مصطفى أحمد بوتي
سنة 1349هـ، كنت أخدم حضرة الشهيد الكبير والجنَّتي الشيخ عبدالرحمن أفندي. حيث كان يصلي صلاة عيد الاضحى في قامشلوكنا. من هناك مرّت امرأة صحبة عدة أطفال حفاة عراة صُلَّع، وبؤساء، فما كان من حضرة الشيخ إلا أن سألها بلغته العذبة:
-من أين أنتم يا أختاه.
-أتريدون أن نعلِمكم. نحن مهاجرون ومشرَّدون من أرضروم. سنة الثلج الكبير، انهمر علينا ثلج كثيف، وأخفى تحته مدننا وقرانا، وحرّمنا من كل شيء، وبسبب ذلك شُرّدنا ووصلنا إلى هنا.
ومع كلامها، انحدرت دمعات كأنها لالىء من العينين السوداوين،على الوجه المورَّد والمبارَك
-وأنتم يا أخوة، يبدو أنه نال منكم أيضاً.
-نعم، نحن أيضاً ضحايا طوفان الثلج والسيول، سوى أننا مثل الحمامة التي تقفس فراخها من جديد، ورمتنا خارجاً كما نحن.
عليك أن تعلمي يا أختاه، أن الثلح الذي تحوَّل إلى سيل، وقد تساقط لصق الأرجل، يذوب سريعاً، وتصبح جباله سوداء سريعاً، والزهور المنتظَرة تتبرعم سريعاً أيضاً، ونحن نكون تلك الزهور بفضل الله ولطفه. وإن لم تصدّقي، اذهبي إلى وطنك وطوفي فيه، ثم تسلقي القمم والذرى العالية، ودققي جيداً هناك.حينها ستعلمين أن كل ما قلته صحيح، وقلبك المكتوي هذا، والمكسور، سوف يستعيد عافيته، وستصدقين ذلك.
إنما ما الجدوى للأسف،إذ كانت أيام شيخي معدودات، ولم يلحق لكي يبصر سواد تلك الجبال، وشقائق النعمان الطالعة من جديد، والمتبرعمة، ويشبع من رؤيتها، وقد انتقل مفارقاً إيانا، وملؤه آلام وتنهيدات وحسرات، إلى رحمته تعالى.*
مصطفى أحمد بوتي
صحيفة ” هاوار ” العدد 21، 5حزيران 1933
الكتابة بحروف لاتينية أمين ناروزي.
الترجمة عن الكردية: إبراهيم محمود
*-هذا المقال المأساوي، نقله عن كتاب جلادت عالي بدرخان:
Yên ko xizmeta însanityetê kirine, Avesta,Stembol, ç1, 2016, r:27
الذين خدموا الإنسانية، آفستا،ستانبول، ط1، 2016، ص27.