الكمبيوتر هذا الكائن العجيب

محمد قاسم (ابن الجزيرة)
ibneljezire@maktoob.com

لساعات طوال اجلس إلى الكمبيوتر،أكتب مقالاتي..
اقرأ ما في المواقع الالكترونية..
أحمّل الكتب الإلكترونية..
أتصفح المواقع..أنقل منها ما أشاء،وأرسل إليها ما أشاء( مقالات وآراء وملاحظات نقدية..)  كل ذلك وغيره من الخدمات، عبر هذا الجهاز العجيب…
أراسل الأصحاب.. والصحف.. والمجلات..

أستقبل الإيميلات(الرسائل الالكترونية) من مواضع شتى(أصدقاء-مواقع الكترونية
-شركات-إعلانات مختلفة- صورا وأصواتا وأفلاما مختلفة …
وفي الأثناء أستمع إلى صوت المرحومة أم كلثوم :هذه ليلتي وحلم حياتي.. أو فات المعاد ، أو ومرت الأيام ..أو فكروني..أو شمس الأصيل…. أو أستمع إلى  المطرب الرائع ذي الصوت الشجي ،المرحوم محمد شيخو يغني :  أز بومه بيري خم جفين… أي ( أصبحت شيخا  جامعا للأحزان).. أو يغني :  از كجم كجا كردانم   كليلكا سري باغانم(أنا ابنة الكورد،أنا الزهرة التي تزيّن البساتين)
ريحانا رز و جمانم    بيرييي أز أفيندارم(أنا الحبق في الحقول والأنهار أيتها الحلابة أنا عاشق)
وربما :أي فلك بوته ده نالم (أيها الفلك أشكو إليك آلامي وأحزاني) ..أو غيرها من الأغاني  الشجية، عبر ذبذبات صوت رخيم.. وحزين.. وآمِل أيضا..!
أو أستمع إلى  غيرهما من مهرة المغنين والمطربين،بل وإن شئت فيمكنني أن أستمتع واخشع لصوت الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد-المقرئ المصري المشهور، وهو يقرأ آيات من الذكر الحكيم ((  يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم  شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)).ويقال –بالمناسبة- بأنه من أصول كردية.
وعندما ينالني التعب  أيمم نحو سيديه(قرص) فيه فيلم عرس.. أو مادة علمية.. أو مسلسل ما.. قد يكون اجتماعيا.. أو تاريخيا.. أو عرضا لمعروضات فنية.. أو تجارية.. أو لمنتوج صناعي مبتكر نزل جديدا إلى الأسواق أو أو ..الخ.
وفي هذه الأثناء كم يتبادر إلى ذهني عظمة العقل البشري الذي أكرم الله الإنسان به،وهو كما يقول الشاعر:
((إذا  أكمل  الرحمن  للمرء عقله     فقد كملت  أخلاقه ومآربه
يعيش الفتى في  الناس  بعقله   على العقل يجري علمه وتجاربه
يزيد الفتى في الناس جودة عقله      وإن كان محظورا عليه  مكاسبه))
هذه القوة التي أودعها الله الإنسان فكمل إذا اتبعه،واشتط إذا أهمله،وهنا العجب العجاب ،فبالعقل يكمل الإنسان والإنسان يستخدم العقل(العقل قوة قابلة للإهمال و الشطط عندما يقوده الانفعال (غضب-عاطفة حزن-عاطفة سرور وفرح..)، ولكي  لا يقود الانفعالُ، العقلَ،ينبغي تعهد الإنسان العاقل بتربية تعلمه كيف يحافظ على الأداء العقلي لديه- من خلال تفعيل عقله المتدرج في النمو منذ الطفولة الباكرة حتى الشباب المتأخر-إذا جاز التعبير. وفي هذه المعادلة، تكمن الصعوبة في حياة الإنسان.لأنه لا يسهل عليه إهمال الانفعال،يعبر عن هذا المعنى قول الشاعر:
((إذا تفكرت فكرا لا يمازجه   فساد عقل صحيح هان ما صعبا))
ويؤكد على المعنى ذاته الشاعر الفيلسوف علاء الدين المعري-رهين المحبسين:العمى والبيت، فقد كان أعمى ،ولزم لذلك بيته فسمي كذلك،بقوله:
((كذب الظن لا إمام سوى العقل مشيرا في صبحه والمساء
فإذا  ما   أطعته  جلب  الرحمة  عند  المسير  والإرساء))
لست أريد الدخول في بحث عن كنه العقل فلمن شاء ذلك، المراجع كثيرة، ومنها هذا المرجع الذي استفدنا منه كل العبارات بين إشارتي التنصيص.وهو كتاب:العقل والمعايير-أندره لالاند-ترجمة د.عادل العوا – مطبعة الشركة العربية -1966.
الكمبيوتر هذا الجهاز الخارق والذي يؤدي خدمات جليلة للإنسان، وعلى مختلف الأصعدة،هو قلم ودفتر،هو اسطوانة غناء بالصوت والصورة،هو مصدر للكثير من الأخبار أو الصور أو الكتب أو لوحات فنية بأشكالها المختلفة ، أو مصدر كتب مختلفة المواضيع،وهو وسيلة للتخاطب هاتفيا ، أو عبر برنامج يوفر التواصل والتخاطب بالكتابة،وهو بريدك الذي يأتيك من مختلف أصقاع العالم، وينقل بريدك إلى حيث تريد، لا رقابة وعراقيل إذا كنت من بلدان العالم الثالث الذي طبيعة نظمها منشغلة بمراقبة مواطنيها، والتجسس على خصوصية حياتهم، فما بالك بعمومياتها..ولئن نجحت في بعض مراقبة فإنها لا تتوفق في الكثير منها ..! 

