وشوم الشعر Des tatouages de poésie

 
النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود
الرجال ممَّن ينامون على العشب والدفء أمام الشاشة يجلسون صوراً يأكلونها لأنفسهم. ينظرون إلى العالم من خلال نافذة ما يقبَل الحمْل. صلواتهم اللاسلكية مخصصة للتجار فقط. عندما أصبحُ نباتياً ، لا آكل بقرة حانقة. عليك أن تنجو من الفوضى الخاصة بك. جرّاء التعرج عبر الشبكة ، أفقد الطعم والرائحة. أفقد حتى معنى الكلمات. أحتاج إلى الهواء والأمل. أعيش إقامة مؤقتة مع الريح ، أنصب خيمة على اللازورد. أجلس على صخرة مسطحة كبيرة تطل على البحيرة. ينظر إلي مالك الحزين ومخالبه في أحذية دقيقة. مثل بوذا الملتحي أبدو ناسياً صلواته. لقد فقدت دفتر ملاحظاتي ، جيتاري ، صوتي. علي أن أكتب على جلدي، وشمي كلمات على غشاء قلبي. تتحرك العبارات على خطوط يدي. كل إيماءة صمت ، فاصلة ، وقفة في حفلة موسيقى في سيغال.
 الكلمات تتدحرج على الأرض متحولةً إلى حصى. آخرون يطيرون بعيدًا في الفراشات، وأرجل الذبابة ، وتجعيدات الرماد الذي يحوم في الريح. البحيرة تتقاطع مع تموجات مثل غضون جبين رجل عجوز. ومع ذلك فهو مليء بالحيوية مع عزيمة سمك القاروص. دانتيلات الموج تجعل الطوافات ترقص. تكون الريح الهواءَ الحالم بصوت عالٍ. مناقير صغار الطير قرأت لي القصائد. أزهار المياه تتفتح على حافة الشاطئ. التلال تبدو في كل مكان كأنها نساء حوامل على وشك الولادة.
البحيرة هدأتْ ، سكنتْ كفنجان لم يُستخدم من قبل ، تستقر مثل الماء الذي العاجز عن السباحة ، ميزانية مهجورة بأعدادها. في الربيع تنزع الأرض ضماداتها كاشفة عن جروحها. لا أريد الكثير من الأشياء ، أزل ِ الحجر عن ظهري ، أزهرْ قبل أن أذهب ، عنصر الحب الرئيس الذي يعيق الحياة. يدق الفكر بين صدغي مثل جوهر دماغي. تقول الشجرة ما تقوله الريح. بلغة الطائر يكرّرها آخر. الأزهار تذبل كالقلوب الناشفة باحثة عن محبرة ، تقضم الدموع المحتجزة مانع الجفون ، مبلَّلتان على سلك كهربائي. أكتب بكلمات أرضية ، كلمات بشجاعة ، بذراع ، منعلقة مع مجرفة  الأثلام. الرجل يخلع كلماته كما يفكك الموت بإيماءاته. لا يتكلم الشاعر وحده. أنا له ليس ملكه وإنما الجميع. أنا شخص آخر. ينزف ملاك العالم. يستمر جناحاه في قتال بعضهما بعضاً عند الطيران. أذهب ، إحدى يديّ كزهرة في حديقة الجيب ، الأخرى مثل  مجرفة ، مسحاة، قلم رصاص ، وقدمٌ  في الهاوية ، وأخرى في سحابة ، كلمة على السطر، أخرى في الهامش. لغة الغيوم عبْر المطر المنهمر ، لغة الثلج في سقوطه. لا تبصق الآذان الأصوات ، إنما تهضم في صمت. ثمة قلبان في القلب ، ذاك الذي يقاتل، وذاك الذي يعانق. لا يتحرك الطريق أسرع من عربة يد أو شهاب متفجر. من المكوَّر إلى الزاوي ، الخطوط كلها متكافئة. المعنى لا يعدو أن يكون الدخان المنبعث من النار. هناك مجزرة ما في جميع أنحاء العالم ، الاضطراب، أحياء ننسى رش الماء. الدموع المديدة للبشر جزء من الصمت. يحتوي الجلد على كامل الدم من الجروح ، الأزرق من الكدمات. لا يكذب الطفل أبدًا على الأشياء من حوله، إنما تكذب ألعابه عليه بشأن الواقع. أشجار من القيقب تنبض في الحظيرة الخشبية حيث يمشي راعي الظل ببطء. الريح عندما تلعق جنس الشلالات ، فإن الزهور هي التي ترتجف. عندما يحب شخصان بعضهما بعضاً ، العالم جميعاً يكبر. أصوات الأجساد عندما تتناغم حباً تصنع أجمل الموسيقى. عندما أتبع الكلمات ، تأخذني أبعد من ذلك. تجعل الكلماتُ من الإجاص تفاحة جديدة ، من نعش إلى مهد، من عِبارة صورة. إنها تحلم حتى بالحثالة. على سلم شجرة ، أنا الطفل ممَّن يتسلق لاحتضان الشمس *.
*-نقلاً عن موقع lafreniere.over-blog.net، وتاريخ النشر للقصيدة، 26 آب 2013، دون وجود اسم للشاعر، إنما منشورة من جهة لافرينيير، وتقديري الذوقي والجمالي للقصيدة دفعني إلى نقلها عن الفرنسية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…