صفحات من تاريخ حركة التحرر الوطني الكردية في سوريا

  علي جعفر

في المانيا، نوروز هذا العام، صدرت الطبعة الثالثة من كتاب: ” صفحات من تاريخ حركة التحرر الوطني الكردية في سوريا أو تاريخ البارتي ” لمؤلفه محمد ملا أحمد، في طبعة أنيقة، بلغ عدد صفحاتها 186 صفحة.
بالاضافة إلى مقدمة الطبعة الأولى، ومقدمة قصيرة للطبعة الثالثة، يتوزع الكتاب على أربعة فصول.

يتناول الفصل الأول منه وضع الحركة الكردية في أواخر الأربعينات، ووضع سوريا السياسي في الخمسينات والتحرك السياسي القومي الكوردستاني في هذه المرحلة خاصة تأسيس جمهورية كوردستان الديمقراطية عام 1946 في شرقي كوردستان المعروفة خطأ بجمهورية مهاباد وانهيارها قبل أن تكمل عامها الأول وما نجم عن ذلك من انهيار آمال قادة حركة التحرر الوطني الكوردية في عموم كوردستان، ومنها الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا. وقبلها نضال الكورد في جنوبي كوردستان وفشل الانتفاضة الأولى للقائد الوطني الخالد مصطفى البارزاني عام 1943-1945. بالإضافة إلى فشل وانهيار مجمل الثورات والانتفاضات التي حصلت في شمالي كوردستان، ولجوء بعض رموز هذه الانتفاضات إلى سوريا، والنشاط السياسي والثقافي التي قامت به. وما حصل من مساومات واتفاقات بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والتي جاءت على حساب الأمم والشعوب المغلوبة على أمرها، ومنها الأمة الكوردية. كل هذا وذاك وذاك؛ تراكم النضال القومي الكوردستاني لسنين طويلة والاتفاقات الدولية المجحفة بحق بعض الأمم والشعوب، كان الدافع القوي لدى بعض المتنورين والمتحمسين قومياً إلى التفكير في تأسيس نوادٍ وجمعيات، ومن ثم تنظيمات سياسية في غرب كوردستان، توجت باعلان بارتي ديمقراطي كردستان سوريا في حزيران عام 1957، فيورد المؤلف أسماء المؤسسين ومؤهلاتهم مرافقاً كتابه بصورهم، وما رافق مرحلة التأسيس وقبلها من ارهاصات ومخاضات، وكيفية توسُّع البارتي التنتظيمي في مناطق كوردستان كافة، والمجموعات والتنظيمات التي انضمت للبارتي، وكذلك التحرك السياسي للبارتي، سورياً وكوردستانياً. 

 الفصل الثاني

 من الكتاب يرصد كيفية بروز الخلافات في قيادة البارتي وخلفياتها التي بدأت مع حملة الاعتقالات الأولى في 12 آب عام 1960، وما رافقها من موضوع إصدار التصاريح تجنباً لمواجهة المحاكم، أو عدم إصدارها نظراً لمخالفتها التنظيمية وخروجاً عن مبادئ البارتي، وبالتالي تنصُّل قسم من القيادة يتزعمهم المرحوم د. نور الدين ظاظا عن البرنامج السياسي للبارتي الذي كان شعاره الأبرز ” تحرير وتوحيد كردستان ” ( ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة رأيهم؛ أكانوا على حق أم لا ) أثناء أول تحقيق واجههوه. ليصبح البارتي بعدها بخمسة أعوام ذو توجهين سياسيين مختلفين؛ تزعم المرحوم د. نور الدين ظاظا تياراً، وعثمان صبري التيار الآخر. ثم يقف المؤلف عند الوضع الداخلي للبارتي في كافة مناطق تواجده أثناء الحملة المشارة إليها. وكذلك الموقف داخل البارتي من المعتقلين وخلافاتهم.

الفصل الثالث

يتناول الصراعات الداخلية في قيادة البارتي وما تلتها من أحداث عام 1962 الذي يصفه المؤلف: ” … عام التصارع الداخلي … “. حيث يورد المؤلف أحداث هذا العام تحت ثلاثة عناوين رئيسية، وهي؛ أولاً: الكونفرانس الأول في شباط 1962، والخلاف بين العضويين القياديين حميد درويش والشيخ محمد عيسى، وانعكاس ذلك على القاعدة الحزبية وظهور جماعات وتكتلات علنية هنا وهناك كل منها تناصر هذا أو ذاك. ويقف المؤلف عند موقف كل جماعة من هذه الجماعات، كجماعة القامشلي، وجماعة ديريك وجماعة البكوات وبالاضافة إلى جماعتيْ حميد والشيخ. وفي هذا العام يصدر المرسوم التشريعي المشؤوم المرقم بـ: 93، والمعروف بمشروع الاحصاء العنصري و….. ثانياً: أحداث عام 1963، التي ظهرت فيها خلافات القيادة علنية بين قواعد البارتي، من خلال انعقاد كونفرانس تشرين الأول من هذا العام. ثالثاً: أحداث العام 1964 التي أبْرَزَ المؤلف عناوينها في تفاقم الخلاف بين التيار الذي تزعمه حميد درويس الذي يعتبر امتداداً لتيار د. ظاظا والتيار الآخر، وعقد الكونفرانس الثالث في آب هذا العام، وبروز تكتلات هنا وهناك تؤيد قيادة البارتي والتي أصبحت فيما بعد نواة ما سميّ فيما بعد باليسار. تركزت أسباب الخلاف حسب قول المؤلف على نقاط رئيسية منها: الموقف من قضية الشعب الكوردي في هذا الجزء من كوردستان، أهي قضية أرض وشعب وما يترتب على ذلك من حقوق، أم أقلية قومية تطالب بحقوق ثقافية، وكذلك الموقف من خلافات المرحوم مصطفى البارزاني وإبراهيم أحمد ومعه صهره جلال الطالباني و.. .

أما الفصل الرابع والأخير

 فيتناول الانقسام في البارتي وحيثياته، حيث أبرز أحداثه انعقاد كونفرانس 5 آب عام 1965 الذي كما يقال القشة التي قصمت ظهر البعير. فانقسم البارتي على نفسه إلى شقين، تزعم الشق الأول حميد درويش والثاني عثمان صبري ومن بعده بفترة قصيرة صلاح بدر الدين. وموقف كل جماعة وتكتل من الأحداث الدراماتيكية التي حصلت في البارتي. وكان ذلك كما نعلم جميعاً بداية سلسلة من الانشقاقات الأفقية والشاقولية. واختتم المؤلف هذا الفصل بخاتمة أبدى فيه رأيه في جملة تلك الأحداث. ولا يخفي المؤلف – وهذا من حقه – مناصرته للتيار الذي تزعمه المناضل والأديب المرحوم عثمان صبري، بل ومشاركته لبعض هذه الأحداث.
بكلمة مقتضبة إن الكتاب يسرد المرحلة النضالية الأولى من مسيرة بارتي ديمقراطي كردستان سوريا منذ التأسيس عام 1957 وحتى حصول أول انقسام في البارتي عام 1965. وهي مرحلة تاريخية ونضالية مهمة، يتوجب على كل مناضل حزبياً، كان أم غير حزبي، ومهتم بشؤون شعبه أن يتمعن في دراستها لأنها كانت اللبنة الأولى في تاريخ حركة التحرر الوطني الكوردية في غرب كوردستان.
وإن ما يميز هذه الطبعة عن سابقاتها هو اضافة المؤلف لجملة من الوثائق الضرورية، التي يتعبر وجودها ضرورياً في كل دراسة ذات منهجية علمية، خاصة لجهة اسم البارتي، وتسميته بـ: ” الكردي ” أم ” كردستان “. 
من الجدير ذكره أن الطبعة الأولى من هذا الكتاب صدرت في عام 1991 في سوريا في جزأين منفصلين، الأول تضمن الفصل الأول والثاني، والجزء الثاني تضمن الفصل الثالث والرابع. أما الطبعة الثانية فقد أصدرتها رابطة كاوا للثقافة الكردية في هولير عاصمة كوردستان الجنوبية عام 2001.
في الختام لا بد من التنويه إلى أن الصفحة ( 175 ) تحديداً والتعليق المرفق بها أضيفت للكتاب من قبل الناشر ( أي من قبلنا )، وفيه ورد اسم بارتي ديمقراطي كردستان سوريا سهواً على الشكل التالي: ” البارتي الديمقراطي الكردستاني – سوريا “، أي مقروناً بـ(أل) التعريف، مع وجود إشارة(ـ) بين كلمتيْ (الكردستاني و سوريا )، حيث اعتمدت في ذلك على طبعة رابطة كاوا للثقافة الكردية المذكور. لذا وجب التنويه والاعتذار من المؤلف الفاضل محمد ملا أحمد، ومن القراء الأعزاء.

 وها نحن قدمنا عرضاً سريعاً لمحتويات الكتاب بغض النظر عن اتفاقنا، أو عدم اتفاقنا، مع كل ما ورد فيه. وهي بعيدة عن الدعاية كوننا أخذنا على عاتقنا طبعه ونشره على حسابنا.
———

للحصول على هذا الكتاب، يُرجى الاتصال بالعنوان الإلكتروني التالي:
 eli_cefer@hotmail.de

  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…