 تكتب بخط يدك إن شئت، وإن شئت فبالكتابة المطبعية، بما فيها من إمكانيات التصحيح السهلة، قياسا إلى الآلة الطابعة(الدكتيلو)
وفيها من أنوع الخطوط ما تشتهي، ومن الألوان ما يزين كتاباتك.وإلى هذا وذاك يمكنك أن ترسم، وتعالج الصور في كل اتجاه. وإن أحببت بعض تسلية.. فاذهب إلى منتدى ما وما أكثرها..! أو غرفة البالتوك تشارك الآخرين.. تتبادل الآراء معهم.. أو التعليقات.. أو السماع الجماعي لمحاضرة.. أو غناء.. أو موسيقى بأنواعها المختلفة …!
غريب فعلا هذا الجهاز الذي غير وجه العالم وعلاقاته، ففي بلدك يمكنك الدخول إلى مكتبة تختار من محتواها ما يروقك ، أو تدخل مواقع الوزارات في أي بلد.. تستفهم أمرا.. أو تريد أن توصل أمرا..
هذا الجهاز الصغير القابع على طاولة، أصم لا يسمع؛ إلا إذا شئت ذلك. وأبكم لا ينطق؛ إلا إذا أردت منه ذلك. أخبار وأغاني وعرض صور…الخ وإذا أخطأت دلّك على الصواب في أثناء الكتابة أو نشاط آخر..
لا يأكل سوى بعض طاقة كهربائية،ولا يشرب ولا يستريح..
لا يئن ولا يشتكي ولا يتذمر..قصوى شكواه هو انه إذا حمي كثيرا نبهك إلى ارتفاع حرارته بإشارة ما؛ ولكنه لا يكلفك طبيبا، ولا أجر معاينة تدفعها إليه..فقط بعض استراحة تهدئ أعصابه ويبرد لاستئناف نشاطه..! قلما أحوجك إلى مختص لعلاجه..وقلما كلفك مالا يجهد جيبك..!
صديق كتوم لأسرارك إن شئت..فقط ضع رمزا- كلمة سر – على ما تريد ضبطه.. وكتمه عن الآخرين.. حتى يستعصى على غيرك فتح ملفاتك ..وصديق ثرثار إذا أعطيته إشارة بالبوح فيبوح لك بأخبار العالم كله..تطلع على ما تريد منها وتلغي ما لا يروقك منها..
إنه الكمبيوتر ..الجهاز العجيب والعجيب جدا ولكنه المفيد والمفيد جدا أيضا..!

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…