ذرف القلب دمعتان لسيداي كلش

  سيامند إبراهيم*
 

أصحيح آن وقت الرحيل, أصحيح آن وقت تساقط الأوراق الصفراء, كم نفاجأ برحيل الأحبة, كم نُصابَ بالفواجع و النوائب, كم سنذرف الدموع على قامات الأدب والشعر بشكل خاص, كيف سنوسد هذه الآلام في بحر هذا الزمان المرّ, مرارة التراجيديا التي نغرف من دن علقمها, كم تقف الدقائق, وأنت تتخيل كيف نقضي    سنون العمر في لجة الخيبات التي تشرب من مآقي أرواحنا, تنهش من جسد حياتنا, هذا الوحش الذي يتربص بنا في كل رمشة عين, وهو يسترق السمع إلى جزيئيات عمرنا المتناثر في خيبات حياتنا.
سيداي كلش واحد من شعرائنا الكورد الذي رحل من دون أن  يودعنا, وهو الذي كان واحداً من شعرائنا الكلاسيكيين  بعد الشاعر جكرخوين, كلش الشاعر أمد شجرة الحياة بقصائد وجدانية, ووطنية , أجل قصائده الكردية التي تفوح منها رائحة الحزن, رائحة جبال كردستان, رائحة المرأة المقهورة,أبدع في قصائده الكلاسيكية ينسج للثريا أجمل قصائده وهو يبحر في عمق الحياة الكوردية, يشحن فينا بقية روح تعتاش على بقايا ألمنا الممزوج بريحان القلب الحزين,
كلش الحزين, يا صاحب القلم الرقيق, ستبقى روحك في جنبات قامشلو تسير مع ضحكات أطفالها, ستبقى قصائدك تمتطي صهوة الارتقاء المتقد, كلش أيها الشاعر الرقيق, كيف أنسى الليالي وأيام دمشق الجميلة عندما أتيت وطبعت ديوانك الأول,
كنا نتساءل عن سر هذا العنفوان الكوردي الذي حمل رجلاً يسابق الريح في الوصول إلى العاصمة ونبحث عن مكان آمن ننشر للأجيال قصائد تحمل رائحة النعناع البري, من قلب كلش الرائع, من قلب الفقر, والقمع, وكل شيء حولنا لا تسير بشكل طبيعي.
(كلش) دمعتان ذرفها القلب, ونحن نرى هذا الحضور المتواضع للرفاق, هذا الحضور المتواضع لهؤلاء المثقفين, دمعة للقمع الذي لم يسمح لك ولنا إحياء أمسياتنا بشكل علني, وطن لا تعرف الأجيال الشعراء, لا تعرف لغتها الكوردية, وطن نمنع من ممارسة حقنا الطبيعي في أن نحتفل بالشعر الكوردي بشكل علني, واخيبتاه على هذا التفكير؟!  ونتساءل إلى متى ستبقى هذه العقلية في تهميش وقمع الآخر, في هذا الوطن الذي لا نستطيع أن نشم رائحة الحرية, لكن أتذكر تفاؤلك الرائع, وأنت تشحن في نفوسنا الأمل بشروق روح المستقبل, أصحيح أننا سنرى نسمات تدفئ قلوبنا المتشحة بكثبان اليباب؟  لا ..لن تزوغ الأماني وستشرق الشمس من جديد يا شاعرنا الرائع وستتحقق أمنياتك التي طالما حلمنا بها سوياً.
———- 
رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية في سوريا

عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق.

Siyamend02@yahoo.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…