افين محمد اوسو
أنسدل نور الحياة على طفولتنا ونحن الأجنة الذين ولدنا من رحم نساء كورديات كنا بمثابة جدار فاصل بين حرب تدور رحاها بين حكومة تحاول جعلنا مسدس معطوب الرأس و عائلتي التي تحشي أدمغتنا الفارغة ذخائر وطنية وتعلمنا خلسة لغتنا الأم
خرجت للعالم في أول يوم مدرسي وأنا أتدحرج بحماسي الصبياني دخلت الصف وابتسامة عريضة تشرخ وجهي تعالت واختلطت جعجعة الكلمات ورحت أتخبط بين اللغات
جميعهم كانوا يتحركون كأمواج بشرية خاضعين لأوامر المعلمة لكني الوحيدة بقيت جامدة الحواس، لغتها تقف عند مدخل رأسي يعجز ذهني على إدراك مقصدها حاولت معلمتي بكل براعة تلقيني جملة عربية ، لكن الفشل يحاوطني وأعجز عن ترديدها لم أسلم من نظرات السخرية لتعطيل محرك عقلي طيلة اليوم
مضيت إلى البيت ورأسي يترنح فوق كتفي وذيل الخيبة يجرني، بنطالي مبلل لأني خشيت أن أستأذن دخول الحمام بلغتي ، وأعجز النطق بلغتهم الغريبة عني أترنح بين الأزقة منتشيآ بكثبان من التساؤلات عن هذا الفاصل بين عالمين أي خلل تسلل إلى جهازي العصبي وأجهض تواصلي مع المحيط
كنجمة تسللت سماء الوحدة وتاهت بين مصابيح الفلك عجزت من امساك النوم والصور القاتمة عن المدرسة كوابيس تلاحقني صباح اليوم الثاني يدي الصغير متشعبثآ بما أتي من ضعف بذراع أمي ونحن في غرفة الإدارة هتفت سيدة تجلس خلف مكتبها
سيدتي
أبنتك لا تجيد اللغة العربية فلما تحاربون لقضية مستميتة وأطفالكم أولى الضحايا ما الذي سيأتيكم نفعآ من لغة لا دولة لها ولا هوية
وقفت أمي كصمود سنبلة في وجه بطش المنجل لم تتفوه بكلمة والدموع مهربها وهكذا مضت سنواتي الدراسية أبلع الكلمات دون مضغها في عقلي والفشل الدراسي يضرب بنعله جدار أحلامي
أمي المناضلة نجحت في تسليحي وزرع الوطنية بين مساماتي ورغم نظرات الكراهية لعرقي تمسكت بلغتي ولم تعد سخرية الأصدقاء ل ركاكة تكلمي بالعربي تحرجني لم اتنازل يومآ عن الشريط الملون” أخضر احمر اصفر ” التي كادت تلتحم بمعصمي ألوان علمي وقضية شعبي الكوردي