الحب حلال ؟!!!

علاء الدين جنكو

سؤال من أوائل ما يتبادر إلى ذهن الإنسان طرحه سواء كان شابا أو فتاة وهو يقف على أبواب مرحلة البلوغ من حياته ، أو ربما جاوزها بقليل …..
هل الحب حلال ؟!!!

وأذكر في هذا موقفا عندما كنت في بداية المرحلة الثانوية ، فقد أصرَّ أحد زملائي على معلم التربية الإسلامية طالبا منه جوابا شافيا لمثل هذا السؤال ، لكن المعلم لم يأخذ سؤاله بالجديَّة !! إذ الابتسامة أحيانا وتبادل المزاح بيننا وبينه كان الأكثر طغيانا على الإجابة !!
ومرت الأيام والسنون ، وأعاد التاريخ نفسه ، ولكن في هذه المرة أنا المعلم ، والذي يسألني طالب في سن مبكر جداً !! وبسؤال أكثر صراحة ووضوحا ، هل الحب قبل الزواج حرام ؟!!
يسألني بطريقة غير عادية ، وكأنه يستنكر الإجابة بنعم مسبقا !!
***
جدلية الحب وملازمته لشخصية الإنسان أمر طبيعي ولا غرابة فيه ، لأن جميع المخلوقات وهبها خالقها غرائز متعددة ، والحب يتربع قمة صدارتها ..
على أن المبرر لهذا السؤال وما يشابهه ، أننا نعيش في مجتمعات الحياة فيها محكومة ومهذبة بضوابط وقواعد متعددة ومتنوعة ، منها العادات والتقاليد ، والأهم منها حدود وأحكام ديننا الحنيف .
أقولها بكل صراحة : إن هذا السؤال لا يُقصَدُ به حب الله تعالى ورسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم ، مع أن حبهما فوق كل شيء ، وكل حب دونهما هلاك وضياع لصاحبه …
كما لا يقصد به حب الوالدين ولا الأعمام والأخوال، ولا الجد ، ولا الزراعة والأغنام ، ولا الأكلات ولا السيارات …
المقصود هو :
ميل الشاب القلبي تجاه فتاة معينة ، سواء كان القصد منه التخطيط لاقتران حياتهما معا في زواج ميمون ، أو كان القصد ، صداقة وزمالة ، يودع كل منهما صاحبه في نهاية الفترة المتلازمان فيه .
وفي كلا الحالتين : هو حب قبل الاقتران بخطبة أو عقد قران أو زواج …
***
الحب نسمة لا يمكن إيقافها
وهو لغة يفهمها الجميع ، وردة يراها الأعمى ، نغمة يسمعها الأصم ، حكمة يدرك المجنون معانيها….
الحب ، مدرسة تعلم منتسبيها كيف يتلذذون بنعيم الدنيا وهم يحملون قلوبا مغلفة بمادة تجذبهم للآخرين ، وتجذب الآخرين نحوهم …
مثل هذا الشعور العاطفي الغازي للقلوب لا يمكن وضع سد لمنع تسلله إلى القلوب ، كما لا يمكن بأي  حال من الأحوال أن يتغير في القلب بعد وصوله إلا بما يناقضه !! وهو ما يفسر في كثير من الأحيان طغيان الحقد والكراهية بعد الحب الشديد !!
إذن :
لو وضع هذا المفهوم للحب في ميزان موقف الشريعة من طاقات الإنسان وحدود إرادته ، لكان الميل نحو الصنو الآخر والشعور بالحاجة لقرب المحبوب والاستئناس به أمر مشروع ، ولا يؤاخذ الإنسان به قطعا ؛ لأنه خارج عن إرادة الإنسان وقدرته في التحكم بتصرفاته عامة ولغة القلب خاصة ..
ولكن :
هذا الحكم لا يبقى ثابتا عندما يتعدى الأمر من الحب كشعور عاطفي –  يتفرد المحب بمعايشته – إلى آثار ونتائج تكون تحت السيطرة ، وفي حدود الإرادة البشرية فعلا وتركاً ..

إذا كان الأمر هكذا فلماذا الخوض في حديث الحب والعشق تكهرب الكثيرين والمتدينين … سأعود ولي معهم شأن آخر !!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…