فرقٌ نوعي بين التجهيل، والجهل البنيوي

ابراهيم البليهي

قبل ثلث قرن كتبت عدة مقالات عن ضرورة تأسيس علم الجهل وفي عام 1995 صدر كتابي (بنية التخلف) وفيه كررت التأكيد على الأهمية القصوى لتأسيس علم الجهل ثم أصدرت عددًا من الكتب تحت عنوان رئيسي هو :
(تأسيس علم الجهل لتحرير العقل)
فظهر من يزعم أنني مسبوق إلى تأسيس هذا العلم ولما بحثت وجدت أنه يشير إلى الكتب التي تتناول أساليب الدعاية والتجهيل والتضليل وهذا ليس جديدا بل هو معروف منذ وُجدتْ المجتمعات وهو يختلف نوعيا عن الجهل بوصفه بنية متوارثة ومقدَّسة ….
إن علم الجهل الذي أدعو إلى الاهتمام به لا يستهدف الحماية من الدعاية والتضليل والتجهيل؛ وإنما يستهدف بالدرجة الأولى تفكيك بنية الجهل المتوارث منذ أقدم العصور بوصفه كيانًا مستحكمًا  يتحكم بالعقل البشري ويَفْصل بين الأمم وهو بنية صلدة ذات صمود تاريخي عميق ….
من ينتبه للأمثلة التي يوردها صاحب المقطع سوف يتضح له أنه يتحدث عن بعض المؤلَّفات التي تتصدى  لكشف المعلومات الكاذبة التي تروجها شركات التبغ وغيرها  حيث يجري حجب العلومات الصحيحة  وهذا تضليل وتجهيل وليس جهلا بنيويًّا عاما ….
إن التضليل معروف وشائع وممارَس منذ أقدم العصور  ومنه الدعايات  التي تمولها شركات التبغ وغيرها وهي موضوع الكتاب الذي يشير إليه صاحب المقطع وهذا ليس عن الجهل كبنية نسقية عامة متوارثة بل عن التجهيل والتضليل بحجب الأضرار وتأكيد سلامة المنتوجات كالتيغ ونحوه …
وقد أوضحتُ الفرق بين بنية الجهل المتوارثة وبين التجهيل والتدليس، فالتجهيل معروف منذ أزمان سحيقة أما الجهل البنيوي فهو الذي يستوجب إنشاء علم لتحليله وتفكيكه وتنوير الناس به وهذا هو الذي سعيت له منذ ثلاثة عقود إنه علم مستحدَث وأنا أول من قال به وقد أوضحتُ الفرق بين  التجهيل في مجال من مجالات الحياة، مقابل الجهل البنيوي الذي تتوارثه الأمم؛ في كتابي ( الإنسان كائن تلقائي)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…

ميران أحمد

أصدرت دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع مؤخراً المجموعة الشعرية الأولى، للشاعر الإيزيدي سرمد سليم، التي حملت عنوان: «ملاحظات من الصفحة 28»، وجاءت في 88 صفحة من القطع المتوسط.

تأتي هذه المجموعة بوصفها التجربة الأولى للشاعر، لتفتح باباً على صوت جديد من شنكال، يكتب من هوامش الألم والذاكرة الممزقة، بلغة جريئة تشبه اعترافاً مفتوحاً على الحياة…

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…