تشرشل و قصيدة لملاي جزيري

بكر شواني – كاتب و مترجم 
الترجمة عن الانكليزية منال الحسيني
يركز كتاب يوميات الصحفي الكردي المقتول موسى انتر (1920-1992) على الأحداث التاريخية والقص عن عدد كبير من الشخصيات الكردية في القرن العشرين، وكذلك بعض الشخصيات التركية والأجنبية التي كانت لها علاقات مع الكرد وقضاياهم. 
 كان لموسى مطعم في اسطنبول في عام 1956.  في أحد الأيام، رأى شخصين يتجهان نحو مطعمه. 
 عرف موسى الشخصين، أحدهما كان الأستاذ طاهر تانر الذي كان مدرسًا لموسى في جامعة إسطنبول، والثاني كان وزير الخارجية التركي الأسبق نعمان منميجي أوغلو.
الشخصيتان زارتا مطعم موسى عدة مرات خلال أسبوع حيث كان يقدم لهما موسى خدمة جيدة. فيما بعد بنيت و تقوت أواصر الثقة بينهم.
ذات يوم روى أوغلو لموسى قصة:  دعا الرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس الوزراء في المملكة المتحدة البريطانية تشرشل في صيف عام 1943 في زمن الحرب العالمية الثانية إنونو وإياي إلى القاهرة من أجل إشراكنا في هذه الحرب. و لكن روزفلت وتشرشل لم يكونا يثقان بتركيا وعلاوة على ذلك كانا يعتقدان إن هم جهزونا بالسلاح، فلسوف نتحالف مع ألمانيا.
لم يقبل إنونو مقترحاتهم لكن تشرشل وروزفلت حاولا ترويعنا من خلال القضايا الكردية. سأل تشرشل إنونو : هل تتحدث الكردية؟ 
 ارتبك إنونو  ولم يستطع الرد. 
 تدخلت على الفور في مناقشتهم، وقلت إننا لا نستطيع التحدث باللغة الكردية لإنه لا توجد لغة تسمى الكردية في بلدي.
لكن تشرشل كان قد أعد مسبقاً وأحضر معه بعض المستشرقين فسأل أحدهم: هل ما قاله يا سيدي صحيح؟  حينها رد المستشرق: لا يا سيدي. تمتلك اللغة الكردية أدبًا ثريًا. وتابع المستشرق، على سبيل المثال، قرأت قصيدة للشاعر الكردي المعروف ملاي الجزيري. ونحن لم نكن حتى سمعنا هذا الاسم إلى ذلك الوقت، ثم طلب تشرشل من المستشرق أن يترجم  هذه القصيدة إلى الإنجليزية و الفرنسية و التركية.  في الترجمة  الفرنسية  للقصيدة، لم يتم العثور على أي كلمة أجنبية، كانت كلها كلمات فرنسية خالصة، أما في الترجمة الإنجليزية فتم العثور على كلمتين أو ثلاثة كلمات لاتينية ولكن في ترجمة القصيدة إلى التركية، فإنّه باستثناء((Dr و Ele) ) لم يتم العثور على أية كلمات تركية أخرى.  معظم كلمات الترجمة إلى التركية كانت مشتقة من العربية والفارسية وبعض اللغات الأوروبية.
أخيرًا ، وضع تشرشل الصفحة الكردية الأصلية والصفحات الثلاثة المترجمة أمامنا وكأنه كان يريد أن يقول: “عار عليكم”. 
ثم قال: انظروا أيها السادة إلى ثراء اللغة الكردية وأدبها، إنها لغة جزء كبير من سكانكم، لماذا تنكرون هذه اللغة الغنية!؟
في النهاية، قال أوغلو لموسى: إنني لم أر يوما مثل هذا اليوم المحرج خلال عملي كوزير للخارجية التركية.
مصدر المقال: 

المقال  بالانكليزية: 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…