جهاتٌ مصلوبةٌ في العدم

خالد إبراهيم
هل رأيتَ للعتمة جدارٌ،
وللريح كوخٌ يصعقُ به عويلَ الظُلمةِ والبرد؟
كم يلزمُنا
نحن الصعاليكُ والمساكينُ؛
لنلعقَ بقايا صمتٍ دَسمُ المقاصل؟
هل رأيتَ للدخان ضوءٌ،
وللماء صفعةُ المجانينِ المخبّأة
بين الشاطئِ وجثثِ الطيورِ المحنات
بصمغ المسدّساتِ وغرغرةِ العجائز؟
هل خلعتَ ثيابَك، ووقفتَ دون خجل،
وضربتَ الجهاتِ الأربع بكعب حذاءٍ مصنوعٍ مِن سكاكين حقيقةٍ مّرة؟
تعالَ أيُّها الرصاصُ؛
لنذوبَ معاً في وهم البرزخِ العابرِ بينَ مياهِ الأرواح
ولكن،
نسيتُ أننا بينَ دحلِ الزناجيرِ الصدأةِ مكفوفي الأعين
مصلوبين على لسان زمنٍ انتحرتْ فيه كُلُّ الفصول،
وتجتمعُ في سماءاته
شموعٌ باردةٌ
لا يبكي للشاعر سوى  الشاعر
ولا يرتدي قميصَ الأمواتِ،
إلا مَن يجيدُ إغلاقَ الجهاتِ الأربع
بأصابع من حديد
أنا الذي أجلسُ الآن بصمتٍ،
أرسمُ العالمَ بنظرة،
وأبتسم
أعرّيه تارةً
أجلدُه مرّات ومرّات
منتظراً شروقَ الشمس.
***   ***   ***
أحياناً
دائماً
فينةً
لبعض الوقت
صلابة الدمعة
حذَّاءُ الوجوه…
أحياناً
أن تكون شاعراً بلا إحساس
سياسياً بلا كرامة
إنساناً بلا روح…
دائماً لديكَ بعض الوقتِ بينَ الفينةِ والأخرى؛
لتنحتَ غضبَ الأنبياءِ
على جدار هلعٍ مرصّعٍ بقبح الوطن والمواطن
الأب والأم
الأخ والأخت
الابن والابنة
أنتَ وأنا أيّها التافهُ الإنسان
لديكَ الوقت الباذخ لتصنعَ صلادةً من لاهوث فاسد
هكذا تحفرُ الطريقَ،
والوجوهُ تبدو مثل أحذية فولاذية
تنقرُ مسافةَ الزنجبيل
ما بينَ الأرضِ والسماءِ أيُّها الإنسانُ
أحياناً صلابةُ الدمعةِ
خنجرٌ بيد الله
أحياناً…
قمةُ الشرفِ
أن تكون بِلا شرف.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم اليوسف

تقف الأديبة الشاعرة الكردية مزكين حسكو في فضاء الشعر الكردي الحديث، شاهدة على قوة الكلمة في مواجهة تشتت الجغرافيا. جبل شامخ كآرارات وجودي لم تنل منه رياح التغيير القسرية.

شاعرة كرّست قلمها لرسم جماليات الهوية الكردية من منفى اختاره القدر، فنسجت قصائدها بلغة أمّها كوطن بديل يحمل عبق تلال كردستان ووجعها. كما تقول في إحدى…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…

ميران أحمد

أصدرت دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع مؤخراً المجموعة الشعرية الأولى، للشاعر الإيزيدي سرمد سليم، التي حملت عنوان: «ملاحظات من الصفحة 28»، وجاءت في 88 صفحة من القطع المتوسط.

تأتي هذه المجموعة بوصفها التجربة الأولى للشاعر، لتفتح باباً على صوت جديد من شنكال، يكتب من هوامش الألم والذاكرة الممزقة، بلغة جريئة تشبه اعترافاً مفتوحاً على الحياة…