كن حكواتيّ نفسك

 
عارف زيرفان
  
كلُّ كائن يولد، يبصر النور في الدنيا، من يوم ولادته، حتى مواراته الثرى، هناك حكاية تتشكل. والحياة ليست أكثر من حكاية. وحكاية حياة كل امرىء مختلفة عن حكاية غيره، سوى أنها تظل حكاية وليس أي شيء آخر.
كن حكواتي حياتك !
كل الآلهة هم ” حكواتيون “، هناك حكاية لهم، إذ يقصّونها لعبادهم، ويوصلونها إلينا عن طريق رُسُلهم.. إن الكتب المقدسة: آفستا، التوراة، الزبور، الإنجيل، القرآن، والكتب الأخرى كذلك، لهي حكايات إلهية، حيث إننا عباد لهم نقرأها، ومن خلالها نسرد أحلامنا وخيالاتنا، ونبصر الطريق لحكاية حياتنا .
لقد كان هناك حكايات قبل ظهور الكتب، حيث كنا نستمع إليها، بعدها أصبحت الكتب حكواتية عن طريق النشر، بعدها أصبحت الصحافة عن طريق الصور حكواتية، وبعدها أصبحت الإذاعة عن طريق الأصوات حكواتية، بعدها أصبح التلفاز عن طريق الأصوات والصور في مقام الحكواتية، وبعدها أصبحت المواقع وشبكة التواصل الاجتماعية حكواتية .
إن حكاية إنسان ما ستكون مؤثّرة إذا تمكَّن أن يقوم بأعمال مؤثّرة ما بين 20-40 سنة، بحيث تكون حركية، ومن 40-60 سنة بالمقابل تكون استراحة آمنة. ومن 60-80، نهاية الحياة، بحيث يجب على المرء أن يقوم بعمل يتضمن حراكاً مرة أخرى .
إن كل الآلهة، كل الكتب المقدسة، كل الأساطير، كل الشعراء، كل الروائيين، كل الأخبار، والمقابلات، كل الأفلام السينمائية، كل الرسّامين، كل كتّاب الدراما، كل المقدمات والخواتم، تتحدث عن حكاية حياتنا الحية. ولو أننا نحن والحياة لم نصبح حكاية أيضاً، لما كان هناك الكتب المقدسة بالمقابل .
الحكاية تتحدث عن حكاية حياتنا في:
شجاعتنا
حربنا
انتصارنا
هزيمتنا
مروءتنا
دسائسنا وحيلنا
خدَعنا المشتركة
صراحتنا
حبنا المشترك
سخطنا
وجودنا وعدمنا *
الترجمة عن الكردية: إبراهيم محمود
*-نقلاً عن موقع www.nefel.com، والكاتب عارف زيرفان  Arif Zêrevan، كاتب كردي، ويقيم في السويد منذ عدة عقود ، وهو من مواليد ” جزيري ” في كردستان الشمالية،ومسئول عن موقع ” .nefel.com “، ويهتم أساساً باللغة الكردية وقواعدها، وله فيها عدة كتب.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…

صدرت الترجمة الفرنسية لسيرة إبراهيم محمود الفكرية” بروق تتقاسم رأسي ” عن دار ” آزادي ” في باريس حديثاً ” 2025 “، بترجمة الباحث والمترجم صبحي دقوري، وتحت عنوان :

Les éclaires se partagent ma tête: La Biography Intellectuelle

جاء الكتاب بترجمة دقيقة وغلاف أنيق، وفي ” 2012 ”

وقد صدر كتاب” بروق تتقاسم رأسي: سيرة فكرية” عن…

كردستان يوسف

هل يمكن أن يكون قلم المرأة حراً في التعبير؟ من روح هذا التساؤل الذي يبدو بسيطاً لكنه يعكس في جوهره معركة طويلة بين الصمت والكلمة، بين الخضوع والوعي، بين التاريخ الذكوري الذي كتب عنها، وتاريخها الذي تكتبه بنفسها الآن، فكل امرأة تمسك القلم تمسك معه ميراثاً ثقيلا ً من المنع والتأطير والرقابة، وكل حرف…