قراءة في ديوان للعشق أحلام مجنحة للشاعر نصر محمد

ريبر هبون
اختار الشاعر السهل الممتنع أسلوباً ولوناً في قراءته للعالم ومحاكاته للوقت فيها.
ديوان معبأ بالتنهدات الساخنة والإيماءات الكاشفة للوجود الوطن منها للوجود المغترب، وحيث أن الشعر بطبيعة الحال مرتبط بذوق المتلقي يرى فيه ما يراه، الأهم هو بقاءه لوحة تتضمن الألوان بعتمها أو شدة ضوءها، وهكذا يمكن فهم القصيدة ويمكن أن نستدل عليها بما نراه نحن فيها انعكاساً لما في أنفسنا ، حيث استخدم نصر محمد الألفاظ البسيطة الواضحة وابتعد عن التكلف والتعقيد، حيث يصل السلس للجميع ويطرق أبواب المكامن دون استئذان بالطبع لا نستسهل هذا المركب ، الأمر الذي يجب أن نفرق فيه بين الكلام العادي والشعر السهل الداخل للمكامن، حيث لدى الشاعر موهبة عفوية في طور النمو والتألق تغلب على كلماته البساطة وعلى قصائده القصر ،حيث يستعين بالخيال والألم طريقتين لفهم العالم في تبدلاته وتحولاته وتناقضاته فنراه يقول ص29 :
منذ أن أبعدني المطر 
خلف تلك الحدود البعيدة 
مازلت أحلم بعودة قريبة
ربيعية إلى عامودا
-ارتباط الشاعر بالمكان:
المكان بداية تعلق الشاعر بالكلمة والآخرين ، بالحبيبة والأرض، هي نقطة لفهم الحياة بأبعادها المترامية ، وفهم النفس لما يعتلجها من مشاعر وأوهام وأحياناً مفاتيح تساؤل تستدرج المرهف لبعض الحقائق نتيجة ذلك التأمل المستفيض لدقائق التفاصيل التي يتناولها المرء في ساحة التدبر لحياته، من هنا جاء الشعر ليعبر عما خفي فيكشف ويلمح وعلى الآخرين قياس لوحاته تبعاً لما يريدونه في أنفسهم، حيث لا تفارق عامودا لغة الشاعر أينما حل وارتحل وفي هذا مدعاة تفكّر ، لما يكون الشعر حديث الوطن والمرأة ، كونهما امتدادان طبيعيان لألم يتغذى به الشاعر، ليحصد المزيد من اللوعات المصحوبة بالكتابات المتلاحقة.
– الذكاء كوعاء شعري:
يستمد نصر محمد الشعر من الذاكرة والماضي البعيد والقريب، علاقته بالمرأة والأرض وبالقضايا المتمخضة عن تعانقهما علاقة العابد بالمعبود، السجان بالمسجون، هنا يسجن المرهف ذاته بعشقه ووفاءه حتى للوجع في ذروة اشتعاله، لاسيما وإن العلاقة الوجدانية بالأشياء ذات الوقع على النفس علاقة تعتمد على كشف الحياة بما تتضمن من معضلات.
خلاصة:
الديوان مثقل بالعطر، فرصة لالتقاط الحلم ندياً معشوشباً بزغاريد المطر على ثكنات الحنين الندي، واللغة لدى نصر محمد شفيفة كثغر طفل رضيع، مرهفة مرتطمة بإرهاصات الحب والحنين للزمان البعيد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…

 

 

صبحي دقوري

 

حكاية

 

كان “دارا” يمشي في شوارع المدينة الأوروبية كما يمشي غريبٌ يعرف أنه ليس غريباً تماماً. العالم لا يخيفه، لكنه لا يعترف به أيضاً. كان يشعر أنه ككلمة كورديّة ضائعة في كتاب لا يعرف لغتها. ومع ذلك، كان يمشي بثقة، كما لو أن خطواته تحمل وطأة أسلافه الذين عبروا الجبال بلا خرائط.

 

في تلك الليلة، حين…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسْكِي

 

دُرَّةُ البَحْرِ وَالنُّورِ وَالقَمَر

دُرَّةٌ فِيكِ الشَّوْقُ اعْتَمَر

كَيفَ أُدَارِي نَظَرَاتِي

وَأَنْتِ كُلُّ الجِهَاتِ وَالنَّظَر

***

أَنْتَظِرُ أَنْ تَكْتُبِي وَتَكْتُبِي

أَشْعُرُ بَيْنَنَا نَبْضَ قَلْب

بِحَارٌ وَمَسَافَاتٌ وَأَقْدَارٌ

وَحُلْمٌ بَيْنَ أَطْيَافِهِ صَخَب

***

دَعِينِي أَتَغَزَّلْ وَأَتَغَزَّل

فِي عَيْنَيْكِ سِحْرُ الأَمَل

مَهْمَا كَانَ النَّوَى بَعِيدًا

أُحِسُّ أَنَّكِ مَلِكَةٌ لَا تَتَرَجَّل

***

دُرَرٌ فِي بَحْرِي كَثِيرَةٌ

لَكِنَّكِ أَجْمَلُ الدُّرَرِ الغَزِيرَةِ

أَقِفُ أَمَامَ الشَّاطِئِ

لَعَلَّ مَقَامَكِ يَتَجَلَّى كَأَمِيرَةٍ

***

أَنْتِ مَلِكَةُ البَحْرِ وَالجَمَالِ

لَا يَصْعُبُ الهَوَى وَالدلالُ

لَوْ خَيَّرُوكِ…