توحي بأنها امتداد لمرحلة الآلهة الأم ؟ خاصة أن التاريخ الكوردي وبحضاراتها المختلفة تؤكد على شيوع هذه الظاهرة تاريخيا من خلال وجود تماثيل ونصوص كثيرة تثبت ذلك ؟! .. وقد تكون أيضا من المؤثرات المسيحية كدين انتشر في كوردستان كثيرا وتقاطعها مع ظاهرة مريم العذراء !! .. ومن ثم ! وهنا من جديد / لاوكي متيني .. مادني .. معدني / وارتباطه بظاهرة اكتشاف المعدن وخاصة الحديد وعلاقته بالإله هيفستوس اله المعدن والحديد وأصله حسب الأساطير الإغريقية هي سهول كيليكية كمفهوم اقليمي واسع ، هذا الإله الذي جرح في قدمه واصبح يعرج في صراعه ومنافسته ليحظى بقلب الهة العشق والغرام هيروديت / عشتار واصبح عشيقها فيما بعد ، ولعل الأهم هنا ونحن تستكشف مفهوم لاوك في الإرث الكوردي لابد من ذكر / لاوكي زردوشي / ومدى تقاطعه وما قيل ويقال عن زرادشت والشجرة وظاهرة الديمومة والإستدامة والقسم ت بخوكي وه .. بخودي كي .. ومناجاة الفتاة لابل صرختها كتشبيه او استدلال وإن كانت تعج بعواطف عاشقة ولهة الا ان فيها مافيها من الباطنية كما التقاطع مع لا كي متيني ومن جديد / دارا لاوكي متيني / . هذه التقاطعات التي ستقودنا إلى الولوج أكثر في فضاءات القص الشعبي الكوردي ولنلمح بشكل أوسع كيف أن هناك اساطير عديدة تأطرت فيها ، والتي اتخذت مسارها الشفاهي وتناقلتها الأجيال منذ ازمان سحيقة ، وبعض من هذه القصص / الأساطير استلزمت من المؤرخين عقودا طويلة ومقاربات لغوية وفكفكة حروف والواضح ورقيمات و لتتقاطع مع سياقات قصص كانت جداتنا الأميات واللائي لربما ما كن تجاوزن محيط ديريك / عين ديوار / بوتان وبتفاصيل متطابقة إلى حد الذهول و – شخصيا – كثيرة هي القصص التي / اذهلتني وانا أقرأوها بحرفية أحداثها ، وان تغيرت اسماء شخوصها ، والمدهش أكثر في الحقيقة هي اسطورة اينانا ودوموزي وتقاطعها الكبير مع القصة الشعبية / هيش مراري / أو / هشمرارري وصراع الأختين مع بعضهما في محاولة واحدة منهن اختطاف زوج الأخرى وعندما تيأس تكمن له بوسيلة ترديه جريحا فليسقط وكأنه ميت منذ زمن بعيد ، وتظهر السيرة جهود وسعي الحبيبة / الزوجة في البحث له عن علاج ووسيلة لتعيده الى الحياة والمشاق التي عانته في سبيل ذلك ، و في الواقع هي النسخة الكوردية من / اينانا ودوموزي / مع بعض من التشذيب المعاصر … هذه القصة التي ترسخت في ذاكرتي كرقيم او لوح تكسرت فيه بعض من مقاطعها وبجهد صديقة * تفاعلت كثيرا مع نداءات عديدة نشرتها فجمعت عدة نماذج تروى بها القصة وتم تقاطع مفاصلها واعادة صياغتها وفق تراتبية أحداثها الأساس والتي قادت – نا – وبكل ثقة من ناحية ، وتواضع من ناحية أخرى أنها المعبرة حقا عن النسخة الكوردية لاينانا ودوموزي وباختصار ..
* كل التقدير للشاعرة ليلى قمر من ديريك لجهودها في جمع أنساق من قصة هيشمراري وايضا مواضيع أخرى عديدة