انغماسُكِ بي شهوةٌ إلهيّة [*]

فراس حج محمد| فلسطين

1
المَلَكان اللذان على كتفيَّ 
اقتتلا لئلا أدغدغَ فيكِ الشهوة التي تطفو على جسدي
انتبها مثلي إلى انحناءاتِ جسدكِ الفضيِّ
حسداني لأنّني بشريّ الخلقة والطينْ
والماءُ أصلي واللذة الهائمةْ
حسداني لأنّني أتذوّق طعمكِ البشريَّ،
أقيمُ فيك موائدي،
وأغنّي
ونعلو معاً إلى اللامدى
2
أغراني يميني بالحسنات الكثيرة كي أغضّ الطرْف عن نهديكِ
وردفيكِ
والشفاه المنقوعةِ باللذعةِ الجامعةْ
وكرمة كأسكِ المليئة بالرعشةِ العارمةْ
وصاحبُ الشمال قدّم لي عرضاً سخيّاً بمحوِ سنةٍ من السيئاتِ
وأخرى قادمةْ
إن أنا أطبقتُ عينيّ عنكِ
كففتُ يديّ عن فخذيكِ
وامتنعت عن بلوغ الوطَرْ
ومسحت عن جسدي اضطرامَ شهيّتكْ
3
يا إلهي
كيف أطاوعُ المَلَكين فيها 
وهْيَ الحياةُ والشهوة الظامئة؟
كيف أخالف يا إلهي ما أودعته فيَّ
لأميتَ عن عمدٍ لذائذ روحي
وأطفئَ عقلي
وأكسرَ كأسي
أسحقُ وردة حقلي
أقلعُ أشجاريَ المثمرة؟
فتظمأ روحنا وتخنسُ القوّةُ العائمةْ
يا إلهي
لا تسلّط عليّ ملائكتكَ التي تجهلُني
وتجهل ما بي
وتجهل أنّني سأموت إن لم أكُ فيها- كما كوّنتني- بشراً سويّا
فليتركاني- يا إلهي- أعيش نشأتيَ الأولى الطبيعيّةْ
أقتات على هذا الجمال الإلهيِّ لأعبر حرّاً إليكْ
في داركِ الآخرةْ.
==============
إشارة:
[*] من ديوان “على حافّة الشعر ثمّة عشقٌ وثمّة مَوْت” المعدّ للنشر

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…

إبراهيم سمو

عالية بيازيد وشهود القصيدة: مرافعةٌ في هشاشة الشاعر:

تُقدِّم الكاتبة والباحثة عالية بيازيد، في تصديرها لأعمال زوجها الشاعر سعيد تحسين، شهادةً تتجاوز البُعد العاطفي أو التوثيقي، لتتحوّل إلى مدخل تأويلي عميق لفهم تجربة شاعر طالما كانت قصائده مرآةً لحياته الداخلية.
لا تظهر بيازيد في هذه الشهادة كامرأة تشاركه الحياة فحسب، بل كـ”صندوق أسود” يحتفظ…