بيان بمناسبة ذكرى وفاة الشاعر الكردي المعروف ((سيدايي تيريز))

تحل علينا اليوم الذكرى التاسعة عشرة لوفاة الشاعر (تيريز)، ففي مثل هذا اليوم، 23.03.2002، توفي شاعرنا الكبير وارتحل من بين ظهرانينا، ودفن في قريته (كركفتار)، الواقعة شمال مدينة الحسكة، بعد أن شيعته جماهير غفيرة من أبناء شعبنا، وبقافلة طويلة وموكب مهيب، إلى مثواه الأخير، فكان ذلك اليوم يوماً مشهوداً قل نظيره في غربي كردستان ….
    ولد الشاعر (تيريز) عام 1923في قرية نجموك الواقعة غربي مدينة قامشلو، ولما بلغ الثامنة من عمره، درس القرآن الكريم وبعض الكتب الدينية الأخرى على يد الملا إبراهيم الكولي، في قرية سيمتك فوقاني، ثم درس في مدينة عامودا المرحلة الابتدائية في المدرسة الحكومية خمس سنوات، وهناك تعرف على العديد من الشعراء والمثقفين الكرد، مثل سيدايي جكرخوين، قدري جان، نورالدين زازا، حمزة بك المكسي، وغيرهم، وارتبط معهم بعلاقات وثيقة، وكان لهم تأثير كبير عليه، فتوسعت مداركه وتفتحت مفاهيمه، وتنامت أفكاره، وترسخت ميوله القومية، وبدأ آنئذ يقرض الشعر، وكما يقول هو فقد كان أستاذه في كتابة الشعر سيدايي جكرخوين، يستمع إلى ملاحظاته وتوجيهاته، ويسير على هداها، 
وفي تلك الأثناء انضم إلى تنظيم ((خويبون)) المعروف؛ وفي عام 1943، التقى في بيروت بالأمير كاميران بدرخان بك والدكتور نورالدين زازا، وألقى على مسامع الأمير كاميران قصيدة خاصة له، أثنى فيها على الجهود القيمة التي يبذلها هو وشقيقه جلادت في إصدار مجلتي (هاوار) و(ستير)، ملتمساً منهما المثابرة والاستمرار في إصدارهما ونشرهما ….
    في بداية الخمسينات من القرن الماضي، تقرب (سيدايي تيريز) من الحزب الشيوعي السوري وحركة أنصار السلام العالمي، وتعرض بسبب ذلك للاعتقال والتعذيب عدة مرات، وفقد بسبب ذلك الكثير من أشعاره وقصائده؛ ولما اشترت العائلة قطعة أرض زراعية في منطقة عشيرة الجبور العربية، انتقل إليها هو وأسرته ليديرها وليبتعد عن أعين وملاحقات أجهزة السلطة، وما إن اندلعت ثورة أيلول المجيدة في جنزبي كردستان، حتى بادر إلى تأييدها بحماسة شديدة، ونظم فيها وبقائدها الملا مصطفى البارزاني، وبيشمركتها الأبطال أجمل القصائد وأكثرها حماسة، تناقلها الكثيرون، وبلغت شهرتها الذروة، وبقي طيلة حياته مشدوداً إلى وهجها، وملتزماً بنهج قائدها، نهج البارواني الخالد، إلى أن انتقل ليسكن في مدينة الحسكة، عام1972، ويقضي فيها بقية حياته، بين جماهير شعبه والمعجبين بشعره وقصائده، بين أوساط الشعراء والكتاب والمثقفين، وكذلك السياسيين، الذين كانوا لاينفكون عن زيارته ومرافقته على الدوام، حيث كان يتمتع بينهم بمكانة بارزة ومرموقة …
 كان (سيدايي تيريز) يمتلك إحساساً مرهفاً وشعوراً رقيقاً، و على درجة عالية من السليقة في نظم الشعر، فتسيل على لسانه، وفي الحال، موجات متدفقة من الصور الأدبية البديعة على نحو من البداهة العجيبة؛ له ثلاثة دواوين مطبوعة(خلات، جودي، وزوزان)، وكتاب الملاحم والمآثر الكردية، والمولد النبوي الشريف باللغة الكردية، كلها مطبوعة ومنشورة ….
ينوي الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا في الأيام القريبة القادمة تنظيم ندوة افتراضية عن حياة الشاعر(تيريز) ونضاله ونتاجه الأدبي، يتحدث فيها عدد من الشعراء والكتاب والمثقفين …
لترقد روح شاعرنا بسلام، وليتغمده الله بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه، ويلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان ….
 الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا
  23.03.2021

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…