رطانات عمياء

خضر سلفيج
قلبي
الضرير برؤيتك.. مشتعلا بخطاياي
ضائعا في الرحيل الآخر من العمر
أقرأ دمعة الرجاء
لتعيد ترتيب أسفار بَنيكَ
يا أبي ..
كم وضؤوك بالعَتَمة
يا ولدي…
كل فعل يفعلونه قد يكون الأخير، وليس هناك وجه لا يكون على وشك التلاشي،
كوجه في حلم.
للخيبات نبوءاتُها حين نغتَمُّ
تسيلُ على رمق الصبح فيها الملاماتُ
برطانة عمياء
ووطأة واقع لا يني مثل ذلك الذي كان يخيم ليل نهار
على مباهجنا البريئة.
كنت عبرت متاهة الخشية
فهممت بها أحملها
باستنكار غير مفهوم
كان أقرب إلى الندم
كي أعرف أني لست  بغريق
ولم أخشَ مَنْعَهُا.
بللٌ
يجافي شفة التيه
تردد هاجر في اليقين
في العويل الأخير لغيث مالح
وهي تولول:
يا صاحب قلبي وثيابي وفمي
هل من رأى الله في ريق اسماعيل؟
يجيء الكلام يموَّت كل ما حوله
ويقعُ العطش
ثمرٌ يابس يقطُرُ
ويشق مساره عميقاً في الأذى..
من العبث تصور أن يعرف الكتابة ناسٌ
لم يعرفوا الكلام.
عدت إلى طفولتي
كأنني عدت إلى بيتي.
باركت رطوبته ، باركت بئره، باركت فانوسه،
باركت جسدي الهشّ المتألم، باركت الظلمة والحجر.
قد يحدث ما لا أستطيع أن أنساه أو أنقله.
أن أتخيل فجيعة النهر
يحوم حول رأس وعل ميت
عند الفجر المتردد على أسرّتنا المعلقة.
فيما أقودُ الأملَ إلى حُجرةٍ
إلى راحتيك
لن أكابر لكي لا أصرخ أني وحدي
سوف أفتحُ باباً على النهر
أملأ بالسمكِ الحيَّ هذي البيوت
يسأل أولنا بعدنا
إن الجنازة تسبقنا
كي نرتّب ما يحمل الغد فينا
ستقف الأشجار على قدميها
وتسير باتجاه النهر
نحو العتاب الطويل
ها قد تعب الفتى
ولا يقوى
والجنازة تسبقنا
نقتفي كل ما حمل الدمعُ..
إن المدى ضيق
والطريق مفروشة بالوداع
يا كلام الله لا تخدع بالرثاء البخيل
رفقاً بالذي يبقى من عطره القليل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…

ميران أحمد

أصدرت دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع مؤخراً المجموعة الشعرية الأولى، للشاعر الإيزيدي سرمد سليم، التي حملت عنوان: «ملاحظات من الصفحة 28»، وجاءت في 88 صفحة من القطع المتوسط.

تأتي هذه المجموعة بوصفها التجربة الأولى للشاعر، لتفتح باباً على صوت جديد من شنكال، يكتب من هوامش الألم والذاكرة الممزقة، بلغة جريئة تشبه اعترافاً مفتوحاً على الحياة…

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…