رسائل في محرقة الحذف

فراس حج محمد/ فلسطين
(1)
امرأة تحدّثني جنسيّاً لبضعِ دقائقَ
نلعب معاً شهوة افتراضيّة
تداعب عضوها بقليل من المساج اللطيفْ
مع شيء من الوجعِ الخفيفْ
ينزّ منها صوتها
فكأنّها ما زالت تحت فحلٍ عنيفْ
يبتكر العضو شهوته إلى آخرها
فتروي شرشفها بمائها المتدفّق الدافئ 
تتكور تحت الغطاء تشعر بالبرد والخوف
تستجمع بعض قوتها وتكتب:
“احذف رسائلنا لئلا يرانا المتقون”!
أضحك منها ومنّي فما زال في ملابسنا أثر حيّ
فكيف نحذفه كذلك؟
(2)
امرأة أخرى تضرب لي موعداً كيما أراها
في مكان عامْ
تتّقي شرّ من هم عندها من أصدقاء مشاغبين “هكر”!
تتحدّث طوال الليل في كثير من انزياحات اللغة العاطفيّة
نبوح بشيء من قلق حذر
كأنّ مارداً واقفاً على باب الرسائل ينظر فيها
في آخر الليل قبل أن تودّعني تقول:
“احذف رسائلنا لئلا يرانا الخائبون” 
أضحك منها ومنّي
فما زالت النار هنالكَ 
تأكل في الضلوع وتروي بألسنة اللهبْ
فكيف سنطفئ ما تآكل من خلايانا هنا؟
(3)
وامرأة ثالثة أخرى غاضبة
تلعن في رسائلها الأسعار والمتسوّلين والتجار والحكامْ
وتهذي بسيل من شتائمها لغات الله في بحر من الأسودْ
وتذكر أسماءً لأشخاصِ الفساد 
وعندما تصل الحكاية منتهاها، تقول:
“احذف رسائلنا لئلا يرانا المخبرون”
أضحك منها ومنّي
فما زالت الأسعار تأكل من جيوبي 
والسجون تمكث في زوايا البيت
والشوارع مظلمة
فكيف سنشعل شمعة أخرى إذنْ
وننام دون مخافة السجّان في هذا البلد؟
(4)
وامرأة هنا على غير عادتها
أتت تدقّ جداري الأزرق
ومعها نصف حكاية من دينها المبتور 
لا تحبّ الدين إطلاقاً
أخذت تفسر ما تراءى من مشاكلها على نصوص الله
وتشتم “داعشاً” وأصحاب العمائم واللحى
وتقول بكلّ شيء دون خوف من أمير جماعة أو حدّ سيف أو جلدة في السوقْ
أو اتّهام الزندقةْ
تفرغ ما تثاقل من حمولتها وتختم ليلها وتقول:
“احذف رسائلنا لئلا يراها الأنبياء الخائنون”!
أضحك منها ومنّي
فما زالت نصوص الله عامرة بتقواها ونجواها يفسّر بعضها بعضاً على الأهواء من كلّ أميرْ
فكيف إذن سنقوم بقتل الأمراء في الساحة؟
تموز، 2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فراس حج محمد| فلسطين

هذه الرواية من الروايات القليلة التي لم أندم أنني قرأتها، وأنفقت في الاستمتاع بها يومين كاملين، فعلى الرغم من متنها الممتد لأكثر من (350) صفحة، إلا أنها دفعتني للقراءة دون توقف بنسخة إلكترونية، هذا لم يحدث معي سوى في كتب قليلة جداً، أعادتني “صلاة القلق” إلى نفسي قارئا نهماً، قبل أن تصيبني…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

عِلْمُ المَنْطِقِ هُوَ عِلْمٌ يَبْحَثُ في القواعدِ والأُسُسِ التي تُنظِّم التفكيرَ الصحيح ، وتُميِّز بَيْنَ الاستدلالِ السليمِ والاستدلالِ الخاطئ . وَهَذا العِلْمُ آلةٌ قانونية تَحْمِي الذِّهْنَ مِنَ الخَطأ في الفِكْرِ .

يُعْتَبَرُ الفَيلسوفُ اليوناني أَرِسْطُو طاليس ( 384 ق. م _ 322 ق.م ) مُؤسِّسَ عِلْمِ المَنْطِقِ . وَهُوَ…

ماهين شيخاني

قيل إن المخيم لم يُبنَ على أرضٍ عادية، بل على فراغٍ قديم ابتلع قرى وذاكرات.

من يعبر بوابته لا يعود كما كان؛ فالزمن هناك يسير مكسورا، والساعات المعلقة على جدران الخيم لا تعطي التوقيت ذاته، وكأن كل خيمة تعيش في ساعة مختلفة. بعض الناس فقدوا أسماءهم، وآخرون استعاروا أسماء غيرهم. وفي مساءٍ لم يُعرف تاريخه،…

صبري رسول

ولدت الفنانة الكردية السوفييتية سابقاً، في 1945 في قرية ألكز Elegez في أرمينيا. تنحدر من عائلة فنية وطنية غنت أغنيات فلوكلورية مع مجموعة واسعة من الفنانين كمريم خان، سوسيه سموم وآرام ديكران، ١٩٩٧/٢/٢٥ ظهرت بشكل مباشر للمرة الأولى في قناة مد تيفي في 25 شباط 1997 وهي مثقفة ومناضلة، كان اختصاصها في الدراسة…