حَلبْجَة الشهيدةُ

 16_أذار_عام 1988
أيَّتُها الشَمسُ الغائبةُ عنْ سماءِ وطني..  كحِّليْ عينييَّ ببعضِ ابتسامَاتُكِ الرقيقَةِ.
الأملُ مكتئبٌ على وجوهِ امَهاتِنا في هذا اليومِ ..قلبي يحترقُ ….؟ وتتكسَّر آهاتي الموجعةُ هنا..
السماءُ خائفةٌ .. تخشى بأنْ تَغتسلَ ابتساماتنا القرمزيةُ برذاذاتِ قطراتِ النَدى على وجُوهنا في لقائها الأخير معنا.
 اليومُ سأرتدي لونكِ يا “كردستان” ، فأيُّ لونٍ تختارينه لكِ
الأسودُ لا يليقُ بكِ ، وكذلك اللونُ الابيضُ لا يليقُ بكِ.
سألبسُ لكِ أجملَ ما عندي ، وأتنفَّسُ أنفاسُكِ الطيبةِ
لأجلكِ سأنتظرُ هُنا، وأنتظرُ غيابكِ, وسأبقى هنا بينَ أحضانكِ الدافئةِ .. لعلِّي أرى عصافيرَ الأملِ تُحَلِّقُ في سماءكِ وتأتي بخبرٍ مفرحٍ لنا ……
مازالتْ حبَّاتُ قَمحِنا مُبعثَرةٌ على أرجاءِ بيوتِنا الطينيَةِ والنملاتُ الصِغارُ تسرقُ حبةً حبةً وتأخذها إلى بيوتها تحتَ الارضِ, لقد تركناها كي نطعمَهَا لحمامَاتنا البيضاءِ ، ولكنَّ  حتى الحماماتُ سافرتْ بعيداً عنْ ديارنا، فقطْ  تركوا لنا بعضَ ريشاتهمْ المزخرفةُ كأحلامنا الصغيرةِ.
  قططتي المشاكسةُ لمْ تهربْ من البيتِ فكانت حارساً لبيتنا الطينيِّ، ماتتْ عندما دخلَها الغرباءُ فقتلوها و أعدموها تحتَ شجرةِ التوتِ.
جاءتْ كلابٌ مسعورةٌ أكلتْ احْجَالنا الصغيرةَ وكسَّرتْ أقفاصَها, كنَّا نُطعمُها بينَ الفينةِ والأخرى و كذلك َ خرَّبتْ أيضاً حدائقنا الجميلةُ ولم تكتفِ بعدُ بكلِّ هذا, حتى قضَتْ على جميعِ الاحجالِ في بلادنا، و أعدمتْ جميعَ قططنا الصغيرة على ساحاتِ مدينتا .
 فذلكَ لمْ يكنْ يوماً مفرحاً لي, ولا  لمدينتي الشهيدةُ حلبجة ….!!!!!
16/03/2020
احمد مصطفى

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت دار الخياط – واشنطن عن صدور رواية جديدة للكاتب والباحث السوري مازن عرفة بعنوان «نزوة الاحتمالات والظلال»، لتضاف إلى سلسلة أعماله الأدبية التي تجمع بين العمق الفكري والخيال الجامح، وتفتح أفقاً جديداً في السرد العربي المعاصر.

وتطرح الرواية، التي جاءت في 190 صفحة من القطع الوسط، عالماً غرائبياً، تتقاطع فيه نزوات الطغاة مع رغبات الآلهة،…

غريب ملا زلال

أحمد الصوفي ابن حمص يلخص في تجربته الفنية الخصبة مقولة ‘الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح’، وهو كثير الإنتماء إلى الضوء الذي يحافظ على الحركات الملونة ليزرع اسئلة محاطة بمحاولات إعادة نفسه من جديد.

يقول أحمد الصوفي (حمص 1969) في إحدى مقابلاته : “الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح”، وهذا القول يكاد ينبض في…

عبد الستار نورعلي

في الليلْ

حينَ يداهمُ رأسَك صراعُ الذِّكرياتْ

على فراشٍ مارجٍ مِنْ قلق

تُلقي رحالَكَ

في ميدانِ صراعِ الأضداد

حيث السَّاحةُ حُبلى

بالمعاركِ الدُّونكيشوتيةِ المطبوخة

على نارٍ هادئة

في طواحينِ الهواء التي تدور

بالمقلوبِ (المطلوبِ إثباتُه)

فيومَ قامَ الرَّفيقُ ماوتسي تونغ

بثورةِ الألفِ ميل

كانتِ الإمبرياليةُ نمراً..

(مِنْ ورق)

بأسنانٍ مِنَ القنابلِ الذَّرية

ومخالبَ مِنَ الاستراتيجياتِ الدِّيناميتية

المدروسةِ بعنايةٍ مُركَّزَة،

وليستْ بالعنايةِ المُركَّزة

كما اليوم،

على طاولته (الرفيق ماو) اليوم

يلعبُ بنا الشّطرنج

فوق ذرى…

حاوره: إدريس سالم

إن رواية «هروب نحو القمّة»، إذا قُرِأت بعمق، كشفت أن هذا الهروب ليس مجرّد حركة جسدية، بل هو رحلة وعي. كلّ خطوة في الطريق هي اختبار للذات، تكشف قوّتها وهشاشتها في آنٍ واحد.

 

ليس الحوار مع أحمد الزاويتي وقوفاً عند حدود رواية «هروب نحو القمّة» فحسب، بل هو انفتاح على أسئلة الوجود ذاتها. إذ…