تعقيب على مقال الدكتورة أفنان دروزة بخصوص التعلم الإلكتروني

  فراس حج محمد/ فلسطين
نشرت جريدة القدس الفلسطينية في عددها الصادر يوم الأحد (17/10/2020، ص13) مقالا بعنوان “التعليم الإلكتروني: النشأة والمفهوم والمشاكل والحلول” للباحثة التربوية أ.د أفنان دروزة، ولي على هذا المقال ملحوظات من واقع عملي في سلك التربية والتعليم، وأمارس مهنة التعليم، معلما أولا، وثانيا مشرفا تربويا، وثالثا مدربا للمعلمين، ورابعا وليّ أمر لطلاب جامعيين، وفي المدرسة:
.1 التعليم الإلكتروني لم يكن وليد العام 2020، قبل نصف سنة كما تقول الباحثة، فقد عرف العالم بشكل عام والعرب وفلسطين التعليم الإلكتروني منذ مدة طويلة، وقد سبق لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن دربت المعلمين على بعض أنشطة التعليم الإلكتروني من خلال برامج نوعية، منها برنامج WLAR، وبرنامج لبنات التعلم مع وحدة التعلم المستمر في جامعة بيرزيت، وبرنامج التعلم الذكي، وسبق أن دربتِ الوزارة المعلمين على دورات عامة إلكترونيه تحت برنامج اسمه (INTEL)، وكان منه دورتان متتاليتان منذ 2008 على أقل تقدير. ويبدو أن الدكتورة التي تعد نفسها خبيرة في التعليم والتعلم في فلسطين لم يكن لها اطلاع على هذه البرامج إطلاقا، وليس لها اطلاع كذلك على الجهد المبذول في المنظمة العربية للعلوم والثقافة أو تلك الخطوات المتقدمة لبعض دول الخليج العربي، وخاصة قطر، ولم يكن لديها اطلاع على الكتب التربوية الحديثة، وخاصة كتب المصطلحات التربوية، وهي كتب مؤلفة قبل جائحة كورونا، وبعضها متاح ومتيسر على الشبكة العنكبوتية مجانا، ويمكن للدكتورة وغيرها الاستفادة منها.
.2 أشارت الدكتورة إلى أن التعليم المفتوح وجد في بريطانيا منذ أوائل السبعينيات، ولم تتطرق من قريب أو بعيد إلى الجهود الفلسطينية في التعلم المفتوح، ووجود جامعة القدس المفتوحة، هذه الجامعة الوطنية التي حققت توفر فرص التعليم لآلاف الطلاب والطالبات وخاصة فئة العاملين والعاملات وربات الأسر، والفقراء ذوي الدخل المحدود. لقد كان لهذه الجامعة الفضل الكبير في توفير تلك الفرص، بما تقدمه من برامج التعليم عن بعد وتوفير تعليم أرخص في تكاليفه المادية سواء في الأقساط أو في حضور المحاضرات، مع نوعية تعليم عالية المستوى، تضاهي بل تتفوق على برامج جامعات محلية وعربية متعددة.
كما أن هذه الجامعة يتوفر فيها وحدة للتعلم الإلكتروني، وهي وحدة متميزة عالميا وعربيا ووطنيا، وأحرزت الجامعة في ذلك قصب السبق، وفازت بجوائز أو تصنيفات متقدمة بفضل تلك الوحدة في التعلم الإلكتروني، ودرّبت محاضريها على استخدام التعلم الإلكتروني قبل الجائحة بسنوات؛ منذ عام 2006، كما وفرت بوابة إلكترونية متطورة.
3.  أشارت الدكتورة أفنان دروزة إلى أن من معيقات التعليم الإلكتروني هو عدم تدريب الطلاب والمعلمين على أدوات هذا النوع من التعليم ومنصاته، وهنا لي ملحوظتان مهمتان؛ إذ يبدو أن الدكتورة دروزة غير متابعة للوضع التعليمي في فلسطين، حيث قامت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية عبر كوادرها المؤهلة لذلك بتدريب المعلمين والمديرين والمشرفين التربويين، على برنامجي ZOOM، وMicrosoft office Teams، بل لقد وفرت الوزارة نسخة مرخصة ومعتمدة من البرنامج الأخير لتكون منصة تعليمية متاحة لكل قطاعات التعليم الفلسطيني بدءا بولي الأمر والطالب وانتهاء بوزير التربية، ووفرت حسابات مجانية للطلاب والمعلمين والمديرين والمشرفين التربويين، ليتمكنوا من ممارسة العملية التعليمية بكل مراحلها بسهولة ويسر، وقد أتمت الوازرة عملية التدريب هذه في وقت قياسي، وانتهت في أوائل شهر أيلول من عام 2020. 
وعلى الرغم من أن هذه المنصة (Microsoft office Teams) سهلة في الاستخدام، وتتيح لأي كان التعامل معها، فهي ليست بحاجة إلى تدريب ابتداء، وإنما إلى توفرها وإتاحتها، وكل ما في الأمر أن هذه الخبرة تكتسب أولا بأول خلال العمل، فقد أصبح العالم كله مثلا يستخدم تلك المنصات، فهل تم تدريب العالم من باحثين ومثقفين ومنظمي الندوات على ZOOM أو Teams أو غيرهما؟
ومع ذلك وحتى لا يحتجّ أحد على الوزارة، ولتكمل دورها على أتمّه هيأت كل العاملين في قطاع التعليم إلى التعامل معها بسهولة، وجعلت وحدات التقنيات التربوية في الوزارة وفي المديريات تحت تصرف طالبي المساعدة لإنجاح العملية التربوية.
4. تسرد الدكتورة عدة مشاكل للتعلم الإلكتروني، وأغلب تلك المشاكل متوهمة في عقل الكاتبة، تفترضها هي ذاتها لتجعل من القسم الثاني من مقالها، ربما، حلولا لتلك المشاكل التي ليست هي في الحقيقة مشاكل أو معيقات لو كانت الباحثة باحثة فعلا ومطلعة على الواقع التربوي في فلسطين والدول العربية. وهذا لا يعني أنه لا يوجد مشاكل في هذا النوع من التعليم، بل له مشاكله التي أبرزتها الكاتبة، وهي مشاكل ملموسة وحقيقية، وليست بخافية على أحد، فالكل يدرك تلك المشاكل ويعيها جيدا، من أولياء الأمور والطلاب وحتى التقنيون والفنيون الخبراء.
5. وأخيرا لم أكن لأشير لهذه الملحوظة لو كان المقال رزينا رصينا، ولكن التقى مع كل هذه الملحوظات التي سردتها آنفا هنات لغوية ونحوية، ولا يحق لباحثة بدرجة بروفسور أن تقول إنني غير متخصصة باللغة العربية، فقد كان بإمكانها أن ترسل مقالها لمدقق لغوي، عدا أنه ليس مقبولا من باحث مهما كان تخصصه أن يقع في أخطاء في اللغة التي يكتب بها، سواء أكانت العربية أم غير العربية. فما بالنا نبيح الخطأ ونتجاوز عنه في لغتنا الوطنية، ولا نسمح لأنفسنا بالخطأ إن كتبنا بلغة أخرى؟
أرجو أن تقرأ الدكتورة أفنان هذه الملحوظات، وتحاول ما وسعها الوقت أن تطلع أكثر على الواقع، بجدية الباحث الرصين، وتأخذها بعين الاعتبار في مقالاتها القادمة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…