ليلى قاسم حسن.. تاريخ امرأة صنعت التاريخ

نارين عمر

ليلى قاسم, فتاة كردية, أرادتْ أن تضيفَ إلى تاريخ المرأةِ عموماً, والكردية على وجه الخصوص صفحاتٍ خالدة, نسجتها أناملُ عواطفها بكلّ ما تحمل من مشاعرَ وأحاسيس,مدعومةٍ بمحبرةٍ لاتعرفُ لفظاً اسمه النفاد أو الجفاف, محبرة تنبعُ من بحر عشقها للحرّيةِ, والسّلامِ, والإنسانيةِ بكلّ مقاييسها ومعانيها.
لذلك جاءت تلك الصّفحاتُ مشعة متلألئة بأضواءٍ لم يزل الكرد يبحثون عن سرّها, عن منطلقها ومنبعثها. كيفَ لا وهي التي حطمتْ كلّ الادعاءات التي كانت تنادي: ما نفعُ البنات؟وصفعتْ صراخ كلّ مَنْ كان يدّعي أنّ المرأة: ضلعٌ قاصر,أو عقلٌ ناقص, أو خضوعٌ وخنوع .
ألم تؤكد أنّ الإنسان المؤمن بعقيدةٍ أو مبدأ ,لا يهمّ مَنْ كان ,ذكراً أم أنثى؟ ألم تؤكد وبالبرهان القاطع على أنّ المرأة قادرة على أن تبدعَ, وتثبتَ ذاتها في أيّ مجال تشاركُ فيه؟؟ /أمّ حنون, سيّدة منزل متميّزة, مربية فاضلة, عاملة مجدة, مقاتلة جبّارة, أسيرة
شامخة الهامة والجبين/؟؟
كم من الدّواوين والمؤلفاتِ والكتب تكفي للحديثِ عن ليلى قاسم؟! كم من السّواعدِ تكفي لتنزل بساحتها؟! وكم من القلوب تحتاج لتضمّ حبّها وحنانها وإنسانيتها؟؟!! وهل هناك كاتبٌ ومؤلفٌ مهما ادعى الخلقَ والنظم يستطيعُ التّعبير في حضرةِ ليلى قاسم؟أو عن ليلى قاسم؟؟
ليلى قاسم حسن ولدت في عام 1953 في قريةِ بانميل, التّابعة لقضاء خانقين , أتمت دراستها الابتدائية والاعدادية والثّانوية في خانقين, وفي عام 1972 تمّّ قبولها في جامعة بغداد,كلية الآداب,قسم الاجتماع, وكانت قبل ذلك وتحديداً في عام 1970 قد انتسبت إلى الحزب الدّيمقراطي الكردستاني, وقد زاد هذا الأمرُ من إيمانها العميق بقضيةِ شعبها وكلّ شعوب العالم المظلومة -وهي التي أحسّت بتوقها للحرّية والعدالة وهي لم تزل فتاة صغيرة – وازدادت نشاطاً وحيوية مع رفاقها( جواد هماوندي,ونريمان فؤاد , وحسن حمه رشيد, وآزاد قاسم) مّما زاد السّلطات قلقاً وخوفاً من نشاطهم فألقي القبض عليها في بغداد أثناء أدائها لمهمّة نضالية.
ليلى قاسم مفخرة كلّ امرأة تسعى لتعيشَ حرّة وسيّدة نفسها, وهي مفخرة لكلّ امرأةٍ كردية لأنّها استطاعتْ أن تغيّر نظرة العالم من المرأة عموماً, والمرأة الكردية بشكل خاص.
المواقف التي خلدتها ليلى وخُلِدتْ بها كثيرة, ولكن سأكتفي بعرض بعضها:
1- في الزّيارة الأولى لوالدتها وشقيقتها لها بعد سجنها, أوصتهما أن يحضرا لها في الزّيارة القادمة /مقصاً وملابسها الكردية, الجديدة/ وبعد أن أحضرتا لها ما تريد في الزّيارة الثانية, أخذت المقص وقصّت به خصلاتٍ من شعرها, وأهدتها إلى شقيقتها لتبقى ذكرى وشاهدة على نضالها وتحدّيها للموت والطغاة, وأجابت أختها التي سألتها عن طلبها في إحضار ثوبها الكردي أجابتها بثقة وابتسامة:
– أختاه سأصبحُ بعد أيّام عروسَ كردستان, وسوف تستقبلني أرضُ كردستان , لذلك أحبّ أن تحتضنني الأرضُ وأنا بكامل أناقتي. إنّ حبّي لكردستان لا حدود له.
2- سألتها والدتها عن وصيتها فأجابتْ:
– أنا عروسُ كردستان, أريدُ أن تلقبوني بعروس كردستان, وعندما تتسلمون جثتي, لا أريدُ منكم بكاء وعويلاً, بل أطلقوا حناجركم بهتافات المجد والخلود للبارزاني والبارتي.
3- عندما اعتلت منصّة الإعدام ولفّ حبلُ المشنقة حول عنقها, تقدّمتْ بكامل أناقتها مرفوعة الرأس وتهتفُ بنشيد/ey reqîb
وابتسامتها المعهودة مرتسمة على شفتيها وملامحها. وكان ذلك في صبيحة 13/5/1974 وكان قد تمّ إلقاء القبض عليها في شهر نيسان من العام نفسه.
سلامٌ إلى روحكِ ليلى, وروح كلّ رفاقكِ المستشهدين في سبيل الحرّيةِ والحق والسّلام الإنساني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